عندما اتصلنا بمساعد الرئيس المصري الدكتور عماد عبدالغفور لتأكيد موعد الحوار المتفق عليه سلفا، قال ضاحكا: إن شاء الله نلتقي ونكون موجودين ومصر موجودة.. بالتأكيد كان مساعد الرئيس يمزح لكن هذا المزح كان يخفي قلقا حقيقيا لديه وهذا القلق واضح في ثنايا هذا الحوار الذي تجاوز الساعتين ونصف الساعة رغم أنه كان مقررا له ساعة واحدة.. ورغم تشبثه بالتفاؤل إلا أنه ثمة العديد من الحيثيات الوجيهة لقلقه، من بينها الأزمات المتلاحقة التي لا يبدو أن النظام يمتلك حلولا واضحة لها، وأبرزها الأمن والاقتصاد المتردي وأحدثها أزمة السولار وتوابع الحكم في مذبحة بورسعيد. اقتحم مساعد الرئيس لشؤون التواصل المجتمعي ورئيس حزب الوطن في حواره المطول مع «عكاظ» العديد من الملفات الشائكة عن الوضع العام في مصر وعلاقة مؤسسة الرئاسة بذلك، وأسرار وكواليس حالة اللاسلم واللاحرب المسيطرة على المشهد السياسي من واقع قربه من مركز صناعة القرار، وأسباب فشل جلسات الحوار الوطني، والسر الحقيقي وراء فشل حكومة الدكتور هشام قنديل ورفض الرئيس مرسي لرئاسة الحكومة، وعلى الرغم من اعترافه بأن الخرق اتسع على الراتق، لكنه أكد على عدم عودة الجيش لإدارة البلاد مرة أخرى، فضلا عن عدم إمكانية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة مع تدهور الأحوال الاقتصادية، ووصول المؤشرات إلى مرحلة الخطر. وبدأ الحوار مع الدكتور عبدالغفور من النقطة الفاصلة بين اليأس والأمل والتفاؤل والتشاؤم، وإليكم نص الحوار: بداية.. لماذا لم تستقل حتى الآن؟ عفوا السؤال استفهامي وليس استنكاريا.. إذ استقال مساعد و10 من بين مستشارين بالمؤسسة الرئاسية.. فما هي أسباب عدم استقالتك حتى الآن؟. في حقيقة الأمر هناك مشاعر متضاربة تجاه هذا القرار، البعض قد يرى أن سياق الأحداث كفيل بأن يدفعك لاتخاذ هذا القرار، وهناك من يرى ضرورة الاستمرار فيه حتى تستقر الأوضاع إلى حد ما، ثم يتخذ هذا القرار، أو بمعنى أدق على أي جانب سوف ترسو السفينة، ولكن أنا في قناعتي الشخصية أرى أن لي دورا ينبغي علي أن أقوم به، وإذا لم أقم به من سيقوم به بدلا مني!!. كيف ترى المشهد المصري الآن. وكيف يمكن تجاوز المأزق بكافة أبعاده خاصة حالة الانقسام الحادة داخل المجتمع؟ لنبدأ بموجة العنف التي اندلعت في مصر قبل وبعد الحكم في مذبحة استاد بورسعيد.. ماذا يحدث؟ وما هو الحل؟. قبل صدور الحكم يوم 9 مارس الماضي في مجزرة بورسعيد كنت من المفترض أن أتوجه إلى بورسعيد ولكن للأسف الزيارة لم تتم. لماذا؟. عندما عرضت على الرئيس الأمر رفض، وقال لي إن هناك مخاطر وراء هذه الزيارة في الوقت الحالي، وقررت حينها تشكيل فريق من المهتمين بالأزمة المتابعين لها ووثيقي الصلة بأهالي بورسعيد منهم الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق، وعدد آخر من الزملاء، توجهوا إلى بورسعيد، وقاموا بجولات ميدانية والتقوا هناك بالعديد من أهالي الضحايا والمصابين والمواطنين العاديين، ورموز العمل السياسي، وشباب الألتراس والتجار، وكانت خلاصة هذه الجولة