اختتم أمس الأول في بيروت المؤتمر الدولي للغة العربية، بعد أن حفل بطرح الكثير من الدراسات والحوارات والمداخلات التي شخصت اللغة العربية وواقعها المعاش عند الناطقين بها وغير الناطقين بها وما رآه الباحثون في أوراق العمل التي قرئت في الجلسات والتي بلغت 76 جلسة على مدار ثلاثة أيام، وبعد الاطلاع على الأبحاث التي بلغ عددها 60 بحثا والدراسات وأوراق العمل المقدمة للمؤتمر تأكد أن ثمة أزمة كبيرة تواجه اللغة العربية، وأنها تزداد تأزما يوما بعد يوم بتأثير المتغيرات والتطورات والتراكمات التي أدت إلى هذه الأزمة الخطيرة، حيث تم تحديد أهم ما توصلت إليه هذه الأبحاث والدراسات وأوراق العمل من نتائج وتوصيات لتوضع في عهدة وتصرف المسؤولين وصناع القرار والمختصين والمعنيين على جميع المستويات للاستفادة مما جاء فيها من مؤشرات وحقائق تنطلق من الواقع الذي تعانيه اللغة العربية على مستوى الفرد والمجتمع والمؤسسة والدولة، وأكد المؤتمرون على أهمية دور القادة في الدول والمؤسسات الحكومية والأهلية والمجتمعات والأفراد في النهوض باللغة العربية، وقد خلصت البحوث والدراسات إلى 20 بندا على النحو التالي: أولا: الأنظمة والدساتير يأتي في مقدمة نصوص الأنظمة والدساتير العربية أن اللغة العربية هي لغة الدولة. وهذا يعني أنها لغة السياسة، والاقتصاد، والتجارة، والتعليم، والثقافة، والإعلام، والعمل، وأن أي خلل أو ضعف أو تهاون بها يعد اعتداء على النظام والدستور وخرقا للقانون يجب أن يحاسب عليه كل من اعتدى أو اجترأ على إضعاف اللغة العربية أو تهميشها، أو تهاون في الالتزام بحرفية الدستور في هذه المسألة. ثانيا:القوانين التشريعية الأنظمة والقوانين والتشريعات هي البنية الأساس للنظام الوطني والعربي، وحتى تكتمل صورة الهوية الوطنية والعربية وجب أن تسن القوانين والتشريعات والسياسات التي تؤكد على الالتزام باللغة العربية في جميع شؤون الحياة وأن تخضع جميع المؤسسات الوطنية الحكومية والأهلية لمراجعة شاملة لتعريبها والتأكيد على أهمية اللغة العربية واستخدامها بشكل صحيح. ثالثا: الأنظمة التعليمية حيث إن اللغة الوطنية هي الأساس الذي تبنى عليه شخصية الفرد وثقافته وقدراته وإمكاناته ليتمكن من الاستيعاب والفهم ويستطيع التفكير والإبداع والعمل والإنتاج والابتكار والتطوير لقدراته ومعارفه، وجب على المؤسسات التعليمية أن تضع سياسات تعليمية دقيقة ومفصلة وشاملة ومتكاملة لجميع التخصصات تأخذ بعين الاعتبار تنمية مهارات الطلاب والطالبات اللغوية وقدراتهم حتى يتكامل تأهيلهم اللغوي والمعرفي والعلمي وتكوين شخصياتهم الوطنية. رابعا: التعليم العالي تؤكد الدراسات والأبحاث المقدمة للمؤتمر أن طلاب وطالبات مؤسسات التعليم العالي يعانون من ضعف كبير في قدراتهم ومهاراتهم ومعارفهم اللغوية، وأن هذا يؤثر سلبا على مستوى تحصيلهم الدراسي واستيعابهم، وعلى القيام بواجباتهم في جميع التخصصات. وقد اتجهت بعض مؤسسات التعليم العالي إلى التدريس باللغة الأجنبية لعدة أسباب أهمها : عدم توافر المراجع العلمية باللغة العربية، وأن سوق العمل يتطلب الإلمام باللغة الأجنبية، ومن هذا المنطلق أهملت اللغة العربية في مؤسسات التعليم العالي وأصبحت اللغة الأجنبية متطلبا لالتحاق الطلاب والطالبات بالتخصصات العملية المختلفة . خامسا: البحث العلمي واللغة العربية يعد البحث العلمي أهم مولد ومنتج للمعرفة والابتكارات والاختراعات والمبادرات، غير أن لغة البحث تعد أهم أدوات البحث والباحث فهي التي تعينه على الفهم والاستيعاب والتحليل والاستنتاج والمقارنة والتوصيف، وقد أولت مراكز الأبحاث العالمية أهمية خاصة للغة الوطنية، وهذا ما لم تحظ به اللغة العربية مقارنة بغيرها من اللغات في البلدان المتقدمة التي تعطي الأولوية للغة في مؤسساتها ومراكز أبحاثها بصفتها الناقل والموصل لتلك الأبحاث والدراسات والابتكارات والاختراعات. سادسا: اختبار الكفاءة اللغوية كيف تستطيع دولة أو مؤسسة أو يستطيع فرد أن يحكم على مستوى الضعف في اللغة العربية دون أن تكون تلك الأحكام مبنية على حقائق ووثائق وبيانات من الميدان؟ لهذا وجب أن تعد الاختبارات الوطنية المعيارية المقننة التي يحتكم إليها الجميع لتحديد مواطن الخلل وأسبابها وكيفية معالجتها.