رفض مدير عام السجون اللواء الدكتور علي الحارثي وجود أي نوع من الجدل أو الخلاف مع وزارة العدل. وقال في الجزء الثاني من الحوار مع «عكاظ»: «ليس بين السجون وبين العدل جدل، فالكل يسعى لإنهاء أوضاع السجين وإنهاء معاملته، هناك قضايا تتأخر لأسباب تعرفها وزارة العدل وتعرفها السجون، وتعرفها الجهات القابضة وجهات التحقيق، هي تتأخر لارتباطها بأشخاص غير موجودين، ولنسبة عدد المشاركين في الجريمة مع أمور أخرى كثيرة». وأضاف الحارثي في الحوار أن إدارته تعاني من الحرائق المفتعلة التي يضرمها بعض السجناء في العنابر. مشيرا إلى أن هروب بعض النزلاء يحدث لأسباب خارجة عن الإرادة، موضحا في ذات الوقت أن الحراس القائمين على أمر العنابر مؤهلون علميا وجسديا لمواجهة مثل هذه الحالات. وقال: «إن النزلاء المفرج عنهم يغادرون السجن فورا، إلا في حالات الحقوق الخاصة أو لاستكمال إجراءات الكفيل في حالة النزلاء المقيمين». • لا زال السجين يعاني من نظرة المجتمع بعد خروجه، يغادر السجن الصغير ويدخل إلى السجن الكبير وأعني به سجن المجتمع، ماذا فعلتم لتغيير النظرة ؟ - هذه مشكلة المجتمع وليست مشكلة السجون وحدها، نعاني من هذا النبذ الاجتماعي، لأن السجين عندما نتعاطى معه في البرامج الإصلاحية يرى أحيانا أن المجتمع ينبذه، ويسألنا عن مردود تلك البرامج، لكننا نصر على إقناعه بأنه لا بد له أن ينخرط في المجتمع، وأن يعيد تأهيل نفسه ليصبح قادرا على العمل ومواجهة أعباء الحياة، حاضرنا كثيرا في الجامعات والنوادي الأدبية، وتحدثنا في وسائل الإعلام، ونطالب الوسائط الإعلامية والمجتمع بكل فئاته ومؤسساته وأفراده أن ينظروا بموضوعية إلى هذا الإنسان، وأن يتجاوزوا عنه، أن يصفحوا عنه، هذا هو المطلوب شرعا ودينا وعقيدة، يجب أن يكون ذلك في أذهان الجميع، وألا يستشعروا بأن السجين عندما يدخل السجن أصبح منبوذا، هناك الكثير من الذين دخلوا السجن ليسوا مجرمين، بل ظروفهم وظروف الحياة فرضت عليهم ذلك، مثل أصحاب الحقوق الخاصة والمدافعين عن أنفسهم، كثير من هؤلاء لا يحملون الصبغة الإجرامية أو الإجرام المتمكن في النفس، على المجتمع أن ينظر إلى السجين نظرة إيجابية أكثر من الموجودة حاليا. العودة إلى السجن • نود معرفة نسبة العائدين إلى السجن مرة أخرى، والأسباب التي تدفعهم إلى العودة ؟ - المطلوب احتواء المفرج عنه، هذا محور أساس، نحتوي المفرج عنه وألا ننبذه، لأن السجين عندما يجد نفسه منبوذ اجتماعيا فإنه سيعود إلى السجن مرة أخرى، إذا وجد أن الناس لم يقبلوه لا في العمل ولا في النسب ولا في الأخذ والعطاء فسيعود، وصل الأمر ببعض الأسر إلى رفض استقبال النزيل بعد خروجه من السجن، وهنا تأتي وسيلة احتواء هذا الإنسان بكل المقاييس والاحتواء التام هو الذي يمنع السجين من العودة. • ما هو العدد التقريبي للعائدين إلى السجن ؟ - لم نبحث في الوقت الحاضر عن هذه النسبة. النبذ الاجتماعي • هل المؤشر يقول أن عددهم متصاعد أم متراجع .. أم ماذا ؟ - ليست بتلك النسبة الكبيرة، قد يعني نسبة العودة هو إما أن السجين وجد في السجن ما يرغبه في العودة، خاصة إذا أحس بالنبذ الاجتماعي وهذا هو الواقع وإما لتأصل الجريمة فيه وهو ليس كبيرا، وخذ مثلا نسبة العودة في النرويج وصلت إلى 49 %، علما أن عدد السجناء لديهم في العام الماضي وصل إلى 3500 سجين، وعدد العائدين 1900 سجين، وقد يقول قائل أن سجون النرويج بدرجة 5 نجوم، لكن الذي يقول مثل هذا الكلام هو الذي لا يعرف بالضبط عن صعوبة تقييد الحرية وعن مأساتها أيا كانت. وسائل السلامة • كيف تواجهون حوادث الحريق المفتعلة والمتكررة في السجون ؟ - نواجهها بكل وسائل السلامة المتوفرة، وهي متكررة كل يوم، كثير من السجناء يفتعلون تلك الحرائق، لكننا نواجه ذلك باستخدام وسائل السلامة، ونجري في كل سجن فرضيتين في العام لمثل هذه الأحداث ومنها الشغب والإخلاء، إضافة إلى وجود الوسائل التي تحد على أقل تقدير من تفاقم الوضع، وتلك المشاكل نحن نعاني منها، ولا أبالغ إذا قلت أننا شبه يوميا أو أسبوعيا نعاني من تلك الحوادث في كثير من السجون. هروب السجناء • هل يقلقكم هروب السجناء ؟ - يقلقنا كثيرا. • ماذا فعلتم في هذا الصدد ؟ - نأخذ التجربة والعبرة مما يقع، ونحاول أن نتفادى مثل هذا الأمر . • هروب السجين أمر خطير، كيف يحدث هذا، هل هناك من يسهل له ذلك ؟ - هروب السجين يحدث أحيانا في ظروف خارجة عن الإرادة، يصعب التفكير في كيفية هروب سجين ما، كيف خرج هذا الإنسان بهذا الأسلوب، وبهذه الطريقة ولكن على الأقل نقول أننا نستفيد من هذه الدروس حتى لا تتكرر . اختيار الحراس • كيف يتم اختيار حراس العنابر ؟ - نختار ونعين من يحملون شهادة الثانوية العامة، وندربهم على هذا الأمر، ويتم اختيار الأفضل للحراسات الأمنية، ودائما نختار الأشخاص الذين نرى أنهم هم الأقدر والأجدر، ولديهم المهارات والقوة الجسمانية. • كيف تتم عملية تفقد الموقع داخل السجن لمنع حدوث عمليات هروب ؟ - لا بد أن نعرف أن أي إنسان مقيد الحرية يبحث عن الحرية بكل وسيلة قد لا تخطر على بال أحد، خاصة بعدما تم فتح أبواب السجون لمشاركة القطاع الحكومي والخاص في أعمالها مثل فتح المدارس والمعاهد والتعليم الفني والتدريب المهاري والدعوة والإرشاد والزيارات وغير ذلك، أي أن السجون داخلها خلية نحل تتحرك، وليس من الأمر السهل أن تسيطر على كل ذلك في أوقات متعددة. صياغة السؤال • هناك جدل بين السجون وبين وزارة العدل بشأن التأخير في نظر القضايا ؟ - أرجو ألا يكون السؤال بهذا المصطلح، ليس بيننا وبين وزارة العدل جدل، وليس بيننا وبين أي جهة أخرى أي جدل، الكل منا يسعى لإنهاء أوضاع السجين، وإنهاء معاملته، هناك قضايا تتأخر لأسباب التي تعرفها وزارة العدل وتعرفها السجون، وتعرفها الجهات القابضة وجهات التحقيق، هي تتأخر لارتباطها بأشخاص غير موجودين، ولنسبة عدد المشاركين في الجريمة مع أمور أخرى كثيرة، هناك متابعات لا جدل، هي متابعة لإخراج السجين، نحن ندعو جميع الجهات وزارة العدل، هيئة التحقيق والادعاء العام إلى إنهاء معاملة السجين، ووزارة الداخلية عممت على الجهات المسؤولة بأن تعطي الأولوية لمعاملات السجناء، وهذا ما نريده حتى لا تبقى قضية السجين معلقة خاصة الموقوفين لأننا لا نريد بقاءهم طويلا، إما أن يحكم عليه أو أن يخرج. المحاكمات عن بعد • هل توصلتم إلى آلية لتسريع النظر في القضايا ؟ - من ضمن الآليات التي نرى أنها يمكن أن تخفف من هذا الأمر أن تكون هناك محاكم داخل الحرم الإداري في السجون، أو تكون قريبة منها، حتى يكون التواصل سريعا في إجراء المحاكمات ونقل السجناء ونحو ذلك، ومن ضمن الآليات أيضا مشروع ربط إلكتروني بين السجون ووزارة العدل للاستفادة من التقنية، وحاليا تعمل وزارة العدل كما نشر على تنفيذ المحاكمة عن بعد، وهذه أيضا قد تفيد، سواء كان داخل أو خارج السجن، وهذه من الآليات التي يمكن أن تسرع كثيرا في إنجاز محاكمات السجناء. خروج فوري • تردد أن هناك تأخير في إطلاق سراح السجناء الذين انتهت مدة محكوميتهم، ما صحة ذلك ؟ - لا يبقى في السجن من انتهت محكوميته إلا لأسباب متعلقة إما بحقوق خاصة مترتبة عليه أو إنهاء علاقاته إذا كان أجنبيا، بغرض استكمال علاقته مع كفيله وما يترتب عليها أو ما يتعلق بحجوزات الطيران، أما بقية الأحوال فلا أعتقد أن هناك محكوما يبقى داخل السجن بعد أن تنتهي محكوميته. منتجات النزلاء • البعض يرى أن البرامج التي تقدم في السجون ضعيفة، عطفا على أن نتائجها غير ظاهرة على أرض الواقع، كيف تردون على ذلك ؟ - ذكرت لك أن البنى التحتية التي يمكن أن تستوعب البرامج متعددة، خاصة البرامج التشغيلية، إضافة إلى الجانب الإنتاجي لمثل هذه البرامج التشغيلية، فهي تحتاج للبنى التحتية التي تساعد على تسويقها، هناك بعض المشاريع، وشاركنا فيها القطاع الخاص، وبالتالي هناك الآن مصانع قائمة للقطاع الخاص هي التي تنتج وتسوق، لكنهم لا يسوقونها باسم السجناء بل يسوقونها باسم المصنع، كل هذه تعمل لأصحاب الشركات، وما يخص المعاهد الفنية داخل السجون تتولاها المعاهد الفنية وتأخذها مع إنتاج تلك المعاهد، فهناك إنتاج وكان من المفروض أن يشار إليه بأنه من أعمال السجناء. إطلاق بكفالة • هل نجحت تجربة إطلاق سراح السجناء بكفالة حتى تتم محاكمتهم ؟ - نسعى إلى ذلك ضمن العقوبات البديلة، من خلال جهات التحقيق والجهات القابضة التي تقوم بهذا العمل، أو من خلال القاضي عندما تعرض عليه قد يطلقه بكفالة حتى تتم محاكمته، فلها خطوات متعددة. مشاكل النساء • سجون النساء فيها الكثير من المشاكل والقضايا .. حدثنا عن أوضاعها حاليا ؟ - ليس هناك مكان ليس فيه مشاكل، ولكن حينما تقول كثيرة فأعتقد أنها مبالغة، نعم المرأة لها خصوصيتها، وليعلم الجميع أن عدد السجينات السعوديات ليس كبيرا، لأن ارتكابهن للجرائم قليل، وأعدادهن محدودة، وبالتالي ليس هناك مشاكل كثيرة نعاني منها في سجون النساء. • لكن عددا منهن يدعين أنهن يتعرضن للاعتداء من قبل منسوبات السجن، فهل وقفتم على ذلك ؟ - لا منسوبة من منسوبات السجون تعتدي، وليس لها الحق في أن تعتدي على أية سجينة أيا كانت جنسيتها أو كان وضعها، وإذا ثبت على أي موظفة من منسوبات السجون اعتدت على سجينة فجزاؤها سيكون رادعا وكبيرا. • كيف تراقبون سجون النساء ؟ - هناك متابعات ومراقبة من خلال العاملات، وكلهن محل الثقة، لدينا مراقبة ومتابعة، وهناك أيضا استفسار من السجينات حينما تتم زيارتهن من قبل المسؤولين، وبالتالي فإذا ثبت لدينا أن هناك من قام بالاعتداء سواء في سجون الرجال أو سجون النساء فحتما سيأخذ عقابه، والتعليمات واضحة بألا يتعرضوا للسجناء سواء في كرامتهم أو حقوقهم أو تعذيبهم أو شيء من ذلك. هجر المستأجرة • تعملون على بناء وتأهيل الإصلاحيات بينما لا زال المبنى الذي تعملون فيه مستأجرا، متى نراكم في مبنى حديث خاص بإدارتكم ؟ - مشروع مبنى الإدارة الجديد انتهت منافسته وسيبدأ العمل فيه قريبا مع بقية القطاعات التي يتبناها مركز المشروعات في وزارة الداخلية، وقريبا نغادر المبنى المستأجر، في حدود عامين إلى ثلاثة أعوام، بتوجيهات مباشرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية الذي يحرص على متابعة مجريات تنفيذ المشروعات بنفسه، وكان توجيه سموه في أي لقاء معه بالسؤال عن ما تم حيالها كما يطلب دائما رفع تقارير بالتعاون مع مركز المشروعات في الوزارة.