لم يصدق أهالي محافظة الداير بني مالك شرقي منطقة جازان، أن الأمطار والسيول التي اجتاحت المنطقة مؤخرا، نجحت في القضاء على أحلامهم المتمثلة في طريق يربطهم بالمدن الأخرى. ورغم الخير الوفير الذي لطالما ترقبه الأهالي، بزخات الأمطار، التي يعرفون أنها تملأ سدودهم، إلا أن المياه لم تكتف بالاتجاه نحو السيل وحده، لتتجه إلى غير ما يتوقعه الأهالي وتجتاح المشروعات التي للتو خرجت للضوء، كما طالت مشروعات كان يعتبرها الأهالي قادرة على الصمود أمام زحف المياه. ويعتقد الأهالي أن الواقع لا يكرس إلا شيئا واحدا وهو أن المشروعات التي نفذت على مجاري الأودية والسيول ليست بالشكل المناسب ولا تواكب لا قوة ولا شكل ولا مضمون معنى السيل، الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام، حول مدى جودة تلك المشروعات التي لا تصمد أمام السيل. ويعتبرون أن السيل ربما كشف حقيقة تلك المشروعات، لكن الأهم في ذلك اتجاهان، الأول: محاسبة الشركات التي نفذت تلك المشروعات، والعمل على توفير المشروعات البديلة التي تعجل بتواصلهم مع المدن الأخرى، بدلا من حالة الانعزال التي باتوا يعانون منها حاليا، بعدما تسببت الأمطار في شلل شبه كامل لمعظم الطرق الرئيسة والفرعية في جميع مراكز المحافظة. وأضافوا أن الأمطار كشفت هشاشة المشروعات، حيث تسببت السيول التي أحدثتها في جرف السيارات وإلحاق الأضرار بممتلكات المواطنين كما أن انحرافها عن مساراتها تسبب في إزالة أجزاء من المشروعات الحيوية، وفي خروج بعضها عن الخدمة. «عكاظ» رصدت بالصور وخلال جولتنا على طرق بني مالك هشاشة المشروعات المنفذة وسقوطها من خلال ساعة مطر هطلت على الداير، واتضح سوء تنفيذها لوقوعها في مجاري الأودية وعدم تنفيذها بالشكل الصحيح، كما دفنت السيول العبارات وهشمت طبقات الأسفلت وتحول طريق العين الحارة وعقبة الصلالة إلى ركام، فيما أضحت الطرق أثرا بعد عين، واحتجزت سكان القرى في منازلهم. ورغم استنفار الجهات الأمنية في المحافظة طاقاتها إلا أنها فشلت في فتح بعض الطرق ونجحت جزئيا في طرق أخرى كما أدى تساقط الصخور والأتربة إلى قطع الطرق. واعتبر علي الخالدي أن سوء تنفيذ المشروعات وإلقاء مخلفات الطرق بكميات هائلة من أتربة وصخور زاد من انحدار السيول وسرعتها وضيق مجاري ومسالك الأودية، وحولها إلى خطر كبير كاد أن يودي بأرواح كثير من المواطنين، مشيدا بجهود الدفاع المدني والمتابعة الميدانية والهاتفية من محافظ الداير في الحد من تبعات تلك المخاطر. وأوضح أن السيول حولت بعض المشروعات إلى أشلاء متناثرة في كل اتجاه وقد لا يكفي معها الترميم دون إعادة النظر في تصميمها بشكل مدروس وصحيح، مناشدا مدير إدارة الطرق في المنطقة المهندس ناصر الحازمي بزيارة المحافظة وتفقد طرقها ميدانيا لعل ذلك يساعد في إعادة النظر بتنفيذ بعض المشروعات وخاصة التي مازالت قيد التنفيذ. أما المواطن زاهر النخيفي فأوضح أن قرى آل نخيف تعرضت إلى دمار كبير في خطوطها المعبدة بعد هطول الأمطار الغزيرة على القطاع الجبلي خلال الأيام الماضية، حيث كشفت المياه عن سوء تخطيط وتنفيذ المشاريع مما أدى إلى فشل مقاومتها للسيول والأمطار الغزيرة، حيث ظل بعض المواطنين عالقين في وادي شريج بال نخيف دون الوصول إلى محافظة الداير، فوادي ضمد هو الخط المعبد الوحيد الذي يربط قرى آل نخيف وآل يحيى وآل زيدان وآل سعيد والعين الحارة بمحافظة الداير، وانقطاعه شكل معضلة كبيرة أمام المواطنين في الوصول إلى أعمالهم وإلى منازلهم بعد نهاية الدوام الرسمي. وأضاف موسى بن جابر النخيفي شيخ قبيلة آل نخيف أن ما حدث للطريق الذي يربط قرى آل نخيف بمحافظة الداير «شيء مؤسف»، مؤكدا أن المتضررين هم قبائل مركز آل زيدان بشكل عام، لأن 95 في المائة تقريبا من قرى آل يحيى وآل زيدان يمرون بهذا الطريق، مناشدا جهات الاختصاص بسرعة اتخاذ ما يلزم في إعادة تأهيل ذلك الطريق وإعادته إلى الشكل الطبيعي، ليتمكن المواطنون من قضاء حاجاتهم بشكل طبيعي، والموظفون من أداء أعمالهم ورجال الأمن من القيام بواجباتهم في ظل قيادة لا تدخر جهدا في سبيل راحة المواطن. وبين محمد الحبسي أن تساقط الصخور والحجارة تسبب في قطع طريق «العنقة - حبس» إثر انهيار خلفته مياه الأمطار الغزيرة على محافظة الداير، مما أدى إلى انقطاع الطريق الجبلي، مشيرا إلى أن الحركة تعطلت تماما إذ لم يستطع السكان مغادرة الجبل، وفي الصباح كانت العشرات من السيارات تحاول الصعود إلى الجبل إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، بل كانت أشبه بالمستحيل، حيث كان الطريق قد انهار تماما وأصبح مغلقا، مما استدعى تدخل الآليات الثقيلة لفتحه، كما أدى انهيار صخري آخر إلى قطع طريق «آل نخيف - حبس» وعزلها عن المحيط جراء الأمطار الأخيرة التي هطلت على محافظة الداير، وعزل الانهيار عشرات القرى وقطع عنها الخدمات في الوقت الذي ينتظر فيه السكان تدخل الجهات المعنية لفتح الطريق. أما عبدالله الحريصي فقال إن عقبة الصلالة تحولت لركام وقطعت الطريق أمام عابريها من المعلمين والمعلمات وعزلت قرى صدر جورا والجانبة والحشر لأيام ولم يتمكن المواطنون من عبورها. فيما أشار سالم التليدي إلى أن وادي حمر عزل القرى لأيام مناشدا الجهات المختصة بضرورة النظر في المشروع المتعثر الذي يربط القرى بالربوعة ويجنبهم مخاطر الوادي. وأوضح رئيس مركز آل زيدان سالم عبدالله بن قزيز ل«عكاظ» أن الانجراف الذي حدث لطريق وادي ضمد «شريج» بآل نخيف كان نتيجة الأمطار المتكررة التي شهدتها الجهة خلال الأيام الماضية، ولم تحدث خسائر في الأرواح، حيث قام بالتنسيق مع مدير فرقة الطرق بمحافظة الداير لسرعة فتح الطريق وإكمال اللازم، مهيبا بجميع المواطنين وسالكي الطرق أخذ الحيطة والحذر عند هطول الأمطار. تدابير احتياطية أكد مدير المكتب محمد جابر المالكي أن هطول الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية على محافظة الداير وقراها أدى إلى انهيارات صخرية في أماكن متفرقة، جعلت من الوصول إلى كثير من المدارس أمرا شبه مستحيل، كما أن الكثير من الطرق أصيبت بالشلل التام نتيجة انجرافها جراء السيول، منبها المعلمين والمعلمات باتخاذ التدابير اللازمة في مثل هذه الظروف التي تستلزم متابعة مستمرة وتوجيهات مباشرة للعاملين في الميدان، مشيرا إلى أن المكتب شكل لجنة للطوارئ وهناك متابعة تواصل مستمر مع مديري المدارس، حيث تم توجيههم إلى مراعاة السلامة وأخذ الحيطة والحذر والتعامل مع هذه الظروف بما يناسب، مشيرا إلى أن المكتب يتواصل مع الجهات المسؤولة لمتابعة انجرافات الطرق.