(1) (الخط السيئ قذى في العين)، قالت العرب القدماء. من أب سيريالي يدعى سلفادور دالي، ابتكر خط اليد المتطاول. هذه فرضيتي. كرس دالي تطاول أشيائه المرسومة في لوحات كثيرة، كأن يجعل للفيل أقدام زرافة توصل رأسه إلى الغيم.. ولأن التشكيليين السيرياليين لم يتركوا فن الخط لوحده، بل عاثوا فيه حبا.. فقد كان لصديق دالي الشاعر الإسباني فيدريكو غارسيا لوركا نصيب من هذا الألق؛ كان يكتب اسمه Lorca مبتدئا بحرف ال L من أعلى الصفحة وينتهي في وسطها على شكل يد مظلة، أما حرف ال F فيبدؤه من وسط الصفحة منتهيا به في آخرها، أما حرف ال g فيكتب الدائرة العلوية للحرف كأنها قوقعة حلزون، ثم يمد باقي الحرف للأسفل في قوس واسع كأنه رأس صنارة. المطلع على مخطوطات نزار قباني سيعرف أن خطه أنيق ومتتابع كأظافر النساء، وإلى جانبه يقف جبران المتأثر بالخطوط المغاربية الساحرة.. لو مزجت الخطين مع تأثير التطاول في خط لوركا، سيقفز أمامك خط أدونيس المذهل في لوحاته.. ومن خط أدونيس ممزوجا بخط محمد العلي الغامض والمتعانق كتلامس الأغصان لبعضها البعض، سللت خطي المتثائب.. لم أستطع هذا إلا بعد أن عزمت على كتابة القرآن كله بنفس الخط، وعندما انتهيت من البقرة والنساء، قلت يكفي، اعتادت كفي، لكني انتهيت لتصديق جدي: تستطيع إصلاح كل شيء، إلا خط اليد، عليك أن تولد مرة أخرى لمثل هذا. هل اطلعت على بعض مخطوطات أحمد الملا أو عباس بيضون أو قاسم حداد؟.. طباشير مخلصة للسبورة الأولى. (2) أدعي أن لآية الكرسي في الخط العربي مكانة العرش والجذر.. يمكن تتبع تطور العربية نفسها في التنقيط والتشكيل و الخط والتلوين عبر جمع مخطوطات آية الكرسي؛ تعويذة أبواب بيوتنا، وأكثر ما حفظته مياه الذهب والفصوص الكريمة، صديقة خوف الأمهات، زهرة النوم وصندوق السر وأغنية التعب.. منها أتلصص عليكم مطلا من جبل أحد ليس كل طارق ليل إما عطشان وإما صديق قديم قد يكون قلبك الذي نتفه الشعر وبذره في جنوب الرسائل ...... وقد تكون الوسادة والكلب والجبل الخائف ليس كل طارق ليل نفضته الوحشة وانداحت في خواطره مرايا الذئاب إن كان تنورك لا يفتأ يغلي ويجأر أوصد عليك ولا تقل (3) بمياه العين البيضاء، بالعمى نفسه، وبأمل قميص اللغة أن يلقى على وجهي في أية لحظة، وقفت في مانهاتن أمام مخطوطات وأيادٍ لم أكن مستعدا لها؛ رأيت إهداء نادرا للزعيم الألماني أدولف هتلر على كتابه (كفاحي)؛ وقع الإهداء في ليلة كريسمس 1920م، تبدو يده فرحة، ويبدو أنها دلقت من كأس مشروبه قطرة على الإهداء (تلك البقعة الصفراء التي في الزاوية، هل تراها؟) أو أن البقعة حرق بسيط من طرف سيجارته عندما قرب الكتاب من عينه. خط هتلر الذي لا أفهم لغته، يبدو كأعمدة كهرباء خشبية؛ أعمدة متصلة ببعضها من الأعلى فقط، تحط عليها طيور كثيرة. أما حرف ال H في بداية