كشفت جولات ميدانية ل«عكاظ» على بعض المدارس الحكومية والأهلية، عن غياب تام لوسائل السلامة التي دعت وزارة التربية والتعليم بمشاركة الدفاع المدني لتطبيقها؛ حفاظا على سلامة منسوبي المنظومة التعليمية، إلا أن التطبيق لم يكن موائما لما نادت الوزارة بتطبيقه، كما أن الوضع القائم يشكل خطرا على المرافق التعليمية بحسب ما ذكره منسوبوها. «مدرستي عبارة عن بيت قديم مضى على إنشائه ربع قرن، وخلال هذه الفترة لم يكن لها نصيبها من الصيانة، فالجدران متشققة، ووسائل السلامة معدومة» بهذه العبارة بدأت مديرة إحدى المدارس الابتدائية في منطقة الرياض حديثها ل«عكاظ». وتابعت «سلالم الطوارئ لا تكاد تحمل شخصا واحدا، فما بالك لو حدث مكروه وكان هناك تدافع، ستحدث حتما الكارثة، وعندما طلبت من معلمات المدرسة تجربتها رفضن خوفا من الوقوع، هذا بالإضافة إلى كاشف الحريق الذي تعطل منذ مدة وخاطبت الوزارة أكثر من مرة ولا حياة لمن تنادي، الموجهات يأتين إلى المدرسة ويكتبن التقارير وعند مواجهتهن بالحقيقة يطلبن منا أن لا نظهر المساوئ كونهن يبحثن عن تقارير تبشيرية. وعن خطط الإخلاء قالت مديرة الابتدائية «خطط الإخلاء أغلبها وهمية على الورق فالمدرسات دوما يرددن: «لا خلق لنا» فتجتمع اللجنة وتوقع على الأوراق بأن تجربة الإخلاء تمت وهي لم تتم إلا على الورق. وزادت «في ما يخص طفايات الحريق، في مدرستي 522 طالبة و49 من هيئة التدريس والإداريات لم يتدربن على استخدامها، رفعت إلى الوزارة أطالب بتدريب المعلمات والإداريات ولكن لا أجد ردا على خطاباتي». ودعت المديرة وزارة التربية إلى مراجعة المباني التي لا تصلح للسكن ولا للدراسة والتنبه إلى أنها في حال عدم تفادي هذه المشكلة سوف تكون هناك كوارث ضحاياها الطالبات فمدرستي. وتحدثت مديرة الثانوية في جنوبالرياض -آثرت عدم ذكر إسمها- قائلة «نطالب بتجارب إخلاء حقيقية وأجهزة إنذار بديلة عن المعطلة وقد رفعنا مئات الخطابات ولم نجد استجابة». واستطردت «المدرسة التي أديرها حكومية وجديدة لكن المشكلة أن معملي الفيزياء والكيمياء في الدور العلوي لا مخارج طوارئ لهما بالإضافة إلى عدم وجود متخصصات في مجال السلامة، حيث الحاجة الماسة لوجودهن في المدارس». فيما أوضحت أم لولوة إدارية في إحدى المدارس أن تسليك الكهرباء في المدرسة الابتدائية التي تعمل فيها رديء جدا، وبمجرد امتلاء الخزان بالماء تنبعث من كيبل الكهرباء رائحة ماس. وأضافت «تحدثت إلى إحدى وسائل الإعلام التي صورت المياه وهي تنبعث من الكيبل.. الوزارة كذبت الخبر في اليوم التالي فيما أرسل فريق من الصيانة لإصلاح الخلل وتركيب عوامة للماء». إلى ذلك تواصلت «عكاظ» مع الوزارة وسألتها عن الخلل والقصور الذي تشتكي منه مسؤولات المدارس، حيث قالت مساعد مدير عام الأمن والسلامة في وزارة التربية منى باهبري إن الوزارة تعمل جاهده لتجنب القصور في اشتراطات الأمن والسلامة في المدارس، فقد شكلت لجنة على مستوى المناطق للكشف عن المدارس وتحديد المدارس التي يجب استبدالها حيث قسمت المدارس إلى آمنة وغير آمنة، كما سعت إلى التخلص من المباني المستأجرة وإحلال مدارس حكومية بدلا عنها. وأضافت «تدرس اللجنة من خلال زياراتها للمدارس الأوضاع بكافة جوانبها بما في ذلك مواقعها وسهولة الوصول إليها لإيجاد حلول سريعة لعدم تكرار حوادث الحريق والحد منها بالقدر الممكن؛ حرصا على سلامة الطالبات، حيث أكدت اللجنة الحرص