كما ترون في تلك الأوراق التي تحمل مجموعة من المطالب لأهالي بورسعيد. هل من الممكن أن نتعرف على هذه المطالب؟. باختصار، طالب أهالي بورسعيد أن يوجه الدكتور مرسي خطابا خاصا إلى بورسعيد وأهلها عبر وسائل الإعلام، يعرض فيه ملامح من تاريخ المدينة الباسلة ومكانتها في التاريخ المصري، وأن يصدر مجموعة من القرارات في مقدمتها اعتبار مصابي وقتلى بورسعيد في الأحداث التي أعقبت 26 يناير مثل شهداء ثورة يناير ما لم يكن من ضمنهم خارجون على القانون، والأخذ في الاعتبار أمام المحكمة وجهات التحقيق، نتائج تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أمر الرئيس بتشكيلها في تلك الأحداث، إبعاد الأمن المركزي عن المحافظة وتأجيل المستحقات المالية للجهات الحكومية لدى التجار في بورسعيد بسبب الركود الذي ضرب المحافظة عقب أحداث العنف، وتكثيف التواجد الأمني في محيط بحيرة المنزلة بهدف منع عمليات دخول وخروج العناصر الخطرة والسلاح من المحافظات المجاورة إلى بورسعيد، وتنفيذ ال(16) توصية الخاصة بمجلس الوزراء حول تنمية بورسعيد، وإجراء مصالحة بين ألتراس النادي الأهلي وألتراس بورسعيد وتأجيل جلسة محاكمة 9 مارس. هل عرضتم هذه المطالب على مؤسسة الرئاسة؟. نعم، ودعني أقول لك إن مؤسسة الرئاسة لديها أيضا لجنة مختصة ببورسعيد، تعمل تحت مسمى إدارة الأزمة، أنا لست عضوا بها بالمناسبة، ولكن أعلم أنها رفعت عدة تقارير للدكتور محمد مرسي عن الأوضاع في بورسعيد، فضلا عن أن هناك أجهزة أمنية ورقابية ترفع تقاريرها أولا بأول عما يدور في الشارع البورسعيدي وهناك بعض المطالب تمت الاستجابة لها. ولايزال هناك وقت لتدارك الوضع والاستجابة للمطالب الأخرى. التجاوب يأتى متأخرا ألا ترى أن ردود الأفعال الرسمية أو التجاوب مع مطالب الشارع تأتي دائما متأخرة؟. لن أنكر هذا لأنه أمر واقع لمسته أنا بنفسي وسبق وأحطت الرئيس علما بما سيجري في أحداث الذكرى الثانية للثورة قبل حلولها بفترة كافية، أو بمعنى أصح أطلقت صافرات إنذار لما سيحدث، وقلت للدكتور مرسي سيحدث كذا وكذا، ولم تكن هذه المعلومات وفقا لتأملات، ولكنها كانت معلومات مؤكدة من أرض الواقع، فأنا دوري ألا تحدث المشكلة وأقول سنحلها عن طريق كذا وكذا ولكن يجب أن تكون هناك رؤية استشرافية لما سيحدث. وعندما لم أجد استجابة، أرسلت إلى مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية، وقالوا للمسؤولين هناك بما لديهم من معلومات، وتكرر نفس الأمر قبل 9 مارس حيث التقيت بالدكتور محمد مرسي في أحد الأيام وقلت له نحن على موعد مع الفوضى يوم 9 مارس، وعندما سألني تحديدا لماذا هذا التاريخ بالذات!! ذكرته بأنه موعد إعلان الأحكام في قضية استاد بورسعيد. ماذا كان رد الرئيس؟. هون من الأمر. ولكن عفوا مساء 8 مارس نقلت وكالة الأناضول التركية تصريحات على لسان المستشار القانوني للرئيس ألمح فيها إلى إمكانية تأجيل المحاكمة وربما كان ذلك سبب التهوين في الأمر.. ما تعليقك؟. أنا عن نفسي كنت أميل للتأجيل، وقبل صدور الحكم بيومين تحديدا كنت في مكتب فضيلة