«كل شيء بفعل الزمن يتحرك ويمضي متنقلا، إلا الغصة التي في الحلق، والثقل الجاثم فوق الصدر..». لا أذكر أين قرأت هذه العبارة، لكنها استوقفتني كثيرا. استوقفني فيها هذه العلاقة بين الزمن والحركة والمشاعر. فمن الأمور المعتادة وصف المشاعر الحزينة بالثقل والركود، حيث تشبه الهموم والأحزان بكابوس ثقيل يجثم على الصدر فينهك القوى ويصد الهواء. ساعات السرور والهناء تمر كثوان، لكن ثواني الألم والحزن تمتد كساعات! بإمكان كل منا أن يجد في حياته أمثلة لا نهاية لها من تأثير حالات السرور والانبساط وحالات الضيق والكدر على النفس، وكيف تتغير نظرة الإنسان نحو الحياة وفق تلك الحالة. نبتهج فإذا الدنيا من حولنا ضياء ونور وأمل خلاب ممتد، وإذا بقوة التفكير تسطع وقوة البدن تنشط، فنعجب من أنفسنا كيف استحلنا إلى نحلة من الحركة والنشاط! ونكتئب، فإذا الدنيا ظلمة وضيق ويأس خانق، وإذا بحركتنا تثقل وذهننا يكل وبصيرتنا تعمى، فلا حركة ولا تفكير ولا عمل ولا نتاج! الأوقات السعيدة تمر بنا خفيفة كريشة يحركها الهواء وتنفلت من بين أيدينا سريعة كطير هارب. في حياة كل منا ذكريات محفورة من اللحظات الخلابة التي جاد بها عليه الزمن فود لو أنها تتجمد فلا تمر، لو أن الثواني تشل فلا تتحرك، لو أن الشمس تتوقف عن الدوران أو الليل يصاب بالكساح فلا ينجلي، حين تسعدنا اللحظات نود لو أن الزمان يتجسد في صورة إنسان نطوقه بذراعين مشوقتين تستبقيه كي لا يرحل. ثم قد يطرأ علينا ما يبدل تلك الحال، فتنقلب لحظات السعادة إلى ساعات بؤس وشدة، فتتبدل معها الأحاسيس وتنقلب سرعة الزمن إلى بطء، فإذا الطير الهارب تحول إلى سلحفاة عجوز ثقيلة الحركة، وإذا الريشة الهائمة على أجنحة الهواء وقد صارت كتلة من الحديد تنوء بها العصبة من الأشداء، فنود آنذاك لو أن اليوم ساعة واحدة وليس أربعا وعشرين، لو أن الزمن كلمة نمحوها ونرتاح من رؤيتها أمامنا. الزمن بطيء حين نريده أن يسرع، سريع حين نريده أن يبطئ! هل الزمن يعبث بنا! نبتهج فتبدو لنا أكبر المشكلات وأثقلها، قابلة للحل وممكن التعايش معها، ونكتئب فتضيق مساحة التحمل لدينا حتى ننوء بأبسط القضايا وننهار تحت حملها، هل نلوم الحياة فنتهمها بالعبثية!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة