أوضح رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور محمد بن إبراهيم السويل أن الإنسان عرف التشفير منذ آلاف السنين، مشيرا إلى أن العرب هم من أسس النظريات العلمية لعلم كسر التشفير، وأن أقدم نظام تشفير جرى اكتشافه ظهر قبل الميلاد ب 2400 سنة، مبينا أن اليونانيين استخدموا التشفير، وجاء بعدهم الرومان. وأبان أن العرب كانوا روادا في علم التشفير تحت مسمى «التعمية»، مشيرا إلى أن علماء اللغة مارسوا هذا الفن، وانتقل الاهتمام إلى علماء الرياضيات والفلاسفة وغيرهم، وألفت كتب عديدة في هذا المجال اندثر معظمها، جاء ذلك خلال محاضرته عن «علم التشفير عند العرب» التي نظمتها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، مؤخرا، في مركز المؤتمرات بمقر الجامعة في الظهران. ولفت السويل الانتباه إلى أن أهم مستند يدل على تقدم العرب في هذا المجال هو كتاب الفيلسوف العربي يعقوب بن إسحاق الكندي «استخراج المعمى» الذي ألفه قبل 1200 سنة، وجعله رائد علم كسر التشفير في العالم، وما زالت نظرياته تستخدم حتى اليوم، وبين أن الكندي سبق العالم الإيطالي ألبرتي بمئات السنين، وقد قال عنه جيمس مايس (أحد أهم علماء التشفير في العصر الحديث): «من الصعب أن نتخيل أن الكندي قد ألف كتابه هذا قبل 1150 سنة، فالنظريات وأسلوب البحث حديثة كليا». وأشار السويل إلى جهود العالم العربي الدكتور محمد المرياتي الذي بحث مع فريقه عن إسهامات العرب في التشفير، وألف أهم مرجع في التشفير عند العرب، مبينا أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قامت بترجمة الكتاب وعرضه على موقعها مجانا. يشار إلى أن علم التعمية، أو علم التشفير، هو علم وممارسة إخفاء البيانات، أي بوسائل تحويل البيانات مثل الكتابة من شكلها الطبيعي المفهوم لأي شخص إلى شكل غير مفهوم، بحيث يتعذر على من لا يملك معرفة سرية محددة معرفة فحواه. ويحظى هذا العلم اليوم بمكانة مرموقة بين العلوم، إذ تنوعت تطبيقاته العملية لتشمل مجالات متعددة، منها: المجالات الدبلوماسية، العسكرية، الأمنية، التجارية، الاقتصادية، الإعلامية، المصرفية، والمعلوماتية، في شكلها المعاصر والتعمية علم من أفرع الرياضيات وعلوم الحوسبة.