بعد أن استلم أجرته مقابل إصلاح العطل المفاجئ الذي أصاب بعض قواطع طبلون الكهرباء في منزلي مؤخرا، التفت إلي الكهربائي الآسيوي مبتسما وعارضا علي قيامه بتنفيذ «إجراء بسيط» على عداد الكهرباء الخاص بي من شأنه إبطاء سرعة احتساب الاستهلاك بشكل كبير وبالتالي خفض قيمة فاتورتي بنسبه زعم أنها تصل إلى أكثر من 75 % من معدل الاستهلاك الشهري!. ومما لاشك فيه فإن العرض بدا وجيها للوهلة الأولى وينطوي على إغراء كبير لكل من اكتوى بنار فواتير شركة الكهرباء في أشهر الصيف، أو عانى من انقطاعاتها المفاجئة ولساعات طويلة دون سابق إنذار وذلك ما ينغص على الصائمين صومهم أو يعرض الأطعمة المحفوظة للفساد. ورغم ضآلة المبلغ الذي طلبة الكهربائي لإتمام «العملية» مقارنة ب «العائد المتوقع» والذي يتجاوز بكثير تكلفة «الإجراء» المقترح، إلا أنني أوضحت له أن هذا الإجراء غير نظامي واعتذرت عن عدم قبول العرض باعتباره أحد أوجه أكل الحقوق بالباطل فضلا عن كونه مخالفة نظامية تستوجب قطع التيار ودفع غرامة في حال اكتشافه. وإذا كنت قد رفضت تنفيذ الإجراء فإنني على ثقة بأن بعض المشتركين غير الراضين عن الشركة السعودية للكهرباء قد لا يترددون في قبوله فيما لو أتيح لهم ذلك ولكل أسبابه التي سيبرر بها قبوله، فالبعض يشكو من محدودية أو عدم فاعلية شريحة الاستهلاك الأولى التي تبلغ تعرفتها (5) هللات لأول 1000 كيلو وات قبل أن تتضاعف التعرفة لتصل إلى 10 هللات للشريحة التالية التي يندرج تحتها السواد الأعظم من المشتركين بمن فيهم الأرامل والمطلقات والمتقاعدون وذوو المداخيل المنخفضه، في حين يشكو البعض الآخر من عدم تعويض الشركة لهم عن الأضرار التي تحدث بسبب انقطاع الكهرباء. وخلال زيارتي لأحد أصدقائي أخبرته بالعرض الذي رفضته إلّا أنه لامني لعدم تنفيذ الإجراء بعد أن أخبرني بأنه سبق أن طبقه على عداد الكهرباء في منزله منذ عدة أشهر ولمس الفارق الكبير في انخفاض فاتورة استهلاكه من الكهرباء، وقد برر سبب إقدامه على ارتكاب مخالفة نظامية، بأنه غير راضٍ عن شركة الكهرباء التي رفضت طلبا متكررا منه بخصوص تقسيم عداد منزله ذي ال 200 أمبير ليصبح عدادين بطاقة 100 أمبير وبواقع عداد لكل دور وبالتالي خفض المبلغ الكبيرالذي يتكبده شهريا مقابل استهلاكه من الكهرباء، وأضاف بأن الشركة طالبته بمراجعة البلدية لتعديل تصريح بناء الفيلا الخاصه به لتصبح وحدتين سكنيتين «في التصريح فقط وليس على أرض الواقع» بدلا عن فيلا واحدة كما هي فعلا وهو طلب غريب لأن البلديه ترفض بطبيعة الحال طلبا كهذا فضلا عن أن دور البلديه يفترض أن يكون قد انتهى بعد أن تأكدت من اكتمال البناء وفق الاشتراطات وسمحت بإدخال التيار للمنزل للمره الأولى. ورغم عدم قناعتي بالسبب الذي أورده صديقي لمخالفة النظام إلا أنني أعتقد أن التعسف في استخدام الحقوق يترتب عليه أضرار لكل الأطراف ذات العلاقه وأولهم الطرف المتعسف نفسه لأن رفض الشركه غير المبرر لطلبات المشتركين في مواضيع هي من صميم اختصاصات الشركة من شأنه تكوين صورة ذهنية سالبة عنها لدى الرأي العام فضلا عن أن الخدمة المطلوبة ليست مجانية لأن المشترك سيدفع قيمة التقسيم المطلوب. الجدير بالذكر أن شكوى صديقي ليست خاصة به بل هي حالة عامة لدى الكثير من المواطنين الذين ترفض شركتنا العتيدة تقسيم عداداتهم في حين أنها لا تتردد في قبول طلبات تقوية التيار على العداد الواحد بدون أية اشتراطات من البلدية ويعتقد صديقي أن السبب في القبول السريع وغير المشروط لطلبات التقوية هو زيادة عوائد الشركة نتيجة لارتفاع الاستهلاك بعد تقوية التيار، بمعنى أن الشركة تنفذ الطلبات فقط لو كانت في صالحها إلا أنها لاتكترث بمصلحة المشتركين. رجاء يرفعه إلى شركة الكهرباء عشرات الآلاف من المواطنين الذين يمتلكون بيوتا بنيت بتصاريح «وحدة سكنية واحدة» ولكنهم اضطروا لتقسيمها داخليا لإسكان أبنائهم الذين كونوا أسرا جديدة ولايستطيعون تحمل تكلفة الإيجارات في ظل تراجع مستوى الدخول وارتفاع الأسعار، إلا أن امتناع الشركة السعودية الموحدة للكهرباء من تقسيم العدادت يكلفهم ما لا يطيقون .. هل تفعلها شركة الكهرباء وتستجيب لمطالب الكثير من مشتركيها الذين يعانون من هذا الوضع ؟.. حتما ستكون لفتة إيجابية من الشركة تكسب من خلالها ولاء مشتركيها وتؤكد من خلالها جانبا من رسالتها ودورها الاجتماعي بشكل عملي.. وإلا فإنني أعتقد أن عددا متزايدا من مشتركي الشركة سيفقدون ولاءهم لشركتهم وسوف لن يترددوا في قبول عرض الكهربائي الآسيوي!.