يحذر إمام وخطيب جامع اللحيدان بحي شرق المجمع بحائل حسين بن غنام الفريدي، عبر خطبته، من التعصب واحتقار الآخرين لما ينشرانه من بغضاء وأحقاد، وما يسهمان به من رفع للشعارات المقيتة، وتعدد للحزبيات وإحداث الفرقة، ونشوء التناحر والقطيعة، وإضعاف القوى، إذ أن الفخر والعزة المفاضلة بين الناس تكون بطاعة الرحمن والإيمان، وفقا لقول الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) لا باحتقار الآخرين. ويذكر أن الاحتقار سببه فلتات الألسن، ووسائل الاتصالات الحديثة التي يسرت انتشارها، إضافة إلى بعض المجالس والمنتديات، كما يسهم بعض الشعراء في تأجيجها تسعير نارها كلما خبت، محذرا من الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب، قائلا تأصل ذلك فيمن رق إيمانه، وضعف يقينه، وطمس على قلبه، كما جاء في قول الله تعالى في ذم الحمية لغير الدين: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية)، وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية»، وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد»، وحديث ثالث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى». ويبين أن قول الله تعالى: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، وليس لتتفاخروا، إذ حسمت الآية ذلك عبر ثلاث ركائز، أولاها أن خلق الناس من أصل واحد، وأن تعدد القبائل هدفه التعارف، وأن التفاخر والميزة يكون لأهل التقوى وفقا لقول الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). ويلفت إلى أن تأصيل هذا المبدأ يخمد النزاع والخصومات ويعزز من الألفة والتعاون، ويرفع لواء التقوى، وهذا المبدأ هو الذي اعتمده الإسلام لإنقاذ البشرية من العصبية. وطالب بالتأصيل في النفوس قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة)، إذ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية». ويشير إلى أن احتقار الآخرين والحمية لغير الدين توقع المرء في الغيرة لغير الله، كما يتسبب في ظلم العباد ورد الحق والانتصار للباطل. محذرا من وساوس الشيطان، لتفريق الشمل، مطالبا بالتمسك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان».