لم يكن بإمكان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إتمام زيارته الهامة لأفغانستان البارحة الأولى وإنجاح لقاءاته مع الرئيس كرازي لمناقشة إعادة إطلاق الحوار المؤجل مع طالبان، والتعامل مع ملف الإرهاب، قبيل ترتيب بيت المؤسسة العسكرية والقضائية الباكستانية من الداخل، حيث اختار الجنرال رحيل شريف الشخص الثالث في المؤسسة العسكرية، كقائد للجيش خلفا للجنرال كياني قبل أيام من زيارته، لكي يضمن للحكومة حق السيطرة على الشؤون المدنية دون تدخل من الجيش كما حصل في الماضي، وعين محمد تصدق رئيسا للمؤسسة القضائية خلفا لشوردي لكي يستطيع المضي في الحكم لفترة كاملة بعيدا عن التدخلات القضائية في السياسية الداخلية. ومن المؤكد أن قرار شريف بتعيين الجنرال المخضرم راهيل لتولي قيادة الجيش البالغ قوامه 600 ألف جندي، بعد تقاعد كياني، الذى امتدت رئاسته للجيش لفترتين بشكل غير مسبوق، يرتبط بشكل كبير بحرصه على استمرارية المؤسسة العسكرية بشكل منضبط وضمان تعاملها الجاد ضد الإرهاب والحفاظ على أمن وسيادة الباكستان وأبعادها من التدخلات في السياسة. وهذا هو أحد الأسباب الذي أدى إلى التأخير عن الإعلان بشأن من سيتولى المنصب الذي يتمتع بنفوذ كبير والذي تم في آخر يوم من فترة رئاسة كياني للجيش. ورغم حرص شريف في أبعاد المؤسسة العسكرية عن السياسية إلا أنه لن يستطيع تجاهلها في عدد من الملفات الساخنة مثل الشأن الأفغاني والحوار مع طالبان حيث سيكون لراهيل رأي فى السياسة تجاه أفغانستان خلال الفترة الحرجة، التي ستشهد نهاية المهمة القتالية لحلف شمال الأطلسى «ناتو» والانسحاب الأمريكي المرتقب من أفغانستان. وتشير المصادر أن شريف رتب بشكل وثيق حيال كيفية التعامل مع هذه القضايا الشائكة مع قائد الجيش الجديد والذي سيعمل وفق التوجهات السياسية لحكومة نواز شريف، خاصة أن راهيل اشترك بشكل وثيق فى تطوير أساليب جديدة لمكافحة الإرهاب وساهم فى الجهود لمواجهة عقيدة «البداية الباردة» أو «كولد ستارت» الهندية التى تمكن الجيش الهندى من مهاجمة باكستان دون تحذير. تجارب شريف مريرة مع العسكر .. هل ينجح في فترته الثالثة في إبعادها عن التدخلات سية ؟ هذا هو السؤال الأهم؟