16 توصية خرج بها المشاركون في «حوار حول العنصرية» الذي نظمه فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة أمس الأول (الخميس) الذي شارك فيه عضو من الشورى وحقوق الإنسان والإعلام وأكاديميون ومثقفون ومهتمون بمناهضة التمييز العنصرية. وتضمنت التوصيات التي اختير لها عدد من المشاركين لصياغتها على أن تتولى الجمعية رفعها للجهات المعنية وإعداد دراسات مستفيضة للواقع الاجتماعي لمعرفة واقع التمييز العنصري في الممارسة والإجراءات ومدى التزام الجهات الحكومية بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان والاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة في هذا الخصوص، والإسراع في إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية لفتح المجال للجمعيات المدنية المتخصصة مثل الجمعيات التي تهتم بحقوق الطفل والأخرى التي تهتم بالمرأة وغيرها، ومطالبة الجمعية الوطنية لحقوق الانسان بمزيد من التقارير حول مظاهر التمييز العنصري في المجتمع وإجراءات بعض الأجهزة الحكومية، وضرورة توضيح صورة الإسلام الحقيقية ومناهضته للعنصرية وترسيخه الدائم لكرامة الإنسان والتأكيد على دور وزارة الإعلام في ترسيخ هذه المناهضة في كافة وسائل الإعلام وخصوصا ضرورة تبنيها لميثاق شرف للتعامل الإعلامي يؤكد على أهمية وسائل الإعلام ودورها التنموي والوطني في مناهضة التمييز وترسيخ حقوق الإنسان، وتنقيح المقررات الدراسية من كل بواعث انتهاكات حقوق الإنسان من مفردات وكلمات تقوض ثقافة حقوق الإنسان إن وجدت مع الأخذ في الاعتبار تدريب المعلمين على مفاهيم حقوق الإنسان لترسيخها في نفوس النشء والإسراع في إصدار مفردات تعنى بحقوق الإنسان لتدريسها في كافة مراحل التعليم سواء في منهج مستقل أو من خلال المناهج الأخرى، وضرورة ترسيخ قيم المواطنة واستحداث الآليات الكفيلة بتعزيز التوازن بين الحقوق والواجبات تجاه الوطن والمواطن وأن الولاء دوما للوطن ووضع الآليات التي تحد من التمييز العنصري في مجال الصحة بما يتماشى مع النظام الأساسي للحكم، والمصادقة على العهدين الدوليين العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى تذليل العقبات للمرأة والأجانب في القضاء وإعادة النظر في الآليات والإجراءات فيما يتعلق بالقبول في السلك القضائي، وإعادة النظر في التعسف في استخدام سلطات الولي للحد من حقوق المرأة النظامية والشرعية، ومراجعة بعض الإجراءات التى تميز بين الرجل والمرأة كالطلب منها معرفا لاستكمال إجراءاتها في بعض الدوائر الحكومية رغم حصولها على البطاقة الوطنية، التأكيد على أهمية الأسرة كنواة للمجتمع وأحد داعمي مناهضة التمييز على نطاق المجتمع، ضرورة الأخذ بالدراسة التى قدمتها الجمعية حول علاقة العامل وصاحب العمل مع أهمية إلغاء نظام الكفيل، التأكيد على حق الطفل في التعليم والصحة بغض النظر عن مراكز والديه القانونية، الدعوة للتسامح وعدم كراهية الأجنبي، وتفعيل دور خطباء الجمع في ذلك. الإسلام والميثاق وشهد اللقاء الذي استمر أربع ساعات التحاور حول «الإسلام ومناهضة التمييز العنصري»، حيث كان المتحدثان الرئيسان في هذا المحور الدكتور أحمد البهكلي المشرف على فرع الجمعية في منطقة جازان، والدكتور محمد عطية عضو جمعية التقريب بين المذاهب الإسلامية، حيث أوضح البهكلي أن هناك نوعين من التمييز أحدهما فطري ليس للإنسان تدخل فيه مثل اللون والجنس وآخر مذموم نبه إليه الشارع الحكيم وحذرت منه الشريعة الإسلامية وهو ما نلمسه في الواقع المعايش، مبينا أن الإسلام كرم الإنسان وصان حقوقه، فيما اتفق معه عطية مطالبا بالتصدي للقنوات الفضائية التي تثير الفتن بالطائفية والتمييز، متفقا أيضا مع عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان طلال قستي الذي طالب بإيجاد ميثاق شرف إعلامي للحد من تأجيج العنصرية ووأد بواعثها. الاتفاقيات والعهدان أما الدكتور عمر زهير حافظ المشرف على مكتب الجمعية في منطقة المدينةالمنورة، الذي تحدث عن «التمييز العنصري وفقا للاتفاقيات الدولية»، فأشار إلى أن الجهود الدولية في مجال القضاء على أشكال التمييز العنصري لم تفعل رغم التأكيد عليها بإصدار العديد من الصكوك الدولية والمؤتمرات، مقترحا أن تتحد الجهود في سبيل مناهضة التمييز ووأد بواعثه وفقا للجهود الدولية وما تحث عليه الشريعة الإسلامية، وهو ما اتفق معه عضو مجلس الشورى رئيس لجنة حقوق الانسان والعرائض والمشرف على مكتبة الجمعية في العاصمة المقدسة سليمان الزائدي الذي طالب بالتصديق على