قال الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إن أعظم نعمة من الله بها على عباده، نعمة الإسلام الحق الذي اشتمل على مقاصد عظيمة، تهدف إلى حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال وتحقيق المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، ويسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار للأفراد والمجتمعات. وأضاف: أكد الاسلام على لزوم الجماعة والبيعة الشرعية والسمع والطاعة لولاة أمر المسلمين بالمعروف، والاعتصام بحبل الله جميعا ونبذ التفرق والاختلاف والانقسام والتشرذم، والتحزب والتعصب، والارهاب والتطرف، ومن فضل الله هذه البلاد المباركة أن نهجت هذا المنهج الحق، فمنذ تأسيسها الأول، وهي تلتزم العقيدة الصحيحة السليمة وتحكم الكتاب والسنة، وتسير على منهج السلف الصالح في دعوة إصلاحية فريدة، حققت الفهم الشمولي للإسلام، وسار الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز على هذا النهج القويم وتعانق القرآن والسلطان في منظومة فريدة متألقة ونسيج اجتماعي متميز. وقال د. السديس: جاء الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله، ليؤكد تميز هذه البلاد وخصوصيتها وكونها جماعة واحدة رعايتها ورعيتها على قلب رجل واحد لم تفرقها الجماعات ولم تقسمها الأحزاب والطوائف والانتماءات، وأتى بيان وزارة الداخلية ليكون ترجمانا فعليا وتطبيقا عمليا لمضامين الأمر الملكي الكريم ودلالاته السنية، ويعكس صورة مشرقة للمنهج السعودي وثوابته الأصيلة، فلهذه البلاد المباركة في عنق كل مسلم فضلا عن أبنائها يد سلفت ودين مستحق فهي قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم وفيها الحرمان الشريفان، موئل العقيدة ومأرز الإيمان. لقد جاء البيان غير مستغرب على وطن التوحيد والوحدة، وليعلن بصوت جهوري أن العقيدة الإسلامية الصحيحة لا مساومة عليها ولا مزايدة بركوب موجات الالحاد والتشكيك بالثوابت ويرسخ البيعة الشرعية لولي الأمر المعتبر، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)، وعدم الانخداع ببيعات غير شرعية لأحزاب أو تنظيمات أو تيارات تخدم أجندات سياسية خارج هذه البلاد المباركة، ويؤكد أن أمن الوطن واستقرار المجتمع خط أحمر لا يمكن تجاوزه مهما كانت المسوغات، كما جاء هذا البيان ليحمي شباب المملكة الذين استغل بعضهم -مع شديد الأسف- في تنظيمات وأجندات خارجية تجرهم بإسراع إلى بؤر الصراع ومواقع الفتن بدعاوى عريضة لا زمام لها ولا خطام، فهو بيان رحمة وشفقة وأبوة حانية، وولاية حادبة على أبنائها وإتاحة الفرصة لهم أن يعودوا إلى رشدهم ويحاسبوا أنفسهم ويفيئوا إلى مجتمعهم ولا يصغوا آذانهم ويسلسوا قيادهم ويسلموا عقولهم لشبه المغرضين والمرجفين وشائعات المضلين والمحرضين، ويراجعوا أنفسهم ويعودوا إلى بلادهم ومجتمعهم ويسعهم ما وسع علماءهم الراسخون، وهنا يحذر المواطنون من التعاطف مع الأجندات الخفية والجماعات الارهابية، لقد أقام هذا البيان الحجة وأوضح المحجة في بيان وحدتنا الدينية ولحمتنا الوطنية وأكد منهجية الدولة في الاعتدال والوسطية، والإسلام بشموله وكماله وعالميته أسمى من أن يختزل في مفاهيم حزبية أو مسالك طائفية، قال تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة). لقد جاء هذا البيان بلسما للجراح وصمام أمان وطوق نجاة وسيكون له بإذن الله أثره البالغ في إطفاء نار الفتن والخروج من المحن، وحفظ أمن واستقرار هذه البلاد، وإننا لنؤمل من الجميع التجاوب المشكور والتفهم المعهود المذكور لمضامين هذا البيان والالتزام به وأن نكون يدا واحدة وصفا واحدا مع علمائنا الربانين وولاة أمرنا الميامين، كما قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وبعد هذا البيان لم يبق عذر لمعتذر، ولا شبهة لمتأول وقد آن الأوان مع هذا الاستهداف الخطير لأمننا واستقرارنا ووحدتنا وبعد هذه المهلة الكافية والبيان الشافي أن نلتزم جميعا مضامين هذا البيان الموفق وأن تضبط مصادر التلقي والفتوى في المرجعية المعتبرة حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها وتذوق الأمة مرارة الخلاف والتحزب والانقسام، وإننا لمتفائلون في أن يكون له الصدى الواسع وأن يلقى القبول والتأييد بإذن الله.