قبل أن يواري ثرى الجزائر رفاتها كان كل شيء في «وردة» يشكل زنبقة جميلة .. وأثيرا يضوع رائحة جميلة وصوتا عذبا في كل بيت عربي .. كيف لا؟ وهي الصوت الذي قدم الشجن والغناء العاطفي وحتى «العتاب»، وعلى ذكر العتاب.. كانت وردة خليفة لأم كلثوم في غنائها للعمل الذي كان سيجمع أم كلثوم بفريد الأطرش «كلمة عتاب يا حب»، كما كانت وريثتها في العمل الذي كاد يجمع حلمي بكر بأم كلثوم «ما عندكش فكرة»، ثم ذهب اللحن لوردة الجزائرية الراحلة التي كان صوتها المليء فرحا وبهجة يملأ المكان والزمان.. كيف لا وحكايتها مع الزمان التي شاركها فيها الراحلان محمد حمزة وتوأمها في الحياة.. والفن بليغ حمدي. فلطالما رددت الوردة «هي الأزهار بتحيا أبدا من غير غصون والا الألحان بتشجي من غير نغم حنون.. أنا زيهم يا روحي لولا انت ما أكون»، وردة الجزائرية التي احتضنها تراب جذورها في الجزائر رغم مولدها ونشأتها الباريسية. كانت هذا الاسبوع وستظل حديث الناس، نعم وردة أحاديث وحكايات ليس لها نهاية. فحينما يذكر الطرب العربي الأصيل تطل الفنانة وردة الجزائرية حاضرة مثل أغنياتها المغسولة بالصحو وأنفاس وليالي الشرق والراحلة وردة امتداد هي بلا شك لعمالقة الطرب الأصيل الذين غيبهم الموت، غير أن الذكاء الفطري لوردة الجزائرية لم يجعلها تسير على نسق واحد في الأغنيات، حيث إنها نافست المطربين الشباب في أداء الأغنية ذات الإيقاع السريع وحققت في ذلك نجاحا كبيرا فاق حتى نجاح المطربين الشباب في ملاعبهم بل إنه أقض مضاجعهم عندما دخلت إلى ملاعبهم الرئيسية ب«بتونس بيك، حرمت أحبك، الغربة، وغيرها». وكانت بداية هذه الانتفاضة الفنية، إن صح التعبير، بعد أن بدأت مشوارا من نوع آخر مع الذي حاول أن يكون بليغ الثاني الموسيقار الشاب يومها صلاح الشرنوبي حيث خلع على وردة بردة جديدة جعلت لوردة مكانة وخط سير جديدا وصنعت له في نفس الوقت بمساعدة وردة اسم صلاح الشرنوبي في عالم الموسيقى والغناء العربي حتى أنه أصبح مطلبا للشباب أو أول وجهة للمطربين الشباب، بل اتضاح نكهته الموسيقية ليست البعيدة عن الراحل الكبير بليغ حمدي لا سيما في الجملة اللحنية الشعبية «المعصرنة». وردة سكنت في كل البيوت منذ بدء السبعينيات الميلادية عندما عادت إلى مصر المرة الثانية بعد أن طردت من مصر هي وصباح وغيرهما في نهاية الستينيات إثر فوضى خلايا وظلام صلاح نصر وعبدالحكيم عامر وغيرهما، عادت قوية بتعاضد من بليغ الموسيقي والملحن الأعظم في مصر زوجا ورفيق درب لتنطلق انطلاقتها الثانية والأبدية من مصر إلى العالم ب«العيون السود، خليك هنا، اسمعوني، اشتروني، لو صادفوك صحابي، دندنة»، وغيرها الكثير إلى أن يمسك موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب بنجومية وشعبية وردة في «لولا الملامة» وهكذا. انها وردة لا تذبل. ستكون لنا معك عزيزي القارىء ومع وردة سلسلة تبدأ الأسبوع المقبل باسم مسلسلها التلفزيوني الأول مع زين العشماوي «أوراق الورد».