عندما يشع النور عبر نوافذ الظلام تتخلى الزوايا عن وحشتها، وتغلق أبواب الليل مظاهرها، وإذا أدرك الفرد أهمية الحياة وعمل على عصمة العقائد من التعارض وألزم أفعاله في هذا الشأن بالتصور الأداتي تجلت أمامه كل الصور واقتصر القول على الإحساس بالكيفية المتقنة وشغف المحاولة وجور التجربة. وتذكر لنا الشخصية الحزينة الهادئة «كاتبة مسلسل هاري بوتر»J. K. Rowling أن حضيض الفشل يجعل من تميزك نبرة جميلة في كل إنجاز رغم ضغوطات المتدينين والظروف المستحيلة، وعندما تتحقق الغايات تستحق الوصول إلى ما تريد رغم المؤثرات المحيطة أو الثانوية، مضيت نحو الهدف ولم ألتفت إلى الإشارات التي تعرقل أية هندسة لأي عمل مصيري. ويتبين من تعليق كاتبة هاري بوتر أن مجال أي عمل يستدعي الثبات والاستمرار عطفا على الجهود المتباينة والمنتجة له، ولنغوص قليلا في حياة تلك الكاتبة المثيرة حيث تقول: «رغم الحزن الذي صاحب حياتي تجاوز النجاح كل توقعاتي، وتعلمت الكثير من تجاربي وأن الثقة بالقدرات أساس كل تقدم ونجاح وأنا لم أثق يوما بنفسي على الإطلاق، ولكن وثقت في مقدرتي على تأليف الروايات، لقد شع النور عبر نوافذ بؤسي وكل ما واجهته في حياتي من فقر وكآبة، علمت يقينا أن في نهاية كل جزء من الحياة يوجد الحب والقوة والأمل، تحررت من قيود الفقر وحصلت على حرية أعمق وأكبر، ودخلت عالم الشهرة والإعلام من الباب الذي رفضني وحكم علي بالإنكار وممارسات المتدينين التي تسلطت على رواياتي، وأكثر ما أرعبني خطابي في «جامعة هارفارد» العظيمة، فكان هذا هو الثراء الحقيقي الذي أضاف لي مزيدا من الثقة. إن لكل قصة أبطالا ولكل عرض طلب، وها هي المؤلفة تقدم لنا نموذجا صحيحا وصادقا عن المعارضة الدينية التي استوقفت هذه السلسلة القصصية التي دارت حولها شكوكهم حسب فئاتهم وجنسياتهم، والذود عن العقائد في النفوس اليانعة. ليس من العدل أن يستولي على أفكارنا كل ما يعرض ويستقطب انتباه المشاهدين سواء كانوا صغارا أو راشدين، فلقد تأثرت الكاتبة بالبؤس الذي أصابها نتيجة الشتات الأسري وأيضا البيئة التي عاشت بها وخيم عليها الحرمان فكان الناتج سلسلة خيالية تحمل في حلقاتها كثيرا من التساؤلات. إن التجارب الجينية أكدت أشياء كثيرة خارقة لا يصدقها البشر، ولكن ليست بحجم روايات «هاري بوتر»، نحن دائما نصف الأعمال الفنية المشهورة بأنها عمل إبداعي والإنتاج العملي للبشر محدود القدرة، وما شاهده الناس لم يكن سوى تضخيم للخرافات التي أبهرت العالم وصنعت منها وسائل الإعلام خيالا مبهرا ومحركا أساسيا لإخضاع العقل لأشياء لا يقرها أو يصدقها.