مفتي مصر، والتقيت ببعض المسؤولين وعندما سألتهم عن قضية الاستاد، قالوا لى إن اللجنة لم تنته منها بعد، واحتمالية التأجيل واردة، ولكن بعدها علمت أن الحكم سيصدر بحق المتهمين. الحكم صدر وجرى ما جرى في بورسعيد والقاهرة.. لمصالحة ماذا أنتم فاعلون؟. هناك جهود للمصالحة نبذلها مع روابط شباب الألتراس في القاهرة وفي بورسعيد، والتقيت بالفعل مع عدد من قيادات الجانبين، وإن شاء الله تتكلل الجهود بالنجاح وتتم المصالحة، أنا لدي موعد مع الرئيس وسأعرض عليه ما توصلنا إليه في هذا الملف، ودعنى أوضح لك أمرا أننا نريد أن نكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، مازال هناك وقت لنقوم بخطوة إيجابية. بصراحة يقال إن ما يحدث ومعظم أزمات مصر ردها غياب الدولة وغياب القانون.. فما رأيكم؟. للأسف ورثنا مشكلة كبيرة في وزارة الداخلية، ونعمل حاليا على إجراء مصالحة بين الداخلية والشعب، وهناك شرخ وجرح في قلوب رجالها، الضابط قبل الثورة كانت له هيبة واحترام، ولكن الآن رجل الشرطة يهان، كيف سيمارس الرجل عمله في تلك الأجواء!! مستحيل أن يمارس عمله بقوة وكفاءة، وأنا أعتقد أن رجل الشرطة في الوضع الحالي مثل الرجل المصاب في وجهه، يتحاشى أن ينظر في المرآة حتى لا يرى هذا الجرح. هذا عن وزارة الداخلية.. وماذا عن مؤسسة القضاء؟. مشكلة مؤسسة القضاء أستطيع أن أوجزها في عبارة «أنت خائف مني وأنا خائف منك» وقد طفت المشكلة على سطح الأحداث، بعدما أعلن الرئيس مرسي الإعلان الدستوري والذي تمت بموجبه إقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وكثير من القضاة ظن في ذلك الوقت أن هناك محاولة للتربص بهم وربما يكون البعض لاحظ ذلك في كم المؤتمرات والجمعيات العمومية التي عقدها نادي القضاة للتكتل أمام السلطة، هذا ببساطة ما كنت أعنيه في جملة أنا خائف منك وأنت خائف مني. والبعض يسأل: أين مؤسسة الرئاسة؟. موجودة، ولكن إيقاع الأحداث في الشارع أسرع من الجميع، علما بأن الموروث الثقافي الاجتماعي المصري بصفة عامة يرى أن الرئيس يجب أن يتحمل كل المسؤولية، الرئيس هنا بمثابة الأب، وقال ضاحكا: ربما يرى البعض أنه بابا وماما وأنور وجدي كمان.. مثلما قالت «فيروز» في الفيلم الشهير. وأنا كمواطن مصري بعيدا عن منصبي الرسمي أرى أنه لو تعثرت دابة لن أقول في العراق وإنما في دمياط الرئيس مسؤول عنها، والمسؤولية لا تتجزأ مثلما أنت مسؤول عما يحدث على الحدود أنت أيضا مسؤول عما يحدث أمام الاتحادية، هذا هو إرثك الثقافي والاجتماعي في مصر شئت أم أبيت، متى أقول إنك غير مسؤول كرئيس!! عندما يكون هناك سلطات، وصلاحيات موزعة على مرؤسيك. الكثيرون بما فيهم إسلاميون يتحدثون عن فشل الحكومة مع الأزمات وأبرز الأمثلة على ذلك أزمة الأمن وأزمة السولار.. إذا كان الأمر كذلك لماذا التمسك ببقاء حكومة فاشلة؟. دعنى أشرح لك الأمر، هناك حكومة لديها مقومات النجاح وحكومة منزوعة النجاح وحكومة قنديل من النوع الأخير أو ينطبق عليها القول «ألقاه في اليم مكتوفا وقال إياك إياك أن تبتل بالماء»، أول