نقلت جريدة الأنباء الكويتية تجربة لأحد أبناء الخليج قام بها واستغرقت دقائق حيث طلب تكفينه وأوى إلى قبر أغلق عليه لمدة ثلث ساعة ليجرب لحظات أول منازل الآخرة .. ثم قام من قبره!!! هذا الفعل يروق للكثيرين ممن ينادي الناس بتذكر العقاب والحساب، وفي اعتقادي أن مثل هذه الأفعال هي أفعال صادرة من عقلية تعزز الفناء على العمران وهي نظرة قاصرة لمفهوم الوجود الذي خلقنا الله من أجله، فخلقنا ارتبط بالتوحيد والعمل، فالعبادة عمل وعمارة للأرض. وان يتم إغفال الحياة بحجة الموت نكون قد فرطنا في جزء أصيل من حكمة الخلق، كما أننا جميعا ميتون لكن ليس جميعنا عاملين، ومع أن الجزاء والحساب سيكون على العمل كيف لنا تقديس الموت ونغفل عن تقديس العمل، فهوس الفناء طغى على المجموع حتى ظن الفرد أن بفنائه فناء للبقية بما يجعله يدفع الجماعة إلى إهمال إعمار الأرض والتنبه للموت فقط، هذه النظرة هي آفة المجتمعات المرتهنة إلى السكون وانتظار النهاية. وربما بعضنا يتذكر تلك الفترة التي أقيمت فيها مغاسل الموتى ورفعت الجنائز في بعض المدارس لتذكير الطلاب بمآل الإنسان بينما لم يذكرنا أحد بأهمية أن تعمر الأرض. ورعب موت فرد لا يقل رعبا من أن تموت أمة كاملة حين تغفل العمل وأهميته وتدفن نفسها في شكليات مفروغ منها. ولو نظرنا إلى الآيات القرآنية سنجد أن العمل هو القيمة لوجودنا وحسابنا ومن غيره نغدو كائنات لا قيمة لها، لنتفقه أو نتبصر هذه الآيات: «وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون» {الزخرف: 72}، وقوله تعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا» {الكهف:110}، وقوله تعالى: «الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور» {الملك: 2}، وقوله تعالى «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا» {الكهف:107}، وقوله تعالى «يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم* فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» {الزلزلة:6-7-8}. كلها تشير إلى أن ما سوف نسأل عنه هو العمل، فما هي الأعمال التي قمنا بها ومع ورعنا الشديد وبحثنا عن عظة الموت لم نعمل ما يجعل هذه العظة تنطلق من إحياء النفس والأرض؟ وماذا قدمنا للبشرية غير القول والقفز إلى الآخرة بالشكليات. المشكلة أن العمل لدينا ارتبط بنظرة قصيرة المدى بينما مداه يتسع للوصول إلى أسرار الخلق بالبحث والكشف والاختراع. كنت أتمنى لو أن الدعاة أسسوا في ذهنية الناس بأن عمارة الأرض هي الأولى بعد التوحيد بالاهتمام لكي يتنافس الجميع على العمل وصناعة الحياة، فإذا متنا كان لنا عمل يدر علينا الحسنات، فالعمل والاختراع نتاج علم ومن لا يعمل سيظل كالبيت الخرب.! أخيرا إن كنت تخشى الموت لا داعي أن تدفن نفسك في قبر بل انهض واعمل كي تنير قبرك. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة [email protected]