اسمه، فيرسمه على شكل رمز اللانهاية في الرياضيات (إنفينتي )، لكنه مكسور في الوسط بشيء غامض، كأن في العلامة سرداب خفي ولا نهائي، وهتلر وجد الباب وأطل برأسه منه، ربما لهذا يعرف أنه سيموت منتحرا، ولهذا أيضا كان لا يستطيع كتابة اسمه إلا على شكل منحدر أو حافة طاولة، يبدأ اسمه مستقيما ثم تتوالى الحروف مائلة أكثر فأكثر حتى تنحني تماما للأسفل. كان ذلك في معرض الحرب العالمية الثانية في نيويورك (تعتبر مانهاتن أول ميناء في العالم، وكانت بروكلين غرفة التحكم الأمريكية في تلك الحرب)، وخلال تحديقي في يد هتلر، كانت يد أنشتاين تشير لي من وراء ظهري، رأيت انعكاسها على الزجاج، فالتفت. على بعد خطوة نهر من مكاني الآن تماما، ولد ألبرت أنشتاين وأحرق جثمانه ونثر في مكان غير معلوم، واحتفظ طبيبه بدماغه!. هذه رسالة وجهها إلى الرئيس الأمريكي روزفلت طالبا منه الإسراع في دعم (مشروع مانهاتن) لصناعة القنبلة الذرية. هذه الورقة بذرة القتل، بذرة هيروشيما وناكازاكي وتسديدة الطعنة الأولى لتراب الأرض، هذه يد قابيل.. يده تشبه الوقت؛ ذاهبة وذائبة ولا تتراجع، ليست أنيقة أبدا لكنها صارمة: ليس لألياف الورق حرية امتصاص الحبر كما تشاء، هذا الخط ساعة تدق إثنتي عشرة مرة عند الساعة الثانية عشرة. اليد الأخرى تقول إننا نتاج عمليتين حسابيتين فقط، الجمع والطرح.. هذا ما حاول داروين إثباته عبر شجرة العناصر البسيطة التي رسمها في مسودته هذه. يا للجنون، شجرة برأس أشعث وجذعين، ينبت من فروعها كلام لا أعرف هل هو حديث الغصن أم إيضاح داروين.. كأنه يكتب بمنقار طير، إذ لا يرى إلا الغيوم.. أو كأنه يكتب بإصبع صغيرته التي قتلها المرض، فارتاع من الكون، وباح بسره. مطرقا خرجت من غرفة داروين في متحف الجنس، وسرت إلى المكتبة العامة.. صوت قلبي أعلى ضجيجا من كل شيء، أعلى من نفسه. (4) مطلا من جبل أحد ذهبت في ظلمة الطرق التي يهابها الأطفال بهذا فقط كبرت، بهذا صرت، وهم لا يدرون أنني لا أجد شيئا هناك، فأعود أتمتم وهم يحلمون.. (5) مقتنياته؛ لوحاته ومخطوطاته، صوره والإصدارات الأولى من كتبه وغيتاره، كلها تحيط برسائله لعائلته، وخصوصا أخته صاحبة وريقة الشجرة الحمراء، ومشبك الشعر الملثم.. تلك الرسائل ترفع حرارة المكان.. لا شيء مميزا فيها سوى هذا الدفء الذي تبعثه للمحدق فيها فيتذكر أهله، تعلو وجوههم في انعكاس الزجاج وتغرق.. ليلتها.. ليلتها، نمت في بيت جدي، البيت الذي ينام هو نفسه في مكان بعيد. لو أن لرأس الخيلة الحرة، أثرا في الهواء، لكان هذا الخط.. لوركا يطوع يده للنص، إن كان رسالة فيهذب جموحها، يضع عليها السرج ويلكز بخفة حتى يصل.. أما إن كان شعرا، فأغمض عينيك.. سيتركها سائبة مثل أصابعه السائبة على الغيتار.. ستجد الخربشات في الورقة أكثر من كلامها؛ الدوائر التي تحيط بمقاطع تنقلها من مكانها لمكان آخر، فضاء الطير، سهم الإشارة لخلف الصفحة، كأنك تقلب الفضاء قلب الطاولة، أو تنظر إلى السماء من أعلاها، لا من الأرض.. هكذا ترفع الورقة للأعلى لتجعل ضوء السقف يخترقها، كأنك تتأكد من كبد فص كريم، سترى ما لم يره أحد، وستقرأ ما كتبه لوركا لك أنت، أنت وحدك، تراه لمرة واحدة ثم يختفي إلى الأبد. حفلة الجاز كلها، بعازفيها وظلام بارها ودموع الذهب في مقل الأصدقاء، عشتها أمام رسالة سلفادور دالي لصديقه لوركا.. شعور خبرته مرة يتيمة عندما شهدت لقاء محمد العلي وأدونيس على كنبة واحدة، انداحت الصالة وصارت بيضاء تماما وواسعة جدا كصحراء، ولا وجود لغير ذاك الكنب حاملا شيخين يفسران الماء على قارب هادئ.. هناك أهداني لوحته. رسالة دالي تبصق دما، رسالة دالي لا تعرف رونق الوجه المعافى.. أقرب لأن تكون صحيفة جنائية من أي شيء آخر، وضع تحت بعض الجمل خطا، وقسم الرسالة لأجزاء، وعندما أحس أنه يقترب من نهاية الصفحة، بدأت يده تضرب الهوامش وتتنفس المساحات الممكنة.. أظن أنه أغمي عليه قبل أن ينهيها، فأرسلت عنه.. هذا حال الكائن، وهكذا يكون مآله، كل شيء ينفد فجأة حتى تنفد أنت من يد الآخرين.. نفد دالي، لكن رسالته لا تزال تسعل، وتبصق دما. (6) مطلا من جبل أحد هنا قدمي الأخيرة، لا مكان لي أنا الآن فرحة لا أحد، دمعة لا أحد، شجرة لا أحد، مختبط وذو جنة وأهجر.. و أنتم، أقول أم أسكت؟ عساه النمل يغزوكم في قلنصوة خوف ودمعة مشلولة.. (7) هذا إيوان إمامنا شيخ الجغرافيين الإدريسي.. وهنا قسم الخرائط في المكتبة حيث ينتظرني كولومبس وبحارو مالطا وقراصنة عمان خلف الباب. رسم خريطة للعالم، هل يبدو هذا سهلا؟ هل يبدو طبيعيا؟ ؟ أن ترسم خريطة للكون! هل تعرف ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن تقسم روحك في ثلاثة: الشراع والفرجار والبوصلة.. أن تلمس حواف القارات برؤوس أناملك عندما تبحر.. وتزيح الرمل هنا وهناك لتغرس جبلا أو قلعة وأنت منحن بالفرجار على الورقة.. إنها تعني المعجزة، والمعجزة في الأب، كيف يحب طفله فور أن يقال له: هذا هو طفلك. ليس في الأم غامض وكهفي وغير مفسر، العلاقة الجسدية الحميمة تنشأ بالالتصاق طويلا حتى بوسادة أو كرة أو قطة، هذا ما قاله توم هانكس في الجزيرة.. المعجزة في الرجل، كيف يصدق، يراهن، يبذل فينال منه فيسعى، حتى إذا انتصف النهار، تعرقلت قدمه وصرخ: لم أسقط، لكننا أغمضنا أعيننا بسرعة ولا ندري. نحن بحاجة لتسجيل الحضور الجسدي للأرض.. خرائط العالم القديم تحف فلسفية تختصر نظرة الشعوب البشرية للعالم.. الإمبراطورية الصينية مثلا رسمت العالم وفق تصورها على أنه مكون من الصين أرضا وحيدة بيضاء في الوسط، محاطة بمحيط أزرق تعوم عليه جزر حمراء صغيرة وغير مأهولة.. وفي المحيط نفسه سور جبلي يحيط بالصين وجزرها مشكلا