أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل، والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبة الجمعة من المسجد الحرام أمس: «الأيام والفصول والأعوام أيام الله وسننه تتعاقب على أهل الدنيا، فسبحان مصرف الشهور ومقلب الدهور، له المشيئة النافذة والحكمة البالغة والعبرة الغالبة، القلب الحي، والمؤمن اليقظ يعتبر بما يراه من أيام الله وآياته في كونه وخلقه (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار)». وأضاف: «إن من التفكر والتذكر ومواطن الاعتبار والمسابقة إلى الخيرات ما تستذكرونه من اشتداد المؤونة على إخوان لكم، قريبين وبعيدين، تزداد عليهم الكلفة بسبب الحاجة أكلا وشربا ولباسا ومسكنا وتدفئه»، وتابع: «إذا جلستم جلسات أسرية ومسامرات أخوية بمطاعمكم وتدفئتكم وحسن مجالسكم أدام الله عليكم نعمه وأمنه، فتذكروا أسرا ترتعد فرائصهم، مزق البرد أوصالهم وأسالت الرياح دموعهم وجمد الصقيع جلودهم وشيوخا وأطفالا ونساء، وكيف بمن اجتمع عليهم فقد الأهل والوطن وعدم المأوى والكساء، رحماك، رحماك يا ولي المستضعفين ويا ناصر المكروبين، وإن المسلمين جسد واحد في تكافلهم وسد حاجاتهم، فأمدوهم بما أفاء الله عليكم وأفاض من فضول أموالكم ومتاعكم وأثاثكم، تفقدوا الأرامل والمساكن من حولكم، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة». وأبان إمام المسجد الحرام أن من ميادين التفكر ومواطن الاعتبار اختلاف الفصول وتعاقبها من صيف وشتاء وربيع وخريف وحر وقر وغيث ودهر، وقال: «شتان بين من يتلذذون بالتلاوة والذكر والدعاء والمناجاة والصيام والقيام، وبين من يبيت غافلا لاهيا ساهرا ناسيا كأنه قد نسي يوم الحساب، وشتان شتان بين أقوام يبيتون لربهم سجدا وقياما قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ويتذكر بالشتاء زمهرير جهنم، شتان بينهم وبين أقوام آخرين غافلين وفي السهر القاتل غارقين يقطعون الليل الطويل في سمر مهلك، مشتغلين بما لا يحل من مسموع ومقروء ومشاهد فيا لخسارة الغافلين ويا لندامة المقصرين». ومن جهة أخرى، قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي: «إن عز العبد في عبوديته لربه عز وجل، وقوة المسلم في توكله عليه سبحانه وتوجهه إليه بالدعاء ورفع حاجاته كلها إليه تعالى»، مشيرا إلى أن فلاح المسلم يكون في إحسان الصلاة، وسروره في بر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الخلق، والطمأنينة في الإكثار من ذكر الله، ولفت إلى أن انتظام أمور الإنسان واستقامة أحواله رهن بالأخذ بالأسباب المشروعة وترك الأخرى المحرمة، مع تفويض الأمور كلها للخالق المدبر سبحانه وتعالى وإنجاز الأعمال في أوقاتها بلا تأخر ولا كسل، وخسران العبد وخذلانه في الركون إلى الدنيا والرضى بها ونسيان الآخرة والأعراض عن عبودية الرب، مستشهداَ بقول الله تعالى «إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون». وذكر الحذيفي أن الله أعطى العبرة في تاريخ الأمم الماضية، حيث أعطاهم الله طول الأعمار وجرت من تحتهم الأنهار وشيدوا القصور، وتمتعوا بقوة الأبدان والأسماع والأبصار، ومكن الله لهم في الأرض وسخر لهم الأسباب، فما أغنى عنهم ما كانوا فيه من القوة والنعيم، ولا دفعت عنهم الأموال والأولاد البلاء عندما عاقبهم الله على كفرهم، وحذر من الغرور بالحياة الدنيا وطول الأمل. وفي نهاية الخطبة، دعا الشيخ الحذيفي الله أن يوحد صفوف المسلمين ويحفظ بلادهم من كيد الأعداء وأن يغيث البلاد والعباد.