يبدو أن النظام السوري يدير المعركة باستراتيجية الباحث عن السقوط المدمر لوطنه، وإدخال المنطقة في نزاعات طويلة الأمد. والهدف تنفيذ الأجندة الإيرانية، وتحويل مآلات الفوضى التي يعملون على إنتاجها إلى مدخل لحفظ ما يمكن حفظه من مصالح الطائفة العلوية عبر تشكيل دولة انفصالية محمية من الروس وإيران، وفي الوقت نفسه زعزعة أمن المنطقة عبر الصراع الطائفي لتدعيم قوة إيران. فالصراع الطائفي يمثل مصدر قوة لملالي طهران كبوابة للتحكم بالتكوينات الشيعية وتحويلها إلى أدوات عنيفة مدمرة. من الواضح أن ملالي طهران لديهم خوف من الحقبة الجديدة التي تمر بها المنطقة. ففي ظل المشاكل التي يعاني منها الشعب الإيراني قد يتولد ربيع إيراني أشد وطأة. لذا يريدون سورية مدخلا لإعاقة أي تغيير في معادلة القوة الإقليمية وتحويلها إلى بؤرة لبناء جبهة داخلية متماسكة مسنودة بتيار شيعي عربي مراهن على ملالي طهران لا على مصالح بلدانهم. المؤشرات الواضحة أن نظام الأسد سيسقط بشكل مريع، وخوف نظام الملالي قد يدفعهم إلى التهور واللجوء إلى فتح حروب محدودة في أكثر من مكان إلا أن سياسة كهذه ستنهكها وقد يدخلها في حرب شاملة مع أطراف متعددة، وفي المآل النهائي سيسقط النظام السوري، ويصبح ربيع إيران أمرا حتميا ولو بعد حين. ما يشجع النظام السوري وملالي طهران أن المنظومة الدولية غير راغبة في التدخل المباشر لتسريع إسقاط النظام السوري. كما أن قوة النظام السوري وبنيته الشمولية مازالت متماسكة نوعا ما. ولكنها ستسقط في النهاية، إلا أن الحسابات الإقليمية والدولية المساندة للثورة يبدو أنها تقود معركة تفكيك البنية الشمولية، وتنتظر تغيرا في معادلة القوة داخل سورية، صحيح أن هذا الأمر سينتج عنه ضحايا كثر. إلا أنه سيجعل التدخل لاحقا مبررا وبإسناد قوي على المستوى الشعبي والرسمي في الإقليم والعالم، والأهم أن إيران وروسيا والصين ستتحمل وزر الدماء التي يسفكها الأسد يوميا. وهذا سيزيد من عزلتها، ويبدون في الوعي العربي والعالمي كداعمين للقتل والدمار.