يشتعل بين الحين والآخر سيناريو افتعال حرائق مدمرة في مصانع ومحال تجارية، من قبل الشركات أو المجموعات التجارية التي تمتلك هذه المواقع طمعا في الحصول على كعكة التأمين، ورغم أن هذه الحيل غير الأخلاقية، لا تمثل ظاهرة في الحراك الاقتصادي إلا أن ثبوت حدوث حريق متعمد في أحد المصانع، وضع النقاط فوق الحروف حول تعمد اشتعال الحرائق طمعا في التأمين ما حدا بالدفاع المدني إلى رصد خيوط هذه الحيل ومن ثم اكتشاف بعض المصانع التي تتعمد إشعال الحريق طمعا في التأمين، وفي حينه أصدرت المديرية العامة للدفاع المدني تحذيرا للشركات التي تتعمد إشعال الحرائق. «عكاظ» لبست قفازات الشفافية ونبشت خفايا الحرائق المتعمدة وكشفت مصادر مطلعة بآليات التأمين أن موقف الشركة المالي مؤشر لمعرفة فيما إذا كان الحريق مفتعلا، إذ أن الشركات التي تعاني من التدهور في النواحي المادية أو عدم تصريف إنتاجها فإنها قد تلجأ إلى مثل هذه الحيل للحصول على التأمين وفي نفس الوقت كشفت المصادر أن مثل هذه الحرائق ليست ظاهرة في الحراك الإقتصادي في المملكة. فيما قالت مصادر ذات علاقة بشركات التأمين إن افتعال الحرائق بهدف الحصول على التعويض من شركات التأمين ليست ظاهرة في المملكة، لافتة إلى أن نسبة إشعال الحرائق المتعمد عطفا على الحوادث التي تشهدها الشركات والمصانع الوطنية بالمملكة قليلة للغاية. وتابعت ذات المصادر أن شركات التأمين تعمد قبل اعتماد صرف التعويض المنصوص عليه في بوليصة التأمين إجراء التحقيقات اللازمة وعدم الاكتفاء بالتقارير الصادرة من الدفاع المدني والجهات الأخرى، مؤكدة أن شركات التأمين تعمد للتعاقد مع شركات متخصصة وخبراء أجانب لدراسة الحادث من جميع الجوانب لاسيما في حال الاشتباه بوجود شبه جنائية لإشعال الحريق. ورأت المصادر أن الموقف المالي للشركة أو المصنع يعطي مؤشرا في الغالب للوصول للحقيقية، فإذا كانت الشركة تعاني من مصاعب مالية أو تواجه تراكما في الديون أو عدم القدرة على تصريف إنتاجها، فإن احتمالية التعمد في الحريق تبقى قائمة. وزادت المصادر أن الخبراء يعمدون في بداية التحقيق لمراجعة الحسابات المالية والقوائم الحسابية قبل الدخول في التفاصيل المختلفة مضيفة أن هناك مجموعة من العوامل تضع في الاعتبار في تقييم بوليصة التأمين على المنشأة الاقتصادية مثل تاريخ المبنى من حيث كونه أثري أو مضى عليه سنوات طويلة من الإنشاء والعمر الافتراضي أو غيرها من الأمور الأخرى، بالإضافة لذلك فإن النشاط التجاري يمثل عامل آخر في تحديد قيمة البوليصة، فإذا كانت المنشأة صناعية تختلف عن المنشأة التجارية وكذلك نوعية البضائع الموجودة سواء كانت قابلة للاشتعال أو غير قابلة للاشتعال، فضلا عن التزام المنشأة بالاحتياطات اللازمة لمنع وقوع الحادث مثل الصيانة الدورية والحراسة والنظافة المستمرة، وكذلك الاحتياطات لمكافحة الحريق مثل وجود أجهزة إنذار وخزان مياه وغيرها من الأمور الأخرى، مضيفة أن قيمة التأمين للسعر العادل لوثيقة الحريق تقدر بنحو 75 هللة لكل 1000 ريال. من جهته توعد مدير إدارة الدفاع المدني في مكةالمكرمة العميد خلف المطرفي الشركات والمنشآت المتلاعبة بالتأمين ضد الحرائق بمتابعة دقيقة وكشف التحايل من خلال خبراء مختصين قادرين على كشف التلاعب في افتعال الحرائق للحصول على تعويضات مالية من شركات التأمين التي يتعاملون معها. وقال ل «عكاظ» مدير الدفاع المدني في العاصمة المقدسة العميد خلف المطرفي يستطيع خبراء الدفاع المدني كشف الحقائق ويوجد في إدارة الدفاع المدني ضباط متخصصين يمكنهم في كشف أي تحايل أو تلاعب مثل هذه الحرائق في حينها بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة وقال: نحن دائما نطالب شركات التأمين ألا تؤمن على أي منشأة أو شركة إلا بعد التأكد أنها خاضعة للإشراف الوقائي من قبل الدفاع المدني وأضاف العميد المطرفي أننا نواجة إشكاليات عدة مع المنشآت غير المؤمنة وتطالب في حالة وقوع حريق بتقرير الدفاع المدني هذا ما يتم رفضه نهائيا من قبل الدفاع المدني فالتقارير لاتعطى إلا للمنشآت التي تخضع للإشراف الوقائي وأضاف أن مثل هذه الحرائق تستنزف جهودا كبيرة لرجال الدفاع المدني نتيجة استخدام مواد خاصة لإطفاء بعض تلك الحرائق إضافة إلى الخسائر المالية مؤكدا أن هناك عقوبات تطبق بحق هؤلاء ولاتهاون في مثل هذه التجاوزات أيا كان ذلك. وفي السياق نفسه أوضح اللواء مستور الحارثي مدير إدارة الدفاع المدني في منطقة تبوك أنه لم يسبق أن سجلت أية حالة تعمد لحريق بهدف الحصول على التأمين في أي شركة أو مؤسسة أو خلافه. وأضاف اللواء الحارثي أن لديهم ضباط تحقيق مختصين يباشرون أي حادثة حريق ومن خلال خبرتهم يتم الكشف عن الحريق إما أن يكون جنائيا متعمدا أو حريقا عرضيا مشيرا أنه في حالة ثبوت أن ذلك الحريق جنائي يحال إلى الشرطة لاستكمال التحقيق فيه أما في حالة أن الحريق عرضي فيتم حفظ الملف لدى إدارة الدفاع المدني. من جانبه أوضح الناطق الإعلامي للمديرية العامة لدفاع المدني في منطقة عسير العقيد محمد العاصمي أنه في حالة وجود شبهة جنائية في هذه الحوادث فتحال بموجب ما تضمنته التعليمات المنظمة إلى الجهة الأمنية المختصة الشرطة لاستكمال إجراءات التحقيق وإكمال اللازم فيها، ونفى العاصمي أن يكون هناك حوادث مماثلة في منطقة عسير لفرض تعويضات مالية، مشيرا أن التعويضات من شركات التأمين لا بد أن تكون وفقا لتقارير صحيحة ومثبتة من قبل الشرطة أن الحادثة جنائية أو عرضية ليتم تعويض تلك الجهات، وأشار العصيمي أن هناك تعاونا بين الجهات الثلاثة التأمين والجهات الأمنية والدفاع المدني لمعرفة كافة تفاصيل الحوادث وعمل تقارير لكل جهة في اختصاصها. وقال محمد التومساني المسؤول عن إحدى شركات التأمين في المنطقة الغربية أن شركات التأمين قادرة على كشف التحايل، مشيرا أن هناك طرقا لكشف التحايل يتم كشفها من قبل الدفاع المدني، والذي يحرص بأن يكون في تقريره المرفوع لنا كشركة تأمين. فيما أشار أحد مالكي أحد المصانع بعسير محمد العامر أن قضية التحايل على شركات التأمين والجهات الأمنية مستبعد بتاتا. فيما أشار مصدر في الغرفة التجارية بعسير أن الأنظمة والتوجيهات تنص على شطب السجل التجاري لتلك المنشأة وتغريمها ماليا في حالة ثبت تزويرها لتقارير أن الحريق ليس متعمدا.