بينما يتزايد عدد المتابعين للجهود المبذولة للقضاء على بعض مظاهر الفساد المرتبطة بهدر المال العام، توجد أوجه أخرى تسيء للمال العام ولكنها لا تحظى بذات القدر من الاهتمام بمحاسبة المسؤول عنها، ومن أبرزها الاعتداءات المتكررة التي باتت مألوفة في مختلف المناطق على الممتلكات العامة و الحدائق العامة وطالت الشوارع والأسوار في الطرق والمدارس ومرافق النظافة والكهرباء، ودورات المياه. فعند افتتاح مشروع الواجهة البحرية (الكورنيش ) في مدينة جدة قام مجموعة من الشباب بإحداث بعض الأضرار لمكونات المشروع . وعلى الرغم من أن الأنظمة والقوانين المحلية لم تدع الممتلكات العامة دون تحصين، وأوجبت حماية المجتمع من الأعمال التي تضر بالبيئة أو الصحة العامة أو الاقتصاد الوطني أو المرافق أو المنشآت أو الممتلكات العامة أو الاستيلاء عليها وعرقلة أدائها لأعمالها، واعتبرت منع أو عرقلة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم عن ممارسة أعمالها من الأمور المخالفة للقانون. كما تضمنت الأنظمة والقوانين عدة مؤشرات إيجابية بوجوب تغليب مصلحة المواطن واحترام حق المواطن في حياة آمنة، ومستوى أفضل من الخدمات، عبر الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والتحلي بالمسؤولية الوطنية، وقيم التسامح والعيش المشترك. وفي نفس الوقت يعتبر كل فعل أو امتناع عن فعل يصدر عن شخص أو أشخاص فيحدث مساسا بالتوازن البيئي أو بموارد البيئة الطبيعية والاجتماعية بما يؤدي إلى حدوث ضرر ما مباشر أو غير مباشر، أو يشكل خطرا يهدد صحة الإنسان وأمنه ومن ثم يتضرر عنه بعض أو كل البشر، يعتبر جريمة أوجناية أوجنحة بيئية يعاقب عليها القانون. ولهذا أصدرت معظم الدول العديد من التشريعات والقوانين البيئية للمحافظة على البيئة وعلى الموارد الطبيعية، وعدم إهدارها أو تلويثها، واستغلالها بحكمة وعقلانية، كما تهدف إلى تقويم السلوك، فى شأن النظافة العامة والقوانين التى تهدف إلى حماية الممتلكات والمرافق العامة. وقد أنشأت بعض الدول جهازا خاصا للشرطة البيئية من أجل الحفاظ على البيئة من خلال تطبيق القوانين والتشريعات البيئية وحماية عناصرها، وفي أحيان ودول أخرى تم إسناد مهام الشرطة البيئية للجهاز المركزي للأمن للقيام بكل الواجبات الخاصة بالشرطة البيئية والتي تتمثل في مراقبة الأفعال التي قد تشكل انتهاكا للبيئة بمكوناتها، ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق مرتكبيها وإزالة المخالفات البيئية والحماية لعناصر البيئة، وكذلك مراقبة وضبط المخالفات المتعلقة بالرعي والنفايات والصيد الجائر والتعدي على المحميات والبيئة البحرية والبرية واستنزاف المياه، بجانب مراقبة دخول المواد الضارة، وإيداع القضايا المتعلقة بالمخالفات البيئية للمحاكم، وتنفيذ الأحكام الصادرة عنها من خلال المراكز الأمنية وأقسام التنفيذ القضائي. ولو وجد شرطي واحد، وعشرة عمال نظافة في أحد الشوارع الرئيسية لكانوا أقل تكلفة وفعالية من مائة عامل نظافة.