دعا رجل الأعمال إبراهيم بن محمد الأفندي، وزارات التخطيط والعمل والخدمة المدنية لتبني فكرة إنشاء معهد عال لإعداد قيادات تتولى تنفيذ البرامج والخطط التنموية التي تنفذها الدولة. وقال في محاضرة له استمرت 3 ساعات أمس ضمن فعاليات طاولة الحوار الأكاديمي بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز بعنوان «كيفية إعداد القائد»، إن القطاعين الحكومي والخاص يعانيان من عدم وجود القائد الإداري، وشرح الأفندي فكرة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم لإنشاء معهد لإعداد القادة عندما كان أميرا لمنطقة مكة، وكيف تم تكوين فريق عمل على مستوى عال من الخبرات والكفاءات بمشاركة أكاديمية واختيار 34 شابا جامعيا لإعدادهم في معهد إعداد القادة عقب الاستعانة بالتجربة السنغافورية باعتبارها تجربة رائدة دوليا. واستشهد بتجارب دولية نجحت في استثمار طاقاتها البشرية وتحويل الإنسان فيها إلى قيادي يدير البرامج والمشاريع المحلية، وقال «إن أولى خطوات إعداد القائد تبدأ بالتربية الصحيحة في الأسرة والمدرسة والشارع والمسجد»، مطالبا بثورة معرفية تربوية في إعداد وتأهيل الجيل الحالي والجيل المقبل الذي ينشأ في ظروف مخالفة لظروف الجيل السابق، مؤكدا أن وجود ما يقارب 9 ملايين عامل من المقيمين في المملكة يعد خللا في التخطيط، كون هؤلاء تصبح لديهم خبرات تراكمية هائلة عندما يغادرون المملكة لا نستفيد منها، مضيفا أن هؤلاء ساهموا في حركة النهضة والتنمية والعمران ونقول لهم شكرا. وأوضح أن الانضباط والجدية أهم متطلبات القائد الإداري الذي نبحث عنه لتأهيله وتوجيهه للمفاصل المهمة في برامج التنمية، مبينا أن فريق العمل لم يستطع الحصول إلا على 34 شابا جامعيا ولم يستطع إكمال الرقم إلى الخمسين شابا، في إشارة لشح المؤهل والمخرج التعليمي الذي من شأنه تطويره وإعداده. وطالب الأفندي بإعادة النظر في مراكز التدريب الحالية التي تخرج آلاف الطلاب دون أن ينخرطوا في سوق العمل، فضلا عن ما تدفعه الدولة من مكافآت للمتدربين ومعونات لمراكز التدريب، إلا أن المخرجات لا تلبي احتياجات السوق حاليا أو احتياجات المرحلة المقبلة، وشخص الواقع بأنه يعاني من حالة ترهل في الجيل الجديد. واستطرد قائلا «إن الأمير خالد الفيصل تبنى فكرة معهد إعداد القادة وهو قرار عكس إدراكه لأهمية بناء الإنسان والاستثمار الأمثل في الشباب، وخلال شهرين سيتم إلحاق أول دفعة تضم 34 قائدا لمشروع وطني ضخم تبناه الأمير خالد الفيصل بدعم عدد من أبرز رجال الأعمال في منطقة مكةالمكرمة منهم عبدالرحمن شربتلي، صالح التركي، عبدالرحمن فقيه، محمد ناغي وعبدالطيف جميل وآخرون، بمشاركة أكاديمية فاعلة من الجامعات، وتم اختيار الدكتور عمر باداود مديرا لبرنامج الأمير خالد الفيصل لإعداد القيادات الإدارية»، وزار فريق العمل سنغافورة واطلع على أضخم معاهد التأهيل والتدريب لديهم لتأهيل أفراد المجتمع من مراحل الحضانة إلى مراحل القمة، وشرح الأفندي آلية الإعداد والاختيار والشروط المنظمة لذلك وأسباب اختيار سنغافورة لاستنساخ تجربتها. وبين أن القادة الجدد ستتم الاستفادة منهم سواء في جهات كالإمارة أو وزارة التربية أو في الشركات الكبرى كسابك والخطوط السعودية أو إلحاقهم في القطاع الخاص لأننا كرجال أعمال جاهزون لاستقطابهم فورا. وعقب المحاضرة، تداخل عدد من المشاركين، وطرح الدكتور زهير السباعي فكرة الضمانات المطلوبة لإيجاد بيئة صالحة للتغيير وبيئة جاذبة للكفاءات الإدارية حتى لا يتم تدريب وإعداد قادة والإنفاق عليهم ومن ثم لا يجدون لهم مواقع في خارطة العمل، ورحبت الدكتورة وفاء اليافي وكيلة كلية الاقتصاد والإدارة بفكرة إعداد قادة للعمل مشددة على أهمية استيعاب الكفاءات الإدارية. وقالت الدكتورة نجاح سلامة وكلية كلية الحقوق «هناك نماذج لبرامج في فن القيادة والتأهيل والتدريب ومؤلفات مهمة»، واستشهدت في هذا الصدد بمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم. وتحدث الدكتور عمر باداود رئيس قسم القيادة بوكالة الجامعة ومدير برنامج الأمير خالد الفيصل لإعداد القادة عن أهداف المشروع والركائز التي تؤدي لإنجاحه، وشرح المراحل التي خاضها فريق العمل ودعم الأمير خالد الفيصل للبرنامج. واستعرضت ذكرى العطاس الطالبة الجامعية معايير اختيار القائد والشروط المحددة لذلك، وركز الشيخ الأفندي في رده عليها، على أن أول الخطوات تبدأ في التربية الأسرية والمناهج، داعيا كل أب وأم وابن وابنة بالنهوض من حالة الاسترخاء، مشددا على أن الحزم والانضباط في التربية مفاتيح مهمة للانتقال إلى التقدم، واصفا تجارب سنغافورة واليابان والكوريا وفنلندا بأنها تجارب عالمية تحولت خلالها تلك الدول إلى دول اقتصادية عظمى. وأكد الدكتور رضا كابلي على أهمية إعداد الشباب القادة في كافة التخصصات والاحتياجات، وأشار الدكتور محمد البنا إلى أهمية الشراكة مع مختلف الجهات الأكاديمية وصولا إلى الاقتصاد المعرفي. وأكد الشيخ الأفندي أن الثورة المقبلة هي ثورة الاقتصاد المعرفي والتحول من الصراع التقني العسكري إلى التقني المعرفي، مستشهدا بتكنولوجيا النانو التي يجب الإعداد لها والتكيف معها في العشرين عاما المقبلة، مطالبا بالتخطيط السليم والمنهجي للمرحلة المقبلة. وقال مازن كتبي من غرفة جدة «هناك استقدام من القطاع الخاص للقيادات الإدارية المؤهلة من خارج المملكة، وهو ما اعتبره الأفندي خطوة تؤكد وجود نقص حاد في القيادات في القطاع الخاص في ظل ثقافة وظيفية في مجتمعنا لا تبحث عن الجدية أو تبحث عن عمل محدد أوساطة بدون طموح جاد»، مشددا على أن المهنة أفضل من الوظيفة بمراحل عدة لكن ينقصنا التأهيل والتدريب الصحيح، مطالبا الشباب بخوض التجارب المهنية الثرية المفيدة على مستوى الوطن. وأعرب الدكتور أيمن صالح فاضل عميد كلية الاقتصاد والإدارة في نهاية اللقاء عن شكره وتقديره للشيخ إبراهيم أفندي لإثراء الحوار بمعلومات وتجارب حية وشرح واف حول برنامج الأمير خالد الفيصل لإعداد القادة، وقال «هذه المحاضرة تأتي ضمن الأنشطة استمرارا لنهج الكلية في دعم البحث العلمي، إلى جانب المشاركة في تنفيذ الخطط والاستراتيجيات الموضوعة في إطار البرامج التي تنفذها جامعة الملك عبدالعزيز، إذ سبق أن استضافت لقاء على طاولة الحوار الأكاديمي عددا من المسؤولين والمختصين من الشخصيات البارزة لمناقشة عدد من القضايا المحلية والاجتماعية والاقتصادية وتقديم رؤى حولها». وفي نهاية الحفل قدمت الدروع التذكارية للمشاركين، وأدار اللقاء الدكتور خالد ميمني رئيس قسم الموارد البشرية بحضور عدد من المسؤولين والمختصين، ونقلت المحاضرة عبر الدائرة التلفزيونية لشطر الطالبات.