عوامل فشل حكومة قنديل أنها تعلم أنها حكومة مؤقتة تم وضعها في المسؤولية بدون السلاح الذي يجعل من رئيس الوزراء أو الوزير قادرا على الإنجاز وتمتلك السلاح لذلك والسلاح هنا دعمان شعبي ومؤسسي، كيف أشكل حكومة أو أطالب وزيرا بالعمل وأنا بعد 4 أو 5 أشهر سأقول له اذهب رافقتك السلامة، حتى ولو كان لدى أحدهم الرغبة في العمل أو إنجاز شيء سيفكر ألف مرة، الوزير الذي سيأتي من بعدي من الممكن أن يزج بي في السجن إذا أراد أن يتنصل من القرارات التي اتخذتها. هناك من يتحدث عن الدعم الشعبي وحكومة هشام قنديل، ربما هي الحكومة الوحيدة في التاريخ المصري التي تحظى يوميا بتصريحات دعم من الرئيس.. ما تعليقكم؟. # كون أن اسمك مؤقت هذا يعني أنك مرفوع من الخدمة ولا يوجد عند أي وزير شعور بالأمان لحكومة مؤقتة ولو جاء بديل لها سيطلق عليها أيضا حكومة مؤقتة، هناك مؤهلات لاتخاذ القرار القوي من الوزير أو رئيس الوزراء، أن يكون هناك مجلس نواب والحكومة جاءت منه، إذ سيقف الوزير وخلفه من 300 أو 400 نائب برلماني يمثلون الشعب، أستطيع في هذه الحالة فقط أن أتخذ قرارا وأنا وزير بكل قوة، حاولت حكومة هشام قنديل وحاولت ولكن فشلت بسبب عدم الدعم. وأنا أندهش عندما أسمع لبعض المعارضين وهو يطالب بإقالة حكومة قنديل وتشكيل حكومة محترمة، ماذا يعني حكومة محترم؟! ما هي مؤهلاتها الحكومة؟!. ولكن هناك من طالب بأن يتولى الرئيس مرسي رئاسة الحكومة؟. البديل كان مطروحا، وهو حكومة برئاسة الرئيس محمد مرسي، لماذا لم يستجب له؟!، عمرو موسى طرح هذا الاقتراح وأنا شخصيا من المعترضين عليه والرئيس مرسي نفسه لم يوافق على ذلك عندما ناقشناه أنا والدكتوره باكينام الشرقاوي في هذا الأمر، ورفض الدكتور مرسي جاء بسبب أن هذا غير دستوري. ولماذا رفضتم؟. لأن عقارب الزمن لا تعود للوراء، وأحمد نظيف كان مجرد سكرتير لمبارك والوزراء والمحافظون في العهد السابق كانوا كذلك، ولهذا قمنا بالثورة، أما حكومة برئاسة الرئيس فهذا ليس هو التغيير الذي من الممكن أن يصنع نقلة نوعية للأمام، يجب أن يتم توزيع السلطات والأدوار، يجب أن يكون المحافظ رئيس جمهورية في محافظته له من الصلاحيات والأدوات التي تمكنه من ذلك، وأنا أعتقد أن المخرج من المأزق الحالي أن نجلس كأحزاب ونضع ضمانات لانتخابات مجلس النواب إذا ما كانت أحزاب المعارضة متخوفة من وجود حكومة قنديل بسبب ملف الانتخابات، ويمكن للأحزاب أن تشكل لجنة شعبية لمراقبة الانتخابات إلى جانب اللجنة العليا وندفع بالأمور إلى الأمام. الاستبداد هو بذور الفساد، هذا الذي أتعبنا أيام مبارك، أن الرئيس في يده كل السلطات وكل المسؤولين سكرتاريون، وأنا أوضحت هذا لعمرو موسى والرئيس رفض لأن هذا مخالف للدستور. بعيدا عن منصبك في الرئاسة، كمواطن.. هل أنت راض عن حكومة قنديل؟. أنا شخصيا غير راض بسبب أنها لا تمتلك رؤية، لذلك طرحنا على الرئيس أن نعقد مؤتمرا موسعا خلال الأيام المقبلة بحضور عدد من الخبراء مثل الجنزوري، علي لطفي، الدكتور حازم البيلاوي وغيرهم لوضع رؤية اقتصادية أو بالأحرى