تنسل الأقلام في كتاب «سعد المليص .. رجل احترم إنسانيته» خجولة لرسم لوحة فنية صادقة عن رجل صادق اخذ على عاتقه نشر العلم والمعرفة والثقافة في موطنه الباحة، بعد أن انتهل العلم متنقلا بين كتاتيب مكة وشيوخها والمعهد العلمي ورجالاته والرحمانية وتعدد ثقافاتها ومشايخ المسجد الحرام وأدبهم في رحلة عمر لم يرتهن خلالها لإغراءات الوظائف إيمانا بأن دوره أسمى في تنمية مسقط رأسه وتطوير إنسانها حتى غدا علما في التربية والعلم والثقافة. المليص الذي وصفه أمير منطقة الباحة السابق الأمير محمد بن سعود ب«الصورة المضيئة لمعاني الوفاء»؛ فإن هذا الوصف هو فعلا ما يتفق عليه الجميع بما في ذلك أمير الباحة الأمير مشاري فإنه يزيد على الوصف بقوله «رجل جدير يستحق التقدير والوفاء»، لم يكن الشيخ سعد المليص خافيا عن تاريخ وثقافة الباحة، وإن كان بعيدا عن وسائل الإعلام فمن يرصد تاريخ هذا المنطقة وتطورها الثقافي والاجتماعي والتربوي، لابد أن يسجل في مقدمة وثائقه البشرية «سعد المليص» المجدد الدعوي الذي تتلمذ على يد مشائخ الحرم المكي متشربا الثقافات معلنا الحرب على الأمية والجهل عبر المركز الدعوي في بني ضبيان ومعهد المعلمين ومدارس الريحانية وجمعية البر الخيرية والنادي الأدبي، محققا بذلك التواصل مع كافة الشرائح الاجتماعية مستنهظا فيهم القيم الإسلامية عبر الأعمال التطوعية وتأسيس المدارس النظامية فاستحق لقب «الإنسان الاستثنائي»؛ كما وصفه معد هذا الإصدار الزميل صالح شبرق الذي سرد لنا في باكورة إنتاجه كيف يكون الاحتفاء متميزا عندما يكون المحتفى به نادرا في عطاءاته تتبادر إليه الأقلام مشيدة باسهاماته مكونة لوحة فنية واقعية سرالية تتمازج فيه الألوان من بين ثنايا الكلمات بالوان الدفء يقول عنه الدكتور عبدالعزيز السبيل: «سعد المليص علم من أعلام منطقة الباحة ورمز من رموز التعليم في المملكة، قامة شامخة بالعلم والخلق والتقدير، شمولي في مسيرته جمع بين العلم الشرعي والأدب العربي، فانعكس ذلك كله في شخصية أدبية أريبة يعلوها التسامح والصفاء والإيثار»، فيما يتفق معه عبدالعزيز آل الشيخ في وصف المليص قائلا: «هو أحد البارزين في المملكة، رائدا للتعليم والثقافة في غامد وزهران،كسب محبة وثقة الجميع؛ لأن هدفه الإصلاح»، وهذا ما يشير إليه الدكتور عبد الله أبو راس مدير عام جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج، اسهم الشيخ سعد المليص في تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة التي كان الناس يزاولونها خصوصا ما يتعلق ببعض العادات الدينية المجتمعية تلك الفترة». ورغم العتاب الذي يواجهه معد إصدار الشيخ سعد المليص من المحبين الراغبين في توثيق انطاباعاتهم وتاريخ منطقتهم عبر شخصية المليص التي ترمز لتطور الباحة، إلا أن القراءة في صفحات الكتاب التي تبلغ 421 صفحة من القطع المتوسط تعطي القارىء أنه أمام شخصية يتفق الجميع على محبتها؛ لأنه محب للخير والإصلاح داحض للجهل منفتح على الثقافات سمته شيخ ورع ومربٍ بارز ومثقف نادر.