على سهولة الوصول إلى مخارج الطوارئ بكافة المباني المدرسية وفق الإرشادات الخاصة وعدم قفل أبواب مخارج الطوارئ لأي سبب من الأسباب وضرورة خلوها من أي عوائق، بالإضافة إلى التأكد من سلامة وجاهزية كواشف الدخان ووضع خطط إخلاء وتدريب لكافة المنسوبين عليها والعمل بها مرتين في العام الدراسي كحد أدنى. من جهتهم، تذمر عدد من أولياء الطلاب والمعلمين من نقص في وسائل السلامة في المدارس وقلة الصيانة المنفذة من الوزارة والمتابعة لتك المدارس، يقول علي عسيري -وهو معلم في إحدى مدارس الدمام- إن طفايات الحريق في المدرسة التي يعمل بها قليلة، كما أن المكيفات مكشوفة وبلا أغطية مما يزيد من احتمال نشوب حريق لا قدر الله. ويقول محمد البارقي -المعلم بإحدى الثانويات بالدمام- إن مدارسنا ما زالت تفتقر إلى الكثير من جهود الصيانة وإن الصيانة غالبا تتأخر إذا تم طلبها، كما أبدى استغرابه من وجود أفياش مكشوفة في بعض الفصول وعدم وجود أغطية على المكيفات وأن بعض الفصول يعمل بأقل من النصف من الإضاءة الموجودة بداخله بسبب وجود خلل في تلك (اللمبات)، وتساءل في نفس الوقت عن سبب تأخر الجهة المسؤولة في الصيانة، كما أن مخارج الطوارئ غالبا هي المخارج المستخدمة في دخول وانصراف الطلاب الاعتيادية. وأوضح اللواء عبدالله بن عبدالرحمن الخشمان مدير الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية في تصريح له أن الدفاع المدني حريص على سلامة وحماية أرواح أبنائنا الطلبة والطالبات، لذلك كان وما زال يقوم بجولات وزيارات ميدانية على المدارس بالتنسيق مع الإدارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية لإعداد تقارير عن أوضاع السلامة فيها وتزويدهم بنسخ منها للعمل على معالجة أوضاعها. بدوره، نوه خالد الحماد الناطق الإعلامي لإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية إلى وجود لجنة مشكلة لدراسة أوضاع المدارس مكونة من إمارة المنطقة والأمانة والكهرباء والتعليم والدفاع المدني تعمل بشكل دوري من أجل الوقوف على المباني المدرسية ومدى تحقيقها لشروط السلامة، وقد تجاوزت الإدارة العامة للتربية والتعليم بذلك دور التنسيق إلى التكامل، وقد جعلت إدارة التربية والتعليم سلامة أبنائها غاية تسعى لتحقيقها مع بقية الجهات، وقد تم وضع خطط وقائية من إخلاء وإسعافات أولية، وذلك لاحتواء الخطر حال حدوثه والتقليل من المخاطر. وفي ما يخص جرس الإنذار فقد شكل جزءا من المشكلة، حيث حمل الكثيرون رنين الجرس ما يحدث من حالات هلع وتدافع للطلاب والطالبات عند وجود بلاغات عن ماس كهربائي، حيث قال محمد الزهراني «لا بد من معرفة الخلل في حوادث الحرائق وعلاجها فورا ويجب على الدفاع المدني تكثيف جولاته الميدانية بشكل دوري والكشف عن مكامن الخلل في جميع المدارس». فيما طالب عبدالله السفياني بأن يكون هناك جزاء رادع للجهة المتهاونة عن طريق لجان مختصة، وقال «الماس وصوت جرس الإنذار يبثان الرعب والذعر في نفوس أبنائنا، ويصابون بفوبيا متكررة دائما بخلافنا نحن أولياء الأمور عندما نتفاجأ باتصال المدرسة بضرورة الوصول ونقل الأبناء فهم خارج السور أو في المستشفى لإصابتهم بحالة خوف أو إصابة من جراء التدافع». من جهته، حمل تعليم الطائف مسؤولية هذه الحوادث المدارس المستأجرة وسوء التمديدات الكهربائية فيها، وقال ل«عكاظ» الدكتور محمد الشمراني مدير عام تعليم الطائف، إنه لم تحدث -بحمد الله- أي حوادث حريق بمدارسنا ولكن تكررت بعض حالات ماس كهربائي في مدارس مستأجرة معينة نتيجة سوء التمديد أو عدم كفاية العدادات الكهربائية بها، محملا أجراس الإنذارات جانبا من المسؤولية في ما يحدث من هلع، وذلك نتيجة بعض البلاغات الخاطئة للتشغيل الخاطئ لها. وفي جازان، مبان تغيب عنها الصيانة تماما والخطر يحدق بجميع منسوبي المدرسة -معلمين وطلابا- من مجمعات الكهرباء داخل المبنى وفي إحدى المدارس غرفة من الزنك بها مكتب وأجهزة حاسب آلي دخل في واقعها هي مكتب الوكيل. وفي فناء المدرسة غرفة من الزنك أيضا تحمل لوحة كبيرة مخصصة للمتفوقين، يقول أحد منسوبي المدرسة إنها جهزت بشكل خاص أما من أراد دورات المياه فعليه الخروج إلى المسجد المجاور لقضاء حاجته. وفي ما يخص الفصول المدرسية، فإن كل فصل يحمل بين أركانه الأربعة 40 طالبا وتحدث ل«عكاظ» كل من المواطن جابر حسين الجابري وجبران الجابري وعلي الجابري وعبدالرحمن الجابري وحدبور النخيفي وأحمد النخيفي وعبده النخيفي بالقول «مبنى المدرسة متهالك وتغيب عنه الصيانة واهتمام تعليم جازان، وقد تقدمنا بشكاوى جماعية وللأسف لم ينظر لها ولم نجد شيئاً تغير بل العكس من سيئ إلى أسوأ والحقيقة أن الأمر يستدعي بناء مدارس جديدة. وعن ثانوية العارضة قال أحد أولياء الأمور «توقعت مع بداية الدراسة أن نجد تغيرا كبيرا في المبنى من ناحية الصيانة والأثاث، ولكن تفاجأنا أن الوضع لم يتغير والأثاث هو القديم بالنسبة للطاولات والكراسي». فيما قال أحد الطلاب «أكثر شيء يتغير في المدرسة المعلمون والطاقم الإداري، أما المبنى والأثاث فهي متهالكة لا ينفع بيعها حتى في الحراج وتوجد فصول احترقت سابقا ولم ترمم حتى الآن، وهناك نوافذ مكسرة وأسلاك كهربائية مكشوفة والمختبر غير مجهز والأثاث تالف». ويشتكي عدد من أولياء أمور الطلاب في مدينة جدة من وضع أبنائهم فى مدارس (غير مؤهلة) خاصة في موسم هطول الأمطار، حيث تصبح هذه المدارس مستنقعات مهددة أولادهم بخطر كبير في ظل وجود أسلاك كهربائية مكشوفة منتشرة في هذه المدارس ورياض الأطفال، مؤكدين أن هذه المباني تعاني من تصدعات وتشققات من داخل المدراس وخارجها، ويستطيع اي زائر لها تلمس هذه الخطوة التي قد تودي بحياة الطلاب. فيما ركز عدد من أولياء الأمور على ضيق الفصول الدراسية، وعدم وجود التهوية المناسبة في فصل الصيف حيث يعاني الطلاب من الحرارة الشديدة. «عكاظ» تجولت على إحدى المدارس في حي الهنداوية بجدة، لرصد إحدى هذه الحالات عن كثب، فوجدت المدرسة في حالة إهمال شديد وهي عبارة عن فيلا قديمة مستأجرة يتجاوز عمرها الأربعين عاما، أحد المشرفين التربويين -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- أكد أن هذا المبنى الموجود في شارع الميناء مقابل مستشفى بخش، يعد من المباني الخطيرة على الطلاب ويعاني من تشققات كبرى في جدرانه وسقوفه، وأن الدفاع المدني يرفض منحه تصريح سلامة منذ ست سنوات، ورغم ذلك مستمر. وأوضح المتحدث الرسمي لمديرية الدفاع المدني لمنطقة مكةالمكرمة العقيد سعيد سرحان الغامدي أننا نعمل وفق أنظمة ولوائح، ومن هنا فإن للمباني المدرسية شروطا وضوابط يجب أن تتوفر بها لتحقق السلامة لمستخدميها. وأضاف أن معظم المباني المستخدمة كمنشآت تعليمية إنما هي مبان سكنية صممت وأنشئت على هذا الأساس ومن الصعب جدا تطبيق لائحة المنشآت التعليمية عليها وهذا ما دعانا إلى إيقاف منحها التصاريح.