انتشرت ظاهرة التشجيع الرياضي وسط العنصر النسائي، خصوصا الشابات والفتيات اللائي أبدين اهتماما بمتابعة مباريات كرة القدم عبر أجهزة التلفزة وإظهار الانتماء للأندية والولاء لها والتشجيع علنا. هذه الحالة لم تكن موجودة قبل سنوات خلت وكان التشجيع الكروي حكرا على الرجال واكتفت النساء بالتعاطف فقط مع الفرق الرياضية لأزواجهن أو إخوتهن حسب الحال. لكن ما نشاهده حاليا هو أن النساء تولعن أكثر بالكرة وأصبحن ينافسن الرجال في المنتديات والشات الرياضي. تنازل عن الأنوثة تقول دلال: إذا كانت الأنوثة لا تكون إلا بعدم التشجيع فأنا أتخلى عنها وبقوة، فأنا في خلاف دائم مع إخوتي، فنحن في البيت منقسمون بين هلال ونصر، وقد تصل بيننا حدة الخلاف إلى الخصام، فقد خاصمت أخي سبعة أشهر لا أحدثه ولا يحدثني بسبب النادي الذي أشجعه ولم ينه ذلك الخلاف إلا تدخل أمي، فأنا متعصبة لأبعد الحدود.. أعرف أن ما أقوم به غير صحيح ولكن لا أستطيع التحكم في عواطفي تجاه فريقي الذي أشجعه.. أنا عازمة ألا أتزوج من لا يشجع النادي الذي أشجعه حتي لا تنتهي حياتي الزوجيه مبكرا. هلالي .. غلطة عمري دلال تروي ل(عكاظ) قصتها مع التشجيع فتقول: تعصبي أفقدني زوجي.. أشجع النصر وتزوجت هلاليا للأسف. وكانت أكبر غلطة وقعت فيها. في بداية زواجي كان يجاملني ويتغاضى عن تعصبي وبعد مرور السنة الأولى اشتعلت الخلافات بيننا وزادت، ومرة كنا نشاهد مباراة واشتد الخلاف بيننا ووجدت نفسي ألقي وعاء الشاي في وجهه فأصيب بعدة حروق في أجزاء من جسده وعند عودته من المستشفى ألقى علي يمين الطلاق. وتستطرد دلال: مر على طلاقي ثلاث سنوات ورغم ذلك ما زلت متعصبة وأمي كلما رأتني في حالة التعصب تلك تغضب وتكرر دائما (خربتي بيتك وسوف تنهين حياتك يوما ما بسبب هذا التشجيع) وتضيف: أعرف أني مخطئة وأدعو الله دائما بأن يشفيني من هذا الداء ولكن ليس بيدي. سلوى الأنصاري تقول: قبل أن أتزوج كنت أشجع لعبة الكرة، لكني تزوجت رجلا مجنون كرة فكرهته بسبب جنونه الكروي، الذي أحال حياتنا إلى جحيم لا يطاق، فبمجرد هزيمة الفريق الذي يشجعه، أبناؤه يختبئون في حجراتهم لأنه لن يرحم من يجده في وجهه، وفي كل مرة أذهب إلى أهلي وأطلب الطلاق بسبب معاملته القاسية. أما سعاد وحياة فتقولان: تربينا من صغرنا على عشق فريق الاتحاد، فالوالد، رحمه الله، مشجع من الدرجة الأولى. نلبس لون الفريق الذي يشجعه وكان يقول لنا: أنتن بناتي لا تتركوا الاتحاد.. لا خلاف ولا مشاحنات.. فرحنا واحد وحزننا واحد. من حقها التشجيع وكيل قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام عبدالمجيد طاش قال ل(عكاظ): إن البعض قد لا يستسيغ تشجع المرأة للكرة ويتعامل مع الموضوع بشيء من الحساسية، لكن في الحقيقة التشجيع الرياضي حق لكل انسان سواء كان رجلا أو امرأة، ولكن إذا وصل الأمر إلى التعصب المجنون الذي يجعل الإنسان غير مسيطرعلى نفسه هنا لا بد من وقفة مع النفس، وأن لا نجعل مثل هذه الأمور تؤثر على حياتنا، فلا بد من مرونة وتقبل للنتائج وعدم التعصب، لأن التعصب الرياضي، خاصة من النساء والفتيات يعتبر غير محمود، لما يحدثه من مشكلات تصل لمرحلة المشاجرات، فالأمر يحتاج إلى رقي في التعامل كي لا يخرج عن نطاق المعقول، أما ما يحدث بعد نهاية المباريات من نقاش حاد وتحليل رياضي لا طائل منه فهو المرفوض. وأضاف طاش: نحن بحاجة إلى التوعية بعملية التشجيع.. نحتاج إلى برامج توعوية وللأسف نفتقدها، مما يجعل عملية التشجيع تعود على البعض بالاكتئاب والعزلة حتى ولو كانت لبعض الوقت فهي مرفوضة. قمة اللامسؤولية وفاء محمد من جامعة نورة تقول: إن تشجيع الزوجة لناد مغاير لما يشجعه الزوج فيه الكثير من المشاكل وهذه قمة اللامسؤولية، لأن الميل إلى تشجيع ناد معين شيء طبيعي كالهوايات المتفاوتة بين الأشخاص. ويمكن للمشجع أو المشجعة دعم النادي ومشاهدة مبارياته والاطلاع ومتابعة ما يكتب عبر الصحف وما يتم تحليله عبر القنوات ليتم التعرف عن أخبار لعبة كرة القدم وما يقدم خلال المباريات فهذا ليس عيبا بل هو نوع من الولاء لناد معين واختلاف اتجاه التشجيع بين أفراد الأسرة ظاهرة مألوفة ومقبولة إلا أنه من غير المقبول المبالغة من بعض السيدات، إذ تصل المبالغة إلى الخصام والحدة في التعامل مع من حولهن والتشبث بوضع الشعارات الملونة قبل المباريات وبعدها، خاصة عند الفوز ووضع الأوسمة، فهذا السلوك أعتقد أنه لا يتناسب مع النساء بل لا يتناسب أيضا مع الرجال. شجعوا المنتخب الدكتورة عائشة إبراهيم أخصائية نفسية تقول: التشجيع المعقول العقلاني يعتبر أمرا طبيعيا، سواء كان نسائيا أو رجاليا، أما إذا تجاوز الحد ليصل لمرحلة التعصب، أي مرحلة عدم تقبل الحوار أو المناقشة وإغلاق جميع الأبواب في وجه الآراء المتعددة هنا يجب الوقوف بالنصح والإرشاد لتسير الأمور بمرونة وهذا هو المطلوب، أما الحالات النفسية من توتر وشد أعصاب قبل المباريات وكذلك الحزن والغضب عند هزيمة النادي والمبالغة في الفرحة لدرجة تجعل الشخص يتصرف دون حساب، كلها انطباعات بحاجة لضبط ولتحكيم العقل حتى لا يدخل المشجع في أنفاق مظلمة من المشاحنات والخلافات، وأفضل تشجيع خاصة بالنسبة للمرأة هو تشجيع المنتخب لأنه انتماء وطني معروف ومرغوب فيه.