بعد 27 عاما من إبعاده عن مجلس الأمة وخسارته في الانتخابات لأربع مرات متعاقبة، وعودته عضوا في انتخابات 2008 و 2009م حلت المفاجأة بفوزه بمنصب نائب رئيس المجلس في الفصل التشريعي الرابع عشر الجاري، ما أثار جدلا في المجالس والديوانيات عن خلفيات ذلك، سيما أنه يتزعم الحركة السلفية في الكويت. «عكاظ» في رصدها لمفاصل التغيير وملامحه في الكويت حاورت نائب رئيس مجلس الأمة خالد سلطان بن عيسى (خالد السلطان)، وواجهته بالاتهامات التي تحوم حول التكتلات التي يقودها ضد المرأة والليبراليين والشيعة وائتلافه مع جماعة الإخوان المسلمين. • خالد السلطان عضو في المجلس سنة 1981م وعاد إليه في 2008م.. فأين كنت طيلة ال27 عاما ؟ • كنت في غياهب التلاعب في الانتخابات عندما كان عدد الدوائر الانتخابية 25 دائرة، فلما تغيرت إلى خمس دوائر صعب على من كان يقوم بدور التلاعب التحكم على دائرة بهذا الحجم. • ترددت اتهامات عدة حول لجوء السلطان للتصويت الورقي بدلا عن الآلي فهل هنالك من أوعز إليكم تنفيذ هذه الخطوة؟ • الثقة في الورقي أكثر، ومبدأ الثقة به يسير على العالم لا الكويت وحدها، كون النظام الآلي يعتمد على برامج قد تثير الشك لدى المرشحين حول تشغيلها، خاصة في ظل التنافس الشديد على انتخابات رئاسة المجلس، ترتهن الخسارة والفوز فيها على فارق صوت أو صوتين، بجانب أن الورق يعد مرجعا ثابتا يمكن الرجوع إليه في حالة التشكيك في النتائج. • هل تعني بذلك أن المعترضين على النظام الورقي كانت لهم نية في قلب النتيجة بالتلاعب بالنظام الآلي؟ • أنا لم أفهم حتى الآن سبب اعتراض بعضهم على التصويت الورقي، سوى أن قلة برروا موقفهم بأن في الورق إفشاء للسرية، بينما كان التصويت في أعلى المنصة، وكل يصوت ويطوي ورقته ويودعها في الصندوق ثم ينزل عن المنصة، أما مسألة القلق من أن يفشي أحد تصويته فهذا متاح حتى في النظام الآلي. • وهل اللوائح والأنظمة تمنح رئيس الجلسة حرية الاختيار بين التصويت عبر النظام الورقي أو الآلي؟ • نعم، فالمادة (110) من اللائحة الداخلية تنص على الجواز لرئيس الجلسة أن يستخدم النظام الآلي في التصويت، فإذا كان الجواز للآلي فهذا يعني أن الأصل هو استخدام النظام الورقي، وليس بدعة أن يعود مفتتح الجلسة للأصل. • من الواضح أن أبرز ما يتكرر في مطالبكم هو الدعوة إلى تطبيق الشريعة في الكويت، فإلى أي مدى تتوقع تحقيق ذلك مع المجلس الحالي؟ • حسب تجاربنا السابقة أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي فرض تشريعات إسلامية من خلال أسلمة القوانين الحالية، أو تقديم قوانين جديدة تعالج جوانب من التشريع، ونحن مستمرون على المطالبة بذلك، ولن نتوقف أبدا، وهذا امتداد لما تبنيناه في مجلس الأمة عامي 2008 و 2009 من دور لأسلمة القوانين، في حين يظل الخيار في تغيير المادة الثانية للدستور بأن تكون الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع في البلاد، وهذا يريحنا في المستقبل بأن يكون أي قانون جديد يعرض على مجلس الأمة مطابق للشريعة الإسلامية، دون التأثير على القوانين القائمة ما لم يقوم المجلس نفسه بإعادة النظر في التشريع القائم. • وما أبرز هذه القوانين التي ترى أنها بحاجة إلى أسلمة؟ • يأتي في أهميتها الأحوال الشخصية، والحياة الاجتماعية من حيث العدالة والحفاظ على مكونات المجتمع كالحريات، والمعاملات الاقتصادية والتشريع في قانون الشركات التجارية بما يتوافق مع الاقتصاد الإسلامي. • وهل تعديل ثاني مادة في الدستور أمر يجري بهذه البساطة؟ • تعديلها يتطلب موافقة ثلثي المجلس، أي 44 عضوا، بالإضافة لمطابقة موافقات الأعضاء مع موافقة سمو أمير البلاد. • وهل الموافقات متاحة؟ • قد تكون الأرقام غير كافية لتجاوز هذه العقبات في الوقت الحاضر. • غابت المرأة عن المجلس في الفصل التشريعي الجاري، وأصابع الاتهام تتجه نحو الإسلاميين في تغييبها.. فهل عمدت تكتلاتكم على ذلك فعلا؟ • أبرز الانتخابات التي فازت فيها المرأة كانت في مجلس 2009م، وعدم نجاحها في 2012م جاء لوقف التدخل والممارسات غير السليمة التي تؤثر في العملية الانتخابية، فتركت المسألة للشعب الكويتي في اختيار من يشاء، وغيابها كان متوقعا. • ماذا تقصد بالممارسات؟ • الحالة الاستثنائية التي حصلت سنة 2009م كانت بفعل فاعل، فاستخدمت أموال وفرق ولجان موسعة بإعداد عدة أطراف قادها الليبراليون، ساهمت في مد المال وتسخير الإمكانيات، فتجلت النتيجة بنجاح أربع نساء في المجلس • هل كان للسلفيين تكتل خفي في مجلس 2012 لصد مثل هذه التحركات؟ • لم يحصل أبدا، وترك الأمر بحسب رغبات الناخبين الكويتيين. • هناك من ينادي بتشريع قانون لوجود مقعد على الأقل للمرأة في المجلس وإن كان من طرف الحكومة؟ • هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا. • لماذا؟ • عندما نتحدث عن انتخاب فإن نتائجه تمثل إرادة الأمة، فإرادتها لن تكون بفرض نسبة عليها. • ولكن قد تكون إرادة حكومة قد يصبح من بين تشكيلها وزيرة تأخذ حق عضوية المجلس؟ • الحكومة ما تمشي على كيفها. • طالبتم في المجلس السابق بفصل الطالبات عن الطلاب في المرحلة الجامعية بدعوى الاختلاط، إلا أن الأمر لم ينفذ رغم صدور قانون يقرر الفصل. • يجري تنفيذه ونحن نتابع كافة المجريات. • وبم تفسر انحسار مقاعد الليبراليين في هذا المجلس؟ • انحسار مقاعدهم لم يكن نتيجة تدخل أو تخطيط أي كتلة أو طرف، فكما تعلم أنه في سنة 2008م كان عدد الأعضاء الملتزمين 22 عضوا، وانحسروا في مجلس 2009 في 6 أعضاء، ولما سارت الانتخابات في هذا العام بصورة حرة عادت مقاعد الملتزمين إلى أعداد فاقت 22 عضوا، فكثافة الإسلاميين نتيجة طبيعة تعكس واقع الشعب الكويتي، وتراجع ممثلي التيار الليبرالي يرجع إلى أدائهم في المجلس السابق والمواقف التي اتخذوها. • ولكن كيف نصدق هذا ونحن نعلم أن المنافس الأبرز على مقعد رئاسة المجلس هو ممثل الحركة الليبرالية محمد الصقر؟ • صحيح، فمحمد الصقر نجح في الانتخابات. • إذن هذه من بين إرادة الشعب الكويتي حين فضل بعضه الليبرالي محمد الصقر، أم هنالك أدوات دفعت الصقر للوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة؟ • هذه مسكوت عنها. • ولو بتلميح؟ • هذه مسكوت عنها، ولن أتطرق إليها. • في مقابل الليبراليين هنالك الشيعة الذين فقدوا مقعدين في هذا المجلس عن العام الماضي فما قراءتكم لذلك؟ • نعم، كانوا تسعة والآن أصبحوا سبعة نواب، والسبب في ذلك أنه في سنة 2009م كان حضور السنة في الانتخابات يقارب 35 في المائة، بينما حضور الشيعة كان بنسبة 85 في المائة، بالإضافة إلى أن السنة كانوا متفرقين وكل مرشح ينافس الآخر بحرية، بينما كانت قائمة الشيعة مرتبة ومنظمة، وفي هذا العام تجلى تخطيط لدى السنة لعملية إلى من يذهب الصوت فكان عاملا لخفض مقاعد الشيعة من تسعة إلى سبعة، وقد وعي السنة لذلك خاصة في الدائرة الأساسية. • ما خلفية العلاقة الحميمية بين السلفيين والإخوان في انتخابات هذا المجلس؟ • نحن نتعاون ونعمل كيد واحدة. • التعاون على اختلاف المنهج.. ضد من إذن؟ • القضايا التي نلتقي لديها أكثر من التي نتخلف عندها، فأنا أعتقد أن هنالك التقاء واسعا فيما بيننا. • ولكن ما أعنيه أن التحرك الليبرالي والشيعي ولد لدى السلفيين والإخوان ائتلافا.. أليس كذلك؟ • أعتقد أن المنافسة الشديدة في انتخابات 2012 هي من دفعت لخلق التعاون بين السلفيين والإخوان. • هل المنافسة كانت ضد الشيعة والليبراليين والمرأة؟ • مع جهات متعددة، ثم أن استهداف الإسلاميين من جهات محددة ساهم في توحيد صفوف السلفيين والإخوان. • نتائج الانتخابات في مصر وتونس والمغرب وأخيرا الكويت وقد تصدرها الإسلاميون يدعو المحللين للشك بأن هناك اتفاقا منظما على مستوى دولي وإقليمي.. فما تعليقكم؟ • أنا أعتقد أن هذا يعكس واقع الشعب العربي، فشريحة الملتزمين والمحافظين فيه ليست قليلة. • وأين كانوا في السابق؟ • كان يلعب بإرادة الأمة، بتزوير الانتخابات، وحرمان الإسلاميين من تنظيم أنفسهم والترشح للانتخابات، فعندما أزيلت هذه الغمة بينت أن قواعد مكونات الأمة ترسخت في المحافظة، ولا أرى أن هذا أمر غريب، بل الغريب كان في الوضع السابق بإبعاد الإسلاميين من المقاعد السياسية. • وإلى أي مدى يعتقد الإسلاميون بثبات مقاعدهم في مواقع التأثير السياسية؟ • نتأمل إذا استمر الوضع في الكويت في الانتخابات القادمة بنفس ما دار في هذا العام من نزاهة وحرية أن نجد استمرار هذا الحضور الكثيف، فالإسلاميون يشكلون 47 في المائة من المنتخبين، والمحافظون يقاربون ال80 في المائة، وأتوقع أن الأمر ذاته سوف يتكرر في سورية بعد إزالة الغمة عن شعبها. • تصدرت في المطالبة بتجنيس العسكريين .. هل جعلت ذلك من أولوياتك اليوم؟ • نعم، فهؤلاء وقفوا مع الكويت في الأزمات والحروب، أثناء غزو الكويت وشاركوا في الجبهة المصرية سنة 1967م والسورية سنة 1973م، فالمفترض يتم تمييزهم بمنحهم الجنسية. • وما المعوق في منحهم الجنسية عندما نتحدث عن عسكريين شاركوا في حروب كان آخرها قبل 20 عاما؟ • تم منح بعضهم الجنسية، ولكن نطالب بالتوسع لا حصر التجنيس على بعضهم. • وهؤلاء جرى تجنيسهم ارتجالا دون آخرين؟ • لا يوجد قانون يخصهم، وأولئك تم تجنيسهم وفق قانون الجنسية العام. • ماذا رسمتم من خطط تؤكد دوركم في هذا الفصل؟ • مجموعة من أعضاء المجلس تعاهدوا على الاستمرار في تبني قضايا الإصلاحات والتنمية، التي يأتي في مقدمتها محاربة الفساد لدى المؤسسات، وإصدار تشريعات بشأن الفساد، وملاحقة رموز الفساد في السابق، إضافة إلى إصلاحات تتم على المستويين التشريعي والتنفيذي بمتابعة الحكومة، مقابل دور المجلس الرقابي على ما يخص التنمية والتعليم واستقلال القضاء ورفع كفاءة الخدمات الصحية وتنقية الإعلام من عناصر الفساد السياسي التي تؤثر على المجتمع، وهذا كله بجانب أسلمة القوانين كما أسلفنا في بداية الحوار.