سيكون هناك لجنة حكماء تدير الملف الاقتصادي للحكومة. التقيتم أكثر من مرة بأهل سيناء، ما هي نتائج هذه اللقاءات خصوصا وأن البعض يصف هذه اللقاءات بأنها مجرد «لقاءات تقبيل لحى»؟. على العكس، كانت لقاءات مثمرة وبناءة، ولقد أوضحت لك من قبل أننا نقوم بعملنا على أرض الواقع، وليس من المكاتب المكيفة، كيف بمكن أن تشعر بمشكلات الناس وأنت لم تجلس معهم!!. لكن إلى أين وصل الأمن في سيناء خصوصا وأن مساعد وزير الداخلية لمنطقة سيناء أعلن رفع حالة الطوارئ بعد تلقي معلومات عن اعتزام مجموعات جهادية القيام بأعمال عدائية على منشآت بمحافظتي شمال وجنوب سيناء؟. غير صحيح ما يتردد عن أن سيناء تحت سيطرة الجهاديين، ولكن سيناء بشمالها وجنوبها مساحات شاسعة ويسكنها عدد قليل من البشر، وإن جاز التعبير سيناء مثل «قطعة لحم طرية بدون عظم، إذا ضربت في أي جزء لن تجد مقاومة» أو بمعنى آخر صيد سهل، والتراث يقول من أمن العقاب أساء الأدب.. ورؤيتي لتعمير سيناء تبدأ أولا من خلال إعطاء أهل سيناء حقوقهم المعنوية والأدبية وتسهيل عمليات تمليكهم للأراضي هناك، وإعمار سيناء يتطلب بالضرورة ملأها بالبشر من أبناء مصر على طريقة التمليك المتميز، فما المانع أن أقيم مجمعات للشباب من جميع المحافظات، أناس يعملون وتوفر لهم الدولة كل شيء وتأخذ منهم المنتج لتسويقه، هذا النظام معمول به في كثير من الدول، في الصين والهند وإسرائيل، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها. من يحكم.. من يخدم بصراحة.. كيف ترى المشهد السياسي في الوقت الراهن؟. الأمر يتطلب لحظة صدق مع النفس من التيارات السياسية الفاعلة، الهدم أسهل من البناء والمطلوب ليس التوافق لدرجة الانسجام ولكن الحد الأدنى من التوافق، يجب أن يرجع الجميع خطوة إلى الخلف، عليهم العودة إلى أرض الواقع لإيجاد نقاط تلاق للحوار، ولكن يجب أن يتم على مراحل ويسبقه ورش عمل تجهز جدولا للحوار وتنظر في إمكانات التلاقي والاختلاف ونجلس سويا، ولكن للأسف جلسات الحوار الوطني كانت حول جزئيات محل خلاف. نعد حاليا لمؤتمر موسع يجمع كل رؤساء الأحزاب الكبرى، لإعداد مبادرة جديدة لوضع حلول للخروج من الأزمة الراهنة، مصر تحتاج قرارات عاجلة وشجاعة تخرجنا من المواقف الصعبة التي نمر بها، ونريد الخروج من الأنماط المتخلفة في الحلول والقرارات، المواطن المصري لا يهمه من يحكمه ولكن يهمه من يخدمه، وعلى الجميع مراعاة مصلحة البلاد، وعلينا كلنا أن نتحمل المسؤولية، فأصعب الظروف التي نمر بها حاليا هي الحالة الاقتصادية السيئة، وكلنا نتابع ما يحدث منذ قيام الثورة من تخبط، وأتمنى أن يكون هناك تحرك جاد حاليا من كل الأطراف من أجل الوصول إلى كلمة تساعد في إنهاء الأزمة الراهنة. دعنا نعترف أن هناك أزمة ثقة غير عادية بين النظام والمعارضة، نأمل أن يكون التحاور على كل الخلافات دون النظر إلى الماضي ويجب التحرك للأمام بعيدا عن العودة إلى الوراء، ويجب أن يكون هناك مصالحة ومصارحة وإن كنا قد تأخرنا فيها كثيرا، ولكن ليس هناك مستحيل، وعلى كل حال من مصلحتنا جميعا