سورا حاميا وسط المحيط، وما خلف ذلك السور هو امتداد المحيط اللا نهائي وأشياء غامضة. البوذيون لم يكتفوا برسم الكرة الأرضية وموقعهم منها، بل رسموا الكون.. بإطار مرسوم على ورقة صفراء، إطار من زهور وردية صغيرة ومتعانقه ومتسلسلة حول الصفحة، بخط لا يقرأ إلا بالعدسة كتبت عناصر الفضاء خارج المحيط ثلاثي العمق الذي يغلف الكرة الأرضية.. وعلى المحيط صور يبدو أنها لغرقى أو وحوش أو آلهة؛ رجل وامرأة، جرة، سفينة، فيل وتنين!. في وسط الكرة مستطيلات متجاورة كمربعات الشطرنج، إلا أن نهرا يقسمها طولا وعرضا فيعزلها عن بعضها، وفي وسط هذه المستطيلات العائمة عين برتقالية، غرفة قيادة الكون. في شمال الكرة قلعة، وفي جنوبها قلعة أخرى.. هل كان العالم منقسما بين شقيقين؟ هل يزورون بعضهما؟ هاتان القلعتان لم تظهرا في كرة الإدريسي، لكن ما ظهر هو جزر الواقواق التي (يختبئ فيها الخضر والمهدي، في منطقة بين القطب الجنوبيوالصين)، ما ظهر هو موقع سور يأجوج ومأجوج الحديدي (شمال روسيا).. هل من مصور شاب يحمله قارب شغفه لتلك الأماكن، يرصد هذه التصورات على طبيعتها، تسبح في البحيرات وتصعد درج قوس قزح لتسليم الرسائل. اليمن هي شمال الجزيرة العربية وأفريقيا على يمينها، هكذا رسم الإدريسي الأرض منعكسة على مرآة. تختلف الخرائط، هناك خرائط للكرة الأرضية، وهناك خرائط للمدن.. خرائط المدن تهتم بأماكن سكن الناس وتواجد طعامهم وجسور المدينة وطرقها وقنواتها المائية وقصر الأمير وبيت الساحرة. خرائط المسيحيين مثلا محاطة بذراعي المسيح وجدائله نائمة على كتفيه وفق تصورهم.. وفي عهود الاستعمار ساعدت الخرائط كما ساعدت القطارات على نقل العبيد على احتلال الأراضي وتقسيمها. ولرسامي الخرائط سمعة كسمعة ممثلي السينما وكاتبي الشعر ومؤلفي المسرحيات.. لا تنتابهم غفوة عن بعضهم في الرسم والتقاط المعلومة ومقارنة الخرائط والنوم على الفرجار الذي يدور ويدور ويدور دون تعب. أثقب الأرض لترتاح، أيها الفرجار، ليتني أستطيع ذلك. (8) مطلا من جبل أحد أقلبكم في أسرتكم وأجري في رؤوسكم سفن الحرب وسفن الأدوية.. في النوم لقاؤنا أجمل، في النوم لقاؤنا أنبل وأحن وأكثر مسيسا بشعرة القلب المائلة، في النوم لقاؤنا أسهل. (9) تحت قبة متحف المورغانز، بيت عائلة لنبيل قديم، كان يهوى كغيره جمع التحف الفنية ومخطوطات وطبعات أولى (كتب شكسبير مثلا)، في زمن كانت ترسم فيه صورة لكل فرد من أفراد العائلة، ويفرد لها جدار. كان الرجل جامع كتب، تتكون قاعة مكتبته من ثلاثة طوابق والمكتبة الخشبية تحيطها كلها وتصعد معك الدرج. سقف المكتبة ورقة رسم. كان كلما كبر المورغان كبرت معه المكتبة، لم يتركا بعضهما أبدا، وعندما مات، صارت متحفا، والمتحف في أحد جوانبه موت أيضا.. تنمو معك المكتبة.. تتجاور كتب يتهامس مؤلفوها هكذا تجد