كشفت دراسة نفذتها مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع شركة برايس وترهاوس كوبرز، وبرعاية صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، أهمية التكامل الإقليمي في معالجة قضية البطالة في الوطن العربي الذي يعنى بتنفيذ مشاريع تعاونية بين الدول العربية للوصول لتكامل اقتصادي وسياسي واسع النطاق كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي. وبلغت نسبة المؤيدين للدراسة 88 % من الشريحة التي استهدفتها الدراسة في 20 دولة عربية، فيما رأي المشاركون أن التكامل الحالي غير فعال داعين لضرورة تفعيلة، الأمر الذي سينعكس إيجابا على اقتصاد المنطقة العربية ككل كونه يتيح للدول العربية سهولة التصدير والاعتماد على مجموعة أكبر من المواهب. فيما أبرز التقرير الذي تم إطلاقه وعرض أهم مخرجاته ضمن أعمال مؤتمر الفكر العربي ( فكر 12 )، أن المنطقة العربية تتطلع إلى القطاع الخاص للعب دور ريادي بارز في تحفيز النمو الاقتصادي الذي يفضي بدوره إلى خلق فرص العمل للشباب، مشيرا إلى أهمية دعم الحكومات لمنشآت القطاع عبر تخفيف القيود أمام الشركات التي تعمل في جميع أنحاء المنطقة للعمل دون عوائق. وأبرز التقرير الذي جاء بعنوان ( استحداث فرص عمل جديدة في الوطن العربي ) أهمية هذا المشروع الذي يتطلب جهودا مشتركة بين القطاعين العام والخاص، حيث أشار مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم آل معيقل إلى أهمية التقرير الذي يعد أولى ثمار مؤتمر الفكر العربي في دورته الثانية عشرة لتحديد الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل في الوطن العربي لاسيما في ظل تنامي أعداد الخريجين من جميع مراحل التعليم وظهور تغيرات وتطورات كبيرة في التركيبة الفكرية والذهنية للأجيال الشابة، مقابل نقص الفرص الوظيفية الملائمة، الأمر الذي أدى إلى تضاعف أعداد الباحثين عن العمل في الوطن العربي الذي يواجه تحديً كبيرا يتمثل في توفير 80 مليون فرصة عمل بحلول عام 2020م، فمعدل ( واحد من كل أربعة عرب يعتبر عاطلا عن العمل ) الذي يعد من أعلى معدلات البطالة على مستوى العالم. وبين مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر أمس في فندق الرتيزكارلتون بمدينة دبي حجم الجهود التي قامت بها منظومة العمل في المملكة والمتمثلة في وزارة العمل ومؤسساتها الشقيقة؛ صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، خلال السنوات الماضية لتنفيذ إستراتيجية متكاملة لتقليص البطالة، واستحداث فرص عمل جديدة للشباب، وذلك وفق منظور استراتيجي متكامل تتضافر خلاله جميع الجهود لتطوير سوق العمل، وتعزيز القدرة التنافسية لتنمية الاقتصاد الوطني، لتكون إطارا مرجعيا لمعالجة قضايا القوى العاملة والتوظيف في البلاد وفق أسس منهجية وعلمية متكاملة، ورؤية واضحة لتحقيق الأهداف المنشودة. حيث أطلقت أكثر من ثلاثين مبادرة تنطوي على مئات البرامج والمشاريع التي تتكامل مع بعضها البعض بشكل متناغم مما يعظم الفوائد ويقلص الفجوات والتداخلات والهدر والازدواجية، حيث أوضح آل معيقل أن نتائج هذه المبادرات أسفرت ولله الحمد عن مضاعفة أعداد الداخلين إلى سوق العمل وخاصة من النساء وإتاحة الفرص الوظيفية لهن في كل المجالات ونشر ثقافة العمل الحر وثقافة العمل في المهن والحرف وتمكين المواطنين من الفرص الوظيفية المناسبة وتصحيح تشوهات سوق العمل. وأكد أن المملكة جادة في سعيها لتكثيف الجهود لخلق مزيد من فرص العمل للشباب، وذلك من خلال مشاركتها في مؤتمر الفكر العربي اليوم الذي يجمع نخبة من قادة الفكر والرأي للتباحث من أجل تحديد الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل في الوطن العربي، ووضع تصور دقيق للاقتصاد العربي في المستقبل، بغية رسم خطط مستقبلية قادرة على إحداث نقلة نوعية وتطوير شامل على المستويات كافة. وأبان آل معيقل أن هذا الاجتماع يشكل اللبنة الأولى لصنع مستقبل أفضل للشباب العرب من خلال توفير فرص عمل ملائمة تحد من ارتفاع نسب البطالة، وتسهم في مشاركتهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، مناديا بضرورة التكاتف بين الجهات في الدول العربية لخلق فرص عمل لائقة وجاذبة للقوى الوطنية العاملة لاسيما بعد نتائج المسح التي أظهرت ما يزخر به الوطن العربي من الكوادر الشابة، مبرزة التحديات التي تواجهها المنطقة التي مثلت عقبة في طريق تحقيق طموحات الشباب في العمل. ودعا القطاعات المعنية للأخذ بزمام المبادرة ومواجهة هذه التحديات لبلورة نموذج اقتصادي جديد أكثر فاعلية يسهم في اجتثاث مشكلة البطالة من جذورها.. يذكر أن مشاركة «هدف» في إجراء المسح جاءت من منطلق أهمية البحث عن المعرفة بشكل علمي ممنهج، كذلك أهمية نشر ثقافة الاستثمار في العنصر البشري لتقليص البطالة في عالمنا العربي، والمساهمة في عملية التنمية المجتمعية والثقافية والاقتصادية.