خلال مباراتيه الأخيرتين مع الفريق الشبابي استطاع فريق كرة القدم النصراوي أن يعود مجددا إلى المقارعة بقوة في كأس الأبطال، وخطا بقوة نحو استعادة موقعه الطبيعي بين فرق كرة القدم السعودية. كيف كانت عودة النصر؟ ومن هم أبطالها وما هي مجرياتها؟ بعض نقاط تستقصي تلك العودة النصراوية نستعرضها هنا، ولعل «أبناء» النصر «يواصلون السير في الاتجاه الصحيح كما ذكر الأمير فيصل بن تركي رئيس النصر، وفق المعطيات والمداخلات الفنية والإدارية التي أتاحها وجود دعم مالي وإداري ومعنوي قوي في هذه المرحلة المهمة من تاريخ النصر العالمي». كان وضع المدرب «ماتورانا» قبل لقاء النصر والشباب صعبا، ولا يحسد عليه إطلاقا لأسباب عديدة ليس هنا مجال سردها فهي معلومة للكثيرين من محبي النصر، غير أنه عمد إلى إحداث تغيرات «منطقية» عديدة، سواء من حيث «خطة» اللعب، وتفاصيلها، أو اللاعبين الموكل إليهم تنفيذها، فاستبعد «بعض اللاعبين» مرحليا، ومع أنه استمر في الاعتماد على تشكيل (4/5/1)، إلا أنه أدخل «تغيرات» عديدة على أسلوب اللعب من خلال تغيير وتحوير وإعادة صياغة كثير من الوظائف والمهام الفردية والجماعية التي تمثل مجمل خطته العامة، فعمد منذ البداية إلى فرض سيطرة نصراوية قوية على وسط الميدان، وثبت المحور الأساسي «خالد عزيز» أمام قلبي الدفاع، ودفع فريقه إلى ممارسة ضغط قوي منظم على حامل الكرة الشبابي باستمرار، وعهد إلى «بوقاش» الخطير و«زيلعي» المتألق و«الغامدي» الشجاع وأحيانا الكابتن الكبير «عبدالغني» مهام الانفتاح على الأطراف بالتناوب لصناعة وتنويع الهجمات الجانبية بإمداد سخي من «عبدالغني» و«عزيز» و«شراحيلي» و«الغامدي»، والاستفادة من توغلات السهلاوي الذي أرهق بتحركاته المستمرة دفاعات الشباب كثيرا مما أسهم في زيادة الضغط النصراوي على منطقة الشباب الخلفية، ونبه لاعبيه إلى ضرورة تقدم خطوط الفريق كافة بصورة متسقة ومتوازنة حتى لا تترك فراغات تتيح للشباب استغلالها. كانت الصيغة الأهم في خطة «ماتورانا» إلزام لاعبيه بالانضباط التكتيكي طوال المباراة ما أمكن، وهو ما تحقق غالبا، إذا استثنينا بعض لقطات تخلى فيها بعض لاعبي النصر عن ذلك مما سمح ببعض الهجمات الشبابية الخطرة، كما حدث عندما سدد لاعب الشباب «مرحوم» بالرأس ثلاث مرات والشمراني مرتين! لعب النصر بروح «حماسة منضبطة»، في مباراة كان الفوز فيها يعني الكثير، جماهيريا وفنيا وإداريا، فمن البداية فرض النصر سيطرة شبه كاملة على مسرح عمليات الوسط، ولعب على الطرفين بضع كرات تحولت في معظمها إلى «عرضيات» مثلت خطرا كبيرا على مرمى «شايع»، وسجل منها النصر أهدافه وأهدر مثلها، كما «تميز» دفاع النصر ب«الحذر والجدية»، وهو ما افتقده في مباريات سابقة. خلال دقائق المباراة قام كابتن النصر «حسين عبدالغني» بأداء دور محوري كقائد وصانع ألعاب وموجه فني، كما أنه لعب بروح «انضباطية» جيدة، وحض زملاءه كثيرا على التنفيذ الدقيق للخطة التي وضعها «ماتورانا» الذي ظل هادئا منضبطا مما انعكس على لاعبيه كذلك. طوال دقائق المباراة كان الانتشار الميداني النصراوي جيدا، مركزا، غطى مساحات كبيرة من أرضية النزال، ساعده على ذلك تفكك الخطوط الشبابية في أغلب الأحوال، وضعف خبرة معظم لاعبيه، وعدم انسجامهم. ولعل مما يحسب للفريق النصراوي في هذه المباراة: كثافة الجهد والعطاء المبذول سواء من حامل الكرة أو بقية اللاعبين، مما وفر باستمرار كثافة عددية أهلاوية متفوقة في معظم اللقطات والمناورات الفنية، وأسهم ضمنا في استحواذ الفريق النصراوي على الكرة «أغلب» فترات المباراة، ومكنه من استخلاص معظم الكرات المشتركة. ومن النقاط الأخرى التي أكسبت النصر مباراته مع شقيقه الشباب «عقلانية» ماتورانا و«واقعيته» وقراءته الجيدة للفريق المقابل؛ والقدرات الفنية والقيادية للكابتن «حسين عبدالغني»؛ وتراجع مستوى فريق الشباب بعد الهدف النصراوي الثاني؛ وجود «الشمراني» وحيدا تقريبا في مقدمة الشباب، كثرة التمريرات الشبابية الخاطئة! «الإشادة» ب«عودة» فريق النصر إلى المنافسة وأدائه الجيد عموما أمام الشباب لا تعني بالضرورة أن المشوار أمامه أصبح سهلا، فهناك الكثير من الصعاب التي تتطلب بذل المزيد من الجهد وتعويض ما مضى، وبالتالي فإن على «ماتورانا» ولاعبيه أن يعوا جيدا أن «القادم» أصعب، غير أنه ليس مستحيلا، وإنما يحتاج إلى جهود جماعية، وبذل وعطاء ميداني منظم، واستعدادات جادة مبرمجة يمكن أن تصل بهم إلى «هدفهم» المنشود في نهاية المطاف!.