طاغور يضحك مدلدلا قدميه في النهر مع ماركس تجد ديوان دنقل يزحف تحت الكتب كما زحف سبارتاكوس، يبحث عن عينيه المفقوأتين.. تنمو معك المكتبة.. تتقادم بعض أجزائها وتظلم فتخاف الذهاب هناك، وحش الذاكرة يجول ويتربص.. كل خدش فيها هو ندبة في صدرك، كل خشبة امتداد لعظامك.. وما قضيت من حياتك معها سوى عشر دقائق، يا لسخف الوقت.. عشر دقائق فقط.. لكنها كانت تحت الماء.. تنمو معك المكتبة.. كل تجعيدة في جبينك رف جديد، كل طير تراه كتاب شعر؛ الأصوات في رف الروايات أصوات شارع خلفي؛ صراخ، نيون أحمر، حقل وصوت ثيران تتدافع وهسيس غابة. رف الإنسانيات يتكتك كبكرات الساعة، مهموم بالكهرباء وشريط القياس ومحاولات الطيران.. وهذا رف أشباح اللغة، هنا أدوات الذقن الحليقة وحرق العطور، هنا يستحضر الزمن كأن ينادي رجل على طفل في الرصيف الآخر أن يأتي له منتبها من السيارات، فتبدأ احتمالات العبور ومآلاته.. فالكتاب من كتبك بمخاوفك وأحزانك وعيوبك..الكتاب من أفرد لك وحدك في صفحاته طاولة، وقدم لك القهوة، وقرب أصابع السجائر: تأمل العالم، ولا تبك. تنمو معك المكتبة.. صفحتك في الكتاب تلمع وتتنفس، فيكبر بين يديك الكتاب، يكبر.. فإذا سمعت للمكتبة صريرا، اذهب للمستشفى وإذا سقط رف دون سبب فانظر أمامك وقل: لم تقرع الجرس أيها الموت.. ونسيت اليوم بعد أن سقيت زرعي أن أغلق الباب خلفي. (10) تضم مكتبة المورغانز، بالإضافة لرسائل بخط شارلز ديكنز ومارك توين وفان غوخ، مخطوطات موسيقية لبيتهوفن وباخ وموزارت.. بيتهوفن، جرس الباب وأطفال سيارة الآيسكريم.. الأعمى الذي تحسس أصوات العالم ونام في فراشها.. تمتلئ مخطوطاته بالبقع، متسخة وضربات الحبر عليها قوية وغير مبالية، كأنه يكتب في السطر بوصف السطر غمدا، ليست نوتات بقدر ما هي خطوات الهرب.. تهرب من ماذا يا بيتهوفن؟ مباركة تلك البيوت التي إذا قرع جرسها ابتدأ عزفك.. أما موزارت الحي، موزارت النبيل، يكتب بخفة كأنامل الندى، يؤرخ الورقة، يوقع دامغا اسمه بشمع أحمر، تلك الحمرة التي ليس كمثلها شيء، بتلك اللغة البادئة بالدو، تسجيل حسابي لصوت حركة الهواء وأصوات الغيب التي انسربت من باب فتحه النجم الطارق. (11) الهدهد الذي على كتفي قادني لمتحف الميتروبوليتان، وهداني لمخطوطة منطق الطير، حيث دخل الهدهد للكتاب مجددا وصار نقطة سوداء بعيدة خلف رأس الشيخ الذي يصلي في الورقة. هنا فريد الدين العطار بكل صوفيته وفارسيته، بلغة المنمنمات والسجاد الخرافي، صنع شاشة سينما عظيمة في كتاب.. هنا ابتكر العطار فكرة أن المتعة في الطريق، لا في الهدف، لا القمة ولا القاع، لكنه الكائن ماشيا ومنزاحا ومتفاديا الشرك وواقعا فيه. (12) لا شيء حقيقيا للجسد المتردي من شاهق سوى الكف الممدودة لا الشعر ولا الموسيقى. أقول هذا عن خبرة؛ بقي أقل من دقيقة لأرتطم بالأرض.