** الليلة هي ليلة الخميس في احد أرقى احياء مدينة جدة الساحلية، تحضر الطفلة هايدي ذات السبعة أعوام مع والديها لمطعم 5 نجوم احتفالا بنجاحها في الاختبارات النهائية. هايدي تعاني من مرض الربو المزمن وتستخدم بخاخات الحساسية على مدى سنين. هناك في أحد زوايا المطعم الشهير تجلس العائلة فرحة مسرورة تتناول أطراف الحديث. في طاولة مجاورة عائلة اخرى مع اب يدخن السيجارة وينفث سمومها في المطعم في كل مكان غير مكترث ولا مبال بمن حوله. تبدأ أعراض أزمة الربو على هايدي الصغيرة وتكتم أنفاسها بصعوبة الى أن تصل الى حد لم تستطع التحمل اكثر، فتبدأ بالكحة المستمرة وضيق النفس الشديد وتبدأ الأم على عجل بالبحث عن البخاخ لعلاجها لتكتشف أنها لم تحضره هذه المرة لانشغالها وفرحتها بنجاح ابنتها. يهب الأب مسرعا نحو ذلك المدخن غير المبالي ويستأذنه في أن يطفئ سيجارته بكل لطف ولباقة فيكون رده «يا أخي أنا على طاولتي! وأنت إيش دخلك فيني؟». تتفاقم حالة هايدي الصحية سريعا ما يضطر الأب أن يخرج مسرعا بها إلى أقرب مستشفى حيث يتم إدخالها الى العناية المركزة بعد الإنعاش القلبي الرئوي ووضعها على جهاز التنفس الصناعي نظرا لنقص كمية الأوكسجين بسبب العجز الرئوي. هناك، في ذلك المطعم الراقي، يقبع طبق طعام هايدي المفضل على الطاولة وبجواره لوحة صغيرة تكاد لا ترى بالعينِ المجردة مكتوب عليها «ممنوع التدخين». هذا المقال ليس للحديث عن مضاعفات وآثار التدخين السلبية والغنية عن التعريف، وليس عن تلك السموم التي نتنفسها في الهواء يوميا شئنا أم أبينا. لعلنا نقتدي بمعلمنا ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حين قال: (لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجة. وأتساءل: كم مريضا ينبغي أن يعاني او تزهق روحه قبل أن يتم تفعيل قرار منع التدخين في المطاعم والأماكن العامة؟ وإصدار لائحة عقوبات وغرامات مالية صارمة لمن تعدى على هذه الحقوق. ** التدخين عملية اختيارية، أما التنفس فلا.. وحرية اختيارك تقف عند وصول دخان سيجارتك إلى هواء يستنشقه غيرك! ** هذه قصة حقيقية وأكاد أجزم أنها تحصل كل يوم! * جراح متخصص في جراحة الصدر وجراحات الجهاز الهضمي المتطورة والسمنة. t: @AshrafMaghrabi