أن تستكمل الفترة الرئاسية وإجراء انتخابات نواب وتشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على مستوى طموح المواطن المصري، العقبة أمامنا هي إنجاز التوافق الوطني إذا استطعنا أن نصل لنقطة أن يكون الفيصل بيننا الصندوق، ونتعارك ثم نقف صفا ونعمل وهكذا ستكون الثورة أنجزت فعلها، أنا أقول لو حصل توافق وطني كل شيء سيكون سهلا. انشق حزب الوطن الذي ترأسونه عن حزب النور.. من دفع ثمن هذا الانشقاق؟. منذ زمن بعيد كانت تراودني فكرة تأسيس حزب يجمع أكبر كتلة صامتة، أنا وجهة نظري كانت جمع 3 أو 4 ملايين سلفي في كيان حزبي من المؤكد أنه سينتج عنه كيان كبير، وإذا تركنا هذه الكتلة مهمشة سيطر فيها الانزواء والتطرف، ولو استمرت هذه الكتلة بعيدا سيحدث لها شيطنة، لذلك أسسنا حزب النور، استطعنا تصحيح الفكرة السائدة عن السلف في الخارج وحققنا نجاحا كبيرا، والحقيقة ما حدث عندما كبر الحزب اعتقد البعض أنهم بشخوصهم كانوا وراء هذا النجاح للحزب، وأنا كانت وجهة نظري أن المجموع وراء النجاح لذلك فضلت عدم الدخول في صدام، وفضلت أن أنسحب من «النور»، ونحن الآن أسسنا حزب الوطن ونأمل أن يكون إضافة للحياة السياسية في مصر، وعلى كل حال الميزة في حزب الوطن أننا حرصنا من البداية على أن يكون لدينا لجان متخصصة في كل المجالات، ستسألني على سبيل المثال عن سيناء سأقول لك سأفعل كذا وكذا. علمنا أن هناك اتجاها نحو تحالف بين حزب الوطن وحزب الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل.. ما تعليقكم؟. الشيخ حازم نرى أنه ممكن أن نقدم له ويقدم لنا بمعنى أنه يمتلك كاريزما وشعبية، وفي المقابل لدينا قاعدة مؤسسة منضبطة ولكن التحالف الكامل غير وارد. هل يمكن أن تتحالفون مع حزب الحرية والعدالة؟. لا. لماذا فشلت جلسات الحوار الوطني السابقة؟. لأنها ناقشت الأعراض وليس الأمراض، ركزنا على الأعراض فقط دون أن ينشغل الحضور بالبحث عن أصل الداء الحقيقي ثم بعد ذلك نشخص الدواء المناسب، الحالة التي تمر بها مصر حاليا من احتقان سياسي وشعبي في بعض المحافظات حالة مرضية يجب إعطاء العلاج الصحيح لها، والعلاج يتمثل في قرار ينهي الحالة المرضية الراهنة، طالما استمرت حالة الصدام بين مختلف الأطراف لن يوجد تقدم لقاطرة الوطن نحو الأمام، الحوار والاستماع لبعضنا البعض هو أفضل الطرق لإنهاء حالة العجز التي توجد فيها قاطرة الوطن، مصر تمضي في ظروف استثنائية منذ الثورة، قنبلة منفجرة بالفعل نتحمل جميعا المسؤولية ولكن الرئاسة تتحمل الدور الأكبر. عفوا.. ما تتحدث عنه درب من دروب الرومانسية في بلد يتقاتل فيه الناس للحصول على الخبز والوقود!!. # أنا أقول لو حصل توافق وطني سنستطيع تحقيق ذلك وسنمضي إلى الأمام في وتركيا وماليزيا استطاعوا تحقيق ذلك. ولكن كان هناك مهاتير محمد ودي سليفا وأردوغان.. أليس كذلك؟. # المهدي المنتظر ليس حلا أو الجلوس في انتظار المخلص ليس هو الحل الأمثل، والمصريون في إمكانهم التغير للأفضل، وإذا كنت تتهمني بالحلم أو الرومانسية سأقول لك: الثورة نفسها كانت حلم.