يبدو أن قضايا الفساد والمخالفات الضخمة تكاثرت علينا حتى أربكت ذاكرتنا فلا تدري ما تصيد منها وما تتابع وما تهتم به أو تصرف النظر عنه، وإلا كيف يمر خبر يتعلق بشبهة فساد في خمسة مليارات مرور الكرام، ولا يتجاوز الاهتمام به أكثر من نشر الخبر متبوعا بتوضيح من الجهة المتهمة ينفي ويبرر كالعادة، ثم ينتهي الأمر عند هذا الحد.. وهنا نود أن نستفسر عن دور البحث والتقصي الذي يفترض أن تقوم به الصحافة في القضايا الكبرى، فما نعرفه أن هذا هو دورها الأكثر أهمية من مجرد نشر الخبر فقط.. المليارات الخمسة تخص شركة وطنية كبرى هي شركة الاتصالات السعودية، التي أعي جيدا أنها من الممولين الرئيسيين للصحف بميزانياتها الإعلانية والترويجية الضخمة، ما قد يسبب حرجا لأي صحيفة في تناول هذه الشركة ومثيلاتها بالنقد، ولكننا ما زلنا نظن خيرا بصحافتنا الوطنية، ونعتقد أن الوطن والمواطن هو قضيتها الرئيسية وهمها الأول، وما دامت صحيفتنا «عكاظ» تضع تحت اسمها شعار «ضمير الوطن.. صوت المواطن»، فإنني أجزم أنها لن تمانع في الحديث عن شبهة فساد يبلغ حجمها خمسة مليارات.. توضيح شركة الاتصالات الذي نشرته «عكاظ» يوم الاثنين الماضي غير مقنع، ولا يمكن أن يستوعبه أحد حين يؤكد أن ما رصد من مخالفات لا يتعلق مطلقا بالمساس بفواتير العملاء، فالذي نعرفه أن دخل الشركة هو من كلام الناس ومدفوعاتهم لبقية الخدمات التي تقدمها، فهل يعقل أن تكون الفواتير بمنأى عن كونها ضحية رئيسية في قضية هذه المليارات، وهل هناك مصدر آخر يتيح السماح بالتلاعب في مبلغ ضخم كهذا؟؟.. هناك أشياء صغيرة تتخلل الفواتير ودائما لا تجيب عليها الشركة، وهناك إقحام لخدمات تفرض على العميل لا يكتشفها إلا عند الفواتير، وهناك إجراءات وتغييرات يفاجأ بها وتجبره الشركة على دفع تكاليفها، الريالات القليلة عندما تتجمع تصبح مليارات، وبالتالي يصعب أن تقنعنا الشركة بأن فواتيرنا لم تكن الوقود الرئيسي لهذه المليارات الخمسة.. وأما محاولة الشركة تبرئة بعض المسؤولين «التنفيذيين» من هذه القضية وإلصاقها ببعض الموظفين من منفذي الخدمات الذين تتهمهم بتجاوزات غير نظامية أثناء تأسيس هواتف أثير، فإنها محاولة لا يمكن لعاقل أن يستوعبها؛ لأنه يستحيل أن يستطيع موظفون «غير تنفيذيين» تمرير مخالفات بهذا المبلغ، وفي كل الأحوال، فقد وقعت الفأس في الرأس، ولا يوجد غيرك أيها المواطن من سيدفع ثمن أي فساد يحدث في أي موقع. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]