كانت آخر علاقة لغسان تويني بصحيفة النهار عندما أراد كتابة افتتاحية الصحيفة قبل شهر وأخذ ورقة كتب عليها الافتتاحية ووقع اسمه في أسفلها تاركا الورقة بيضاء دون أن يكتب شيئا. من ناحيته، قال المفكر العربي طارق متري: «لتعدد اللغات عند غسان تويني قصة طويلة وهي تتفرق وتتلاقى ذلك أنه رجل المسالك المتعددة تنفتح أمامه ويفتحها لسواه هي لغات أدواره المتنوعة التي اختارها أو التي اختارته. ينسقها برشاقة وهي تجتمع في ائتلاف مركب يتجدد كل يوم وفي كل حالة»، أما الكاتب داوود الصايغ فقال عنه: «كان سره أنه تجاوز التساؤلات كلها، ليس فقط بما آمن به بل بما مثله في شخصه وسيرة حياته لأن غسان تويني هو عطاء التجربة اللبنانية وثمرتها المتألقة، إذ كان يكفي ولا يزال يكفي أن تراجع تلك السيرة الاستثنائية ليتأكد للحائرين أن في ذلك الرجل صورة من لبنان الأصيل في مبررات وجوده في ثباته وصلابته وقدرته على تجاوز المحن والتطلع باستمرار إلى الأمام». في السياق نفسه ودعت الصحافة اللبنانية تويني في أعدادها الصادرة أمس، صحيفة النهار التي أسسها تويني لبس «ديكها» (اللوغو) اللون الأسود على غير عادته الزرقاء وكتبت في ملحق خاص جاء عدد الأمس في داخله، وعنونت بمنشت عريض «إلى وداع الكبير» مفردة له صورة بريشة رسام الكاريكاتير أرون حمصي، عبارة عن بورتريه له مع وردة زرقاء وقلم ومحبرة عليها «ديك النهار». وكتب مدير التحرير الصحيفة فرنسوا عقل، الذي رافق غسان تويني منذ البدايات قائلا: «ثلاث وخمسون سنة معة كيوم أمس العابر وكهجعة من الليل، غاب عنا قبل أن يغيب فلما أغمض عينيه مثقلا مثخنا، حسبناها إغفاءة لكنها لم تكن» وختم: «غاب غسان تويني؟ الأب المؤسس والابن الشهيد المظلوم، سلام عليك أيها الرجل في زمن السقوط». وأفردت صحيفة المستقبل حيزا كبيرا من صفحتها الأولى لخبر وفاة تويني كما أصدرت ملحقا داخليا عن مآثره تحت عنوان رحل أستاذ سر الصحافة الجميل، وكتب رئيس تحريرها هاني حمود تحت عنوان «غسان وداع زمن وطموح وماركة» قائلا: «كان زمنا جميلا رأيته ينساب بصمت دمعة ففهمت أن زمنا انتهى، سقط سقف الطموح في مهنتنا وخسر لبنان ماركته المسلجة». واتخذت صحيفة السفير من رحيله خبرها الرئيسي، وتحت عنوان (غسان تويني الذي كتب نهاره بحبر من نور) كتب رئيس تحريرها طلال سلمان قائلا: «من زمان غادر غسان تويني اليوم ليستقر في الغد، لن يسكن الأمس من كتب على امتداد 60 سنة بحبر من نور وأحيانا من دم افتتاحيات تساعد على تحديد الطريق إلى المستقبل». من جانبه، قال الشاعر والأديب بول شاؤول: «صمت الديك في الصباح هذه المرة أتعبه الصباح ربما استراح ولكن لم ييأس رجل الأمل والمواجهة والثورات والفكر والثقافة والرائد والطليعي والحداثي، عصر كامل يختزنه غسان تويني».