أنصف برنامج «جدارة» أمرأة في عقدها الخامس، ظلت على قوائم الانتظار للحصول على وظيفة معلمة في وزارة التربية والتعليم لثماني سنوات، بعد أن التحقت بمدراس التعليم العام والجامعي في وقت متأخر من عمرها، حيث بدأت المرحلة الابتدائية وعمرها يتجاوز ال 25 عاما، ضاربة أروع الأمثلة في المثابرة والتغلب على نظرات المجتمع القاصرة تجاه التعلم في سن متقدم. قصة من الكفاح رسمتها المواطنة «جمعة عبدالله» حين قررت أن تشق طريقها في الحياة بعد أن فشلت في تجربة زواجها قبل نحو ربع قرن تقريبا، فقررت حينها تحويل تجربة فشلها إلى نقطة التحول الأساسية في حياتها، عبر قهر الأمية وطرق أبواب المدارس طالبة مستجدة في مراحل التعليم الأولى في مدرسة عويرة الابتدائية في قريتها إحدى طالبات برامج محو الأمية وعلى الرغم من غياب الوعي المجتمعي عن أهمية تعليم الكبار وقتها والنظرة القاصرة للمجتمع تجاه الملتحقات بمدارس التعليم المسائية، إلا أنها قاومت النظرة السلبية وظلت ملازمة لمقاعد الدراسة حتى تخرجت من المرحلة الابتدائية، لتصدم حينها بوفاة والدها وهو العائل الوحيد لها، ولكنها قررت مرة أخرى مواصلة الدراسة وبقيت ثلاث سنوات متتالية تقطع مسافة 15 كيلو مترا يوميا للوصول إلى مدرسة المندق المتوسطة، لتتوج بشهادة الكفاءة المتوسطة، ما دفعها للالتحاق بمدرسة النصباء الثانوية للبنات وسط ظروف مالية وعائلية قاهرة، تغلبت بطموحها لتحصد بعد ثلاثة سنوات أخرى شهادة الثانوية العامة بتقدير ممتاز وهي على عتبة سن الثامنة والثلاثين من العمر، عقبها تقدمت بطلب التحاق كطالبة منتظمة في كلية البنات في الباحة، وصدرت موافقة الكلية بعد سلسلة من الإجراءات نظرا لسنها المتقدم، لقبولها طالبة في صفوفها في كلية الدراسات الإسلامية. وبين أروقة الجامعة وجدرانها كانت «جمعة» تعيش قصة كفاح أخرى، فبالإضافة إلى «الغمز واللمز» كان لها نصيب في التسميات والألقاب، فكانت تعرف وسط البنات ب«الجدة» وكان لهذا اللقب وقع غير مستحب في أعماقها، فهي في الأول والأخير امرأة، إلا أنها ربطت جأشها وواصلت دراستها في المرحلة الجامعية لتتوج بشهادة البكالوريوس وعمرها 42 عاما في تخصص دراسات إسلامية وبتقدير عال. رواية الكفاح والمصابرة جاءت على لسان ابن شقيقتها الموظف في المحكمة العامة بمكةالمكرمة عبدالله عبدالرحمن وقال: ظلت خالتي طوال ثماني سنوات تترقب التعيين على الرغم من تقدمها في السن، واستطاع برنامج جدارة أن ينصفها أخيرا حيث استدعاها فرع وزارة الخدمة في جدة قبل ثلاثة أسابيع للمطابقة النهائية حيث طلبت مكةالمكرمة كخيار أول للتعيين حالمة أن تجاور بيت الله الحرام في السنوات المتبقية من عمرها البالغ 52 عاما.