تعتبر صحة الأسنان جزءاً لا يتجزأ من صحة الجسد ككل، والمصاب بداء السكري يكون أكثر عرضة لمشاكل الأسنان واللثة أكثر من غيره، لذا يعتبر الاعتناء بالأسنان ضرورياً جداً لمرضى السكري وواحداً من المسارات المهمة للتعامل مع داء السكري، سواء كان من النوع الأول أو من النوع الثاني، فعندما ترتفع نسبة السكر (الجلوكوز) في الدم فإن الجسم يحاول التخلص منه عن طريق البول، لذلك تزيد عملية إدرار البول وبالتالي يفقد الجسم السوائل ويشعر المريض بالعطش والجفاف في الفم، ومن هنا تبدأ المشاكل بالظهور. عن مشاكل الأسنان المتعلقة بمرضى السكري تحدث ل (عكاظ) الدكتور مهدي تورس استشاري علاج الجذور، ورئيس مركز طب وجراحة الفم والأسنان بمستشفى المركز الطبي الدولي بجدة.. ما المخاطر التي قد يمثلها مرض السكري على صحة الفم والأسنان بشكل عام؟ مريض السكري يعاني من ارتفاع نسبة السكر في الدم، وبالتالي يحاول جسم المريض التخلص منه بفقدان السوائل عن طريق البول، وبالتالي يشعر المريض بجفاف في الفم، الأمر الذي ينتج عنه العديد من المشاكل مثل (تسوس الأسنان، أمراض اللثة والأنسجة الداعمة للأسنان، خلل في عمل الغدد اللعابية، التهابات فطرية، عدوى وتأخر في التئام الجروح، اضطراب في حاسة التذوق). متى يتوجب على مريض السكري زيارة طبيب الأسنان؟ قد يؤدي إهمال مريض السكري لصحة أسنانه إلى العديد من المشاكل، لذلك أؤكد على أهمية الزيارة الدورية لطبيب الأسنان، خاصة عند ملاحظة احمرار أو نزيف في اللثة أو التهابات فطرية، كما يجب الانتباه إلى أن الرائحة الكريهة المستمرة في الفم دليل على وجود مشكلة، وعلى المريض سرعة زيارة الطبيب الذي سيقوم بالفحص الشامل للفم وتشخيص المشكلة وإعطائك العلاج المناسب والنصيحة الطبية عن كيفية العناية اليومية بأسنانك. هل هناك علاقة مباشرة بين مرض السكري وأمراض اللثة؟ نعم، والعلاقة متبادلة، فكلاهما قد يؤدي إلى الآخر، فأكثر الناس عرضة للإصابة بأمراض اللثة هم مرضى السكري، كما أن أمراض اللثة المزمنة تشكل خطراً كبيراً للإصابة بداء السكري. حيث تتسبب أمراض اللثة في دخول البكتيريا إلى الدورة الدموية للجسم ليقوم جهاز المناعة بمحاربة البكتيريا ومخلفاتها السامة، ومهاجمة خلايا الجسم نفسه بالخطأ ظنا أنها خلايا بكتيرية غريبة على الجسم، ومن هذه الخلايا التي قد تتضرر في الجسم تلك الموجودة في البنكرياس، حيث إنها المسؤولة عن إنتاج الأنسولين. وفي هذه الحالة قد يصبح من يعاني من أمراض اللثة معرضاً لخطر الإصابة بالسكري بطريقة غير مباشرة، حتى لو لم يعان طلية حياته من أعراض المرض. ما أبرز المشاكل التي تصيب اللثة؟ غالباً ما تبدأ أمراض اللثة والأسنان بتكون طبقة البلاك، وهى عبارة عن بقايا الطعام المختلطة باللعاب والبكتيريا، وتتراكم هذه الطبقة على اللثة في المنطقة الملاصقة للأسنان، وتعمل البكتيريا الموجودة في طبقة البلاك على التهاب اللثة، مما يجعلها تبدو حمراء ومؤلمة وسريعة النزف، فإهمال علاج التهاب اللثة يمكن أن يؤدي إلى التهاب ما حول الأسنان، مما يسبب انسحاب اللثة على الأسنان وتكون جيوب بينهما تمتلئ بالبكتيريا وبقايا الطعام والصديد، مما يزيد من المشكلة ويعمل على توسيع الجيوب وفقدان الأسنان، كما أن إهمال الحالة قد يؤدي أيضاً إلى تآكل عظام الفك، وبالتالي ضعف الأسنان وسقوطها. كيف يمكن لمريض السكري تجنب الإصابة بأمراض اللثة والأسنان؟ من أهم الأمور الواجب على مريض السكر اتباعها، التحكم في نسبة السكر في الدم والعناية بنظافة الأسنان واللثة والامتناع عن التدخين، وبالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون أطقم الأسنان الصناعية فيتوجب عليهم تنظيفها يومياً في حالة استخدامها. وفوق كل ذلك، فإن الزيارة الدورية لطبيب الأسنان (يفضل كل 6 أشهر) تلعب دوراً كبيراً في الوقاية من الإصابة بأمراض اللثة. ما أهمية الغدد اللعابية لصحة الفم والأسنان؟ الغدد اللعابية هي المسؤولة عن إفراز اللعاب الذي يعمل على غسل الفم وتخليصه من جزيئات الطعام الدقيقة، كما أنه يلعب دوراً هاماً في المحافظة على رطوبة الفم، ونقصه يساعد على نمو البكتيريا. وعندما نتحدث عن مريض السكري بالأخص فيعتبر جفاف الفم حالة مرضية شائعة الانتشار، وهو ما يؤدي إلى تضرر أنسجة الفم الرقيقة، وعادة ما يؤدي إلى الإصابة بآلام شديدة نتيجة لالتهابها وتهيجها، كما أن له دوراً كبيراً في زيادة فرص الإصابة بتسوس الأسنان والتهاب أنسجة اللثة الداعمة لها. كيف يتغلب المريض على مشكلة جفاف الفم؟ من أجل التغلب على هذه المشكلة يقوم الطبيب بوصف بدائل تساعد على إفراز اللعاب والتي من شأنها تخفيف شدة جفاف الفم، وفي بعض الحالات ننصح المريض بغسل الفم باستخدام غسول يحتوي على الفلورايد، أو استخدام علاج موضعي معين لتزويد الفم بالفلورايد للمساعدة على تجنب الإصابة بتسوس الأسنان الشديد، كما ننصح بشرب كميات كافية من الماء لزيادة إفراز اللعاب. ما سبب تسوس الأسنان لمرضى السكري؟ إن داء السكري كمرض مزمن يصنع ظروفاً تهيئ الميكروبات الطبيعية في الجسم لتصبح ميكروبات انتهازية، ومع ضعف الجهاز المناعي فإن البكتيريا تستهلك المواد السكرية الموجودة في الفم مكونة أحماضاً تعمل على انحلال مينا وعاج السن، مما يؤدي إلى فقدان الكالسيوم والفوسفات، فيظهر التسوس على شكل حفرة صغيرة تنمو حتى تأتي على السن بالكامل، وعندما تصل إلى لب السن يلتهب العصب ويموت لب السن ويتعفن وبعدها يظهر خُراج مملوء بالصديد. ما الأمور التي يتوقعها مريض السكري من طبيب الأسنان خلال زيارته له؟ وهل يجب عليه إخبار الطبيب عن حالته الصحية؟ بمساعدة مريض السكري سيتمكن طبيب الأسنان من أن يكون على أتم استعداد لتوفير ما يحتاجه المريض من عناية وعلاج، حيث إن لمرضى السكري احتياجات خاصة لا بد من توفيرها، لذلك فعلى مريض السكري أن يخبر طبيب أسنانه عن أية تغيرات أو اضطرابات في حالته الصحية وأيضاً عليه إخباره عن الأدوية التي يأخذها، هذا بالإضافة إلى تأجيل أية عمليات غير طارئة للأسنان إذا كانت نسبة الجلوكوز غير مستقرة في الدم. ما علاقة الالتهابات الفطرية في الفم بمرض السكري؟ يحتوي الفم وبشكل طبيعي على بكتيريا وفطريات، وعندما يكون جهاز المناعة في الجسم سليماً والمريض يحافظ على نظافة فمه وأسنانه فإن هذه البكتيريا والفطريات تظل غير مؤذية، ولكن عند حدوث اختلال في جهاز المناعة فإن هذه البكتيريا والفطريات تهاجم الجسم تلقائياً. إن الالتهابات الفطرية تحدث بشكل كبير لدى مرضى السكري والمدخنين، حيث يخلق نقص اللعاب وازدياد السكر فيه بيئة مناسبة لتكاثر الفطريات والتي تظهر على شكل بقع بيضاء، ومع الوقت تصبح مؤلمة ومتقرحة، وقد تظهر هذه البقع على اللسان فيصبح اللسان مؤلماً مما يجعل عملية البلع مؤلمة وقد تتأثر حاسة التذوق لدى المريض. عند زيارتك لعيادة طبيب الأسنان سوف يقوم بوصف أدوية مضادة للالتهابات الفطرية ولا ننسى أهمية العناية اليومية بصحة الفم والأسنان بغسلها وتنظيفها.