العهدين الدوليين في أقرب وقت ممكن. المواطنة والتمييز وحول محور «دور المواطنة في القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري»، قال الكاتب الإعلامي الدكتور توفيق السيف، الذي كان المتحدث الرئيسي في هذا المحور «تطبيقات الدين تختلف عن الدين الإسلامي الذي كرم الإنسان لذلك لا بد من أخذ إجراءات كفيلة بأن لا يصل ما يتم تداول من آراء شخصية إلى مواقع صنع القرار لتبنى عليه القرارات وتصاغ به الأنظمة»، وأضاف «مشكلة التمييز لن تحل لأنها متجذرة لكن علينا الاطلاع والاستفادة من تجارب الدول الغربية، إضافة إلى أننا في حاجة إلى هيئة للقضاء على التمييز، ومكاتب للاسترشاد القانوني على نفقة الدولة وتشجيع شرائح المجتمع، كل في مجاله لتعليم الناس حقوقهم». الأجانب والكفالة أما الدكتور زيد الفضيل فتحدث عن «التمييز العنصري والأجانب»، وقال «علينا أن نراجع الدين المجتمعي لأنه سبب التمييز العنصري»، وأضاف «إشكالية التمييز ضد الأجانب تعود إلى نظام الكفيل، لذلك لا بد من إيجاد بديل لأن الكفالة تمثل صورا حديثة للعبودية». تنقيح المقررات بدوره تحدث الدكتور عائض الزهراني وكيل كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعة الطائف عن التمييز في مجال التعليم، حيث انتقد في ورقته بيئة ومنهج التعليم وطالب بتدريب المعلم وقال: «المنهج نظام يعتمد على حشو الطالب بطريقة التلقين وفق سلطة المعلم واحتقار الآخر»، وأضاف «نعيش في مجتمع توجد فيه كافة الأشكال المحفزة على التمييز، فالمنهج يحتوي على معلومات بلا مكان وزمان يعود بنا إلى القرن السادس الميلادي لذلك نحتاج إلى تنقيحه بما يتناسب وواقعنا المعاصر»، وزاد «دائما المشاريع تفشل إما لتخطيط لا ينفذ أو تنفيد بدون تخطيط، لذلك مشاريعنا تولد ميتة»، وأوصى بإعداد حقيبة تدريبية للطلاب لتعزيز مفاهيم العنصرية وخلق وعي بأضرارها والتواصل والمشاركة بين مؤسسات الاهتمام بالمعلم والجهات الحقوقية لتدريب وتأهيل المعلم. الإعلام والإثارة الناقد الإعلامي سعيد السريحي تحدث عن التمييز، فطالب في ورقته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن تناضل لترسيخ الحقوق لا أن تكون حامية للأنظمة التي تمارس انتهاك حقوق الإنسان، متفقا مع ما عرضه المهندس محمد هوساوي من صور تحث على التمييز العنصري تستخدمها وسائل الإعلام بدعوى الإثارة دون الاعتبار إلى أنها بواعث تدل على العنصرية، متفقا مع المطالبة بتدريب الإعلاميين على مناهضة التمييز لا تعزيزه. الأسرة والمجتمع أما الدكتورة فائقة محمد بدر عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز فتحدثت عن التمييز الاجتماعي والأسري، حيث أشارت في ورقتها إلى أن التمييز ضد المرأة ناتج عن موروث ثقافي والتنشئة الاجتماعية، وطالبت بالاهتمام بالأسرة وتثقيفها لوأد التفضيل والتمييز بين الأبناء على أساس الجنس والعمر. التمييز في الصحة بدوره تحدث الطبيب أيمن بدر كريم، والدكتور حمود أبو طالب، والإعلامية سوزان المشهدي عن «التمييز في مجال الصحة»، حيث أشارت الإعلامية مشهدي إلى أن التمييز الصحي ضد المرأة واقع وملموس تعززه القرارات مستشهدة بقرار عدم إعطاء زوجة المدمن والمسجون ضمانا اجتماعيا بدون موافقته، فيما اختلفت مع الدكتور حمود أبو طالب حول تفعيل القرار الذي يسمح للمرأة فوق 18 عاما بإجراء العمليات دون أخذ موافقة الزوج والذي قال عنه أبو طالب «قرار شكلي غير مفعل» مستشهدا ببعض الحالات، أما الطبيب أيمن بدر كريم فطالب في ورقته بإلغاء العلاج المدفوع لأنه تمييز بين البشر ويدل على أن الصحة لمن يمتلك المال وهذا يخالف النظام الأساسي للحكم، وقال «الدول المتقدمة تحترم حقوق الإنسان وتعالجه دون تمييز لجنسيته»، مبينا أن مهنة الطب مهنة إنسانية يجرم عليها القانون في الدول المتقدمة. تجارب تمييز وفي ثنايا الحوار عرض الطبيب أيمن بدر كريم مثالا على التمييز يتمثل في حرمان سعودي متفوق ومتخرج من أمريكا في مجال طبي يحتاجه الوسط الطبي لأسباب غير معروفة، مطالبا بإيجاد شركات طبية للتأمين تحت إشراف الدولة للقضاء على التمييز إضافة إلى زيادة عدد المستشفيات والأسرة. كما عرض الشاب المحامي فراس قصته مع التمييز وقال «تخرجت في جامعة أم القرى بالمرتبة الأولى متفوقا وكان طموحي أن أكون قاضيا ولكني قوبلت في اختبار المفاضلة بطريقة غير إنسانية ولم أقبل، ورغم أن زملائي الأقل مني قبلوا إلا أنني تفاجأت أيضا بقبول زميلي، الذي يدرس في الخارج والذي لم يحضر الاختبار، ضمن قائمة المقبولين وأنا غير مقبول».