أكملت شرطة الخرطوم التحقيقات مع الجناة المسلحين الذين ابتزوا دبلوماسيين سعوديين في السودان، ودونت اعترافاتهم تمهيدا لإحالتهم إلى القضاء بصورة عاجلة لإيقاع الجزاء الرادع لهم. وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية في السودان اللواء السر أحمد عمر أن ما حدث للدبلوماسيين السعوديين يوم أمس الأول كان عملية ابتزاز وليست اختطافا، كما أنه لم يكن مقصودا باتجاه سعوديين أو دبلوماسيين تحديدا، وإنما محاولة من معتادي الإجرام للحصول على المال بأية وسيلة. وأوضح ل «عكاظ» أن مثل هذه الحوادث العرضية يمكن أن تحدث في أية مدينة في العالم، مشددا على أن جميع البعثات الدبلوماسية في العاصمة السودانية مؤمنة تماما، وأن أعضاءها يتحركون بسهولة تامة، ويمارسون حياتهم بصورة طبيعية. لافتا إلى أن الدبلوماسيين السعوديين الأكثر تفاعلا مع المجتمع المحيط بهم من بين جميع البعثات الدبلوماسية في الخرطوم، وهم يحظون بمحبة خاصة وتعامل مثالي من أشقائهم في السودان. وكشف اللواء السر عن تفاصيل الحادثة بأن الدبلوماسيين السعوديين اعتادوا الخروج في نهاية الأسبوع إلى منطقة خلوية في ضواحي الخرطوم، تعرف ب «العيلفون» لتناول طعام الغداء، ويبدو أن الجناة وعددهم أربعة قد رصدوا هذه العادة، واستغلوها في محاولة للحصول على المال. الخارجية السودانية ل «عكاظ»: تدابير لتأمين حياة الدبلوماسيين في ضواحي الخرطوم محمد طالب الأحمدي (الخرطوم) «هاتفيا» طلبت وزارة الخارجية السودانية من جميع البعثات الدبلوماسية في الخرطوم إخطارها عن أية تحركات خارجة عن المناطق المعهود التحرك فيها، لتعزيز حمايتهم دون أن يتم استغلالهم من قبل عصابات مسلحة. وكشف ل«عكاظ» المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية وأمين عام مجلس الصحافة السفير العبيد مروح عن فرض تدابير جديدة لحماية الدبلوماسيين بعد تعرض سعوديين للابتزاز من قبل مسلحين في أطراف الخرطوم، وذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وتمثل هذه التدابير في توسيع نطاق حماية الدبلوماسيين، التي غالبا ما تتركز في وسط الخرطوم دون ضواحيها، حسب تحركاتهم المعتادة، بجانب الطلب من البعثات بإشعارها بالتحركات خارج العاصمة. وعن أسباب فرض هذه التدابير بعد حادثة الاحتجاز الآن وليس من السابق، قال السفير مروح كنا نفضل ألا نتدخل في تحركات الدبلوماسيين، كي لا يفهموا أننا نضيق عليهم نطاق التحرك. وأكد المتحدث باسم الخارجية السودانية، على أن هذه الحادثة تعد مخالفة جنائية أكثر من كونها تحمل بعدا سياسيا، وهي حالة معزولة لم يسبقها أي مؤشرات نحو استهداف الدبلوماسيين. وبشأن علاقة هذه الحادثة باختطاف 29 صينيا في ولاية جنوب كردفان من قبل متمردين مسلحين، نفى السفير مروح وجود أية علاقة بين الحالتين، كون السعوديين احتجزا لدى عصابة ضئيلة مسلحة، والصينيين لدى جماعة متمردة على الحكومة في جنوب كردفان، برغم حمايتهم من قبل القوات المسلحة. الدبلوماسيان يرويان وقائع الساعتين ل «عكاظ»: طلبنا من زملائنا الفدية وفوهات البنادق على رأسينا محمد طالب الأحمدي (الخرطوم «هاتفيا») روى ل«عكاظ» الدبلوماسيان السعوديان تفاصيل ساعتين عاشاها رهن الابتزاز والتهديد بالقتل من قبل عصابة مسلحة في السودان، بعد تحريرهما على يد شرطة الخرطوم قبل يومين؛ لكنهما فضلا عدم الإفصاح عن اسميهما لدواع أمنية، واكتفيا بتوضيح عملهما بإدارة الشؤون الإعلامية بالسفارة والآخر بالشؤون الإدارية. أحدهما قال: عندما غادرنا سفارة المملكة في حي العمارات وسط الخرطوم، توجهنا إلى منطقة «العيلفون» شرق العاصمة ب 12كيلو مترا، وهي باحة برية للتنزه قصدناها للغداء كعادتنا الأسبوعية، وبعد أن فرغنا من الطعام، وغادرنا المنطقة باتجاه العاصمة، فوجئنا بنقطة تفتيش لم تكن منصوبة في السابق، يقف فيها خمسة رجال أمن، طلبوا منا إبراز هوياتنا وجوازات سفرنا كوننا نستقل سيارة