لا شك أن شهر رمضان الذي يطرق أبوابنا في أيام معدودات هو شهر الخير والصحة والعافية أيضا «صوموا تصحوا»، وأحد أهم النواحي الصحية التي قد يغفل عنها الكثير أثناء نهار رمضان وساعات الصوم الطويلة هي قلة وعي كثير من مرضى السكر بأهمية المحافظة على مستوى السكر في الدم، وخصوصا مرضى السكر من النوع الثاني، والمخاطر التي تنطوي على مثل هذه الظاهرة فيما إذا لم يتم تفاديها. طرحت هذه المسألة خلال الحملة التوعوية لمرضى السكري التي انطلقت في 30 يونيو من الشهر المنصرم، والتي نظمتها إحدى شركات الأدوية الكبيرة في جدة. وكشف المشاركون في الندوة عن أن ما يقارب 50 مليون مريض بالسكري يواصلون صيامهم في رمضان، وهم متجاهلون تماما لنصائح الأطباء لهم خلال فترة الصيام بتفادي انخفاض مستوى السكر في الدم، إما عن طريق تعديل الجرعة، أو أخذ عقاقير خاصة تخفف من هذا الانخفاض. وقد أجرت الشركة المنظمة للحملة دراسة موسعة شملت 1066 مريضا في أكثر من 43 مركزا طبيا في منطقة الشرق الأوسط. وأوضح الدكتور يعقوب حداد، في مقابلة خاصة مع «عكاظ على هامش الندوة الصحية، أن كثيرا من المصابين بمرض السكر من النوع الثاني في المملكة ودول الخليج يصومون ويستمرون في أخذ نفس جرعات علاج السكري بدون تعديل في المواعيد ولا في الجرعات، ما يشكل مخاطر كبيرة في احتمال هبوط مستوى السكر في الدم، معرضين أنفسهم لعواقب وخيمة يمكن تفاديها بقليل من الوعي والاتباع لنصائح الأطباء بشكل دقيق وممنهج. وأضاف يعقوب أن انخفاض نسبة السكر في الدم، أو ما يعرف ب «الهايبوغلاسيميا»، هو من الأعراض الخطيرة التي قد تؤثر على حياة مرضى السكري من النوع الثاني، وهي أيضا مشكلة صحية شائعة قد تواجه مرضى السكري الذين يصرون على الصيام خلال شهر رمضان، ويمكن أن يتسبب انخفاض نسبة السكر في الدم إلى مضاعفات خطيرة قد تصل لا سمح الله إلى الوفاة. وطبقا لإحصاءات وتقارير الاتحاد العالمي للسكري، فإن أكثر من 15339 مواطنا سعوديا يتوفون كل عام نتيجة لمضاعفات مرض السكري، ومن ضمنها انخفاض نسبة السكر في الدم. وفي نفس السياق، قال الدكتور سعود السفري مدير الأقسام الطبية بمستشفى الهدى للقوات المسلحة في الطائف، وأحد المشاركين في الندوة أن نقص تناول الأطعمة خلال نهار رمضان، وزيادة التمارين الرياضية، إلى جانب تناول عقاقير مضادة للسكري تعد من أهم العوامل التي تؤدي إلى نقص مستوى السكر في الدم، والذي يؤدي بدوره إلى مضاعفات غير محمودة العاقبة إذا لم يتم علاجها، ومنها على سبيل المثال فقدان الوعي والتشنجات والنوبات المرضية التي قد تتطلب تدخلا طبيا عاجل. واستطرد السفري «لماذا لا نأخذ بالحكمةالقائلة بأن «الوقاية خير من العلاج»؟، إذا قام مريض السكري، وخصوصا في شهر رمضان بقياس مستوى الجلوكوز في الدم على مدار اليوم وبشكل منظم، بالإضافة إلى مراجعة الطبيب وطلب المساعدة منه واستشارته، يمكن حينئذ أن نتلافى مخاطر انخفاض مستوى السكر في الدم ومضاعفاته الخطيرة». ومن الجدير بالذكر أن المشاركين في الحملة أجمعوا على أن رفع الوعي لدى مرضى السكري، وخصوصا قبيل شهر رمضان حول هذه الظاهرة الخطيرة ومضاعفاتها، مع اللجوء في بعض الأحيان إلى العقاقير المعروفة والمجربة بشكل علمي، والتي تساعد على إبقاء مستوى السكر في الدم في وضعه الطبيعي خلال فترة الصيام يمكن بذلك أن تنخفض معدلات انتشار هذه الظاهرة في شهر رمضان. وقد أشار المشاركون في الندوة العلمية إلى أن ما يقارب 2759600 مواطن سعودي يعانون من مرض السكر حاليا، وللأسف، فإن معدلات استمرار انتشار المرض مستمرة وبشكل متزايد ومطرد. وبين المشاركون أنه لو استمر انتشار المرض بنفس الوتيرة دون معالجته والحد منه بالتوعية والحملات الطبية والندوات العلمية، فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد مرضى السكري في المملكة بحلول عام 2030 ليبلغ 5461900 مريض لا سمح الله.