إن الجمع بين مهام وزارة العدل ورئاسة مجلس القضاء في هذه المرحلة التطويرية والتاريخية في مسيرة العمل العدلي والقضائي تحت مظلة المشروع الجليل للملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله- لتطوير مرفق القضاء وديوان المظالم، سوف يؤدي إلى توحيد وتطابق وتكامل الرؤى والجهود لتحقيق غايات وأهداف ولاة الأمر -حفظهم الله- لتطوير مرفق القضاء ويحقق الغاية من صدور نظام القضاء الجديد، إذ إنه ينص على أن يتولى المجلس الأعلى للقضاء النظر في شؤون القضاة الوظيفية، من تعيين وترقية وتأديب وندب وإعارة وتدريب ونقل وإجازة وإنهاء خدمة وغير ذلك، وإصدار اللوائح المتعلقة بشؤون القضاة الوظيفية بعد موافقة الملك عليها وإصدار لائحة للتفتيش القضائي وإنشاء المحاكم أو دمجها أو إلغائها وتحديد اختصاصها المكاني والنوعي وتأليف الدوائر فيها والإشراف على المحاكم والقضاة وأعمالهم وتسمية رؤساء محاكم الاستئناف ومساعديهم من بين قضاة محاكم الاستئناف ورؤساء محاكم الدرجة الأولى ومساعديهم وإصدار قواعد تنظم اختصاصات وصلاحيات رؤساء المحاكم ومساعديهم وإصدار قواعد تبين طريقة اختيار القضاة، وإجراءات وضوابط تفريغهم للدراسة وتنظيم أعمال الملازمين القضائيين وتحديد الأعمال القضائية النظيرة المطلوبة لشغل الدرجات القضائية. وهذا يعني أن الأمر الملكي الكريم، بتكليف وزير العدل السعودي بتولي مهام رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، سيعجل في إنهاء إجراءات التأسيس الحقيقية لإنفاذ مشروع الملك عبدالله -حفظه الله- لتطوير مرفق القضاء من جميع جوانبه القانونية والإدارية والإجرائية التنظيمية والبنية التحتية، وسيحقق تواصل السلطة القضائية مع باقي أجهزة الدولة بشكل سريع وفعال وسيضمن قرب عمل المحاكم النوعية والمتخصصة من خلال قضاة مؤهلين متخصصين. وبالتالي، فإن الشأن القانوني والإداري والإجرائي والتنظيمي أصبح موحدا في نهج المجلس الأعلى للقضاء وفكر أعضائه برئاسة صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى وهذا بلا شك سيؤدي إلى تكامل الأدوار الإدارية والمالية بين المجلس والوزارة لسرعة إنجاز المشروع الجليل للملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير القضاء. وبالتالي، فإن في ذلك تفاديا لأي نوع من أنواع الخلل البيروقراطي في العمل الحكومي لأن الوزارة التي هي جزء من الجهاز الحكومي أصبحت ممثله في أعلى مستوياتها في السلطة القضائية ومجلسها الأعلى بهذا التكليف الذي يؤكد على حرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز على حسن وسرعة إنجاز وإنفاذ مشروعه وطموحه ورؤيته للقضاء السعودي. ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء تمت وفقا لنظام القضاء الذي ينص على أن تسمية الرئيس بأمر ملكي، وهو ذاته النظام الذي ينص على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية وليس لأحد التدخل في القضاء. وهذا يؤكد استقلالية القضاء وعمل القاضي مصانة من أي تدخل حكومي لأن التسلسل القضائي للعملية القضائية تبدأ في محاكم الدرجة الأولى ثم محاكم الاستئناف وفي بعض الأحوال فقط تنتهي في المحكمة العليا، فلا تداخل بين العمل الإداري المعني بشؤون القضاء والقضاة والمحاكم وبين العمل القضائي الذي يقوم به القاضي وفق الشريعة الإسلامية والأنظمة ومنها نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية والأنظمة ذات العلاقة بحكم اختصاص كل محكمة. ولعل في وضع ديوان المظالم خير مثال حيث إن رئيس ديوان المظالم هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء الإداري ولعلنا نلاحظ سرعة وثبات الإنجاز في المحاكم الإدارية وما نتوقعه من تكليف وزير العدل برئاسة المجلس الأعلى للقضاء سرعة وثبات الإنجاز في المحاكم التي تعمل في ضوء مشروع الملك لتطوير القضاء. والله ولي التوفيق..