جاءت تعاليم الشريعة الغراء لتؤكد على حماية الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وأطرت ذلك بنصوص من القرآن الكريم، والسنة النبوية لا تخفى على الكثيرين، وخاصة ما يتعلق منها بحماية الأعراض. ولأن الحال كذلك؛ فمن المفترض أن تسن القوانين الرادعة للقضاء على ما يمس أعراض الآخرين، وخاصة الأطفال منهم والذين تزايدت حوادث التحرش بهم خلال الآونة الأخيرة، وتناقلت وسائل الإعلام أخبارها، بدءا بمختطف الأطفال ومغتصبهم بمحافظة جدة، مرورا بالمتحرش بأحد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بإحدى دور الرعاية، وانتهاء بالمتحرش بطفلة المنطقة الشرقية! وعلى الرغم من انتهاء دراسة نظام مكافحة (التحرش) بمجلس الشورى السعودي بعد سنوات من الانتظار، إلا أنه من المتوقع أن يمر بمراحل عدة لحين إقراره بشكل نهائي، وهذا بلا شك سيرفع من احتمالات تزايد جرائم التحرش، خاصة أنه لا يوجد في الوقت الحالي نظام يجرم التحرش، وهو ما أشار إليه عضو المجلس الذي أكد أن هذا النظام هو الأول من نوعه لمثل هذه القضايا في السعودية، وهو ما يفرض تعجيل اعتماده لردع المتحرشين وإيقافهم، والعمل على الحد من الأرقام المعلنة لحوادث التحرش، والتي أكدتها دراسات محلية حديثة أوضحت أن 25% من أطفال المملكة تعرضوا للتحرش، وأن طفلا من بين (4) أطفال تعرض للتحرش في وقت من الأوقات، وأن 82% من قضايا التحرش بالأطفال تحدث في بيئات آمنة. وفي ظل هذه الأرقام المهولة، وغياب القوانين المتعلقة بالتحرش ضد الأطفال وبطء التشريعات التي لها مساس بالطفل والمرأة والأسرة، وخضوعها للعبة تيارات يكون ضحيتها المجتمع، وهو ما أشارت إليه إحدى عضوات مجلس الشورى التي انتقدت كذلك غياب التشريعات المتعلقة بمكافحة التحرش مقارنة بدول متقدمة جدا في هذا المجال؛ فإن الواقع يفرض الاستعجال باعتماد نظام مكافحة التحرش بالأطفال والنساء، وتطبيقه دون هوادة، وهو ما سيسهم في الحد من هذه الاعتداءات المؤلمة التي ستبقى آثارها طيلة حياة ضحاياها. كلمة أخيرة: دول عدة تعاقب المتحرش بالتشهير وعقوبات صارمة أخرى، وهو ما يفترض أن يعاقب به كل متحرش ليكون رادعا لغيره، لأن عقوبة التشهير أثبتت فعاليتها في الحد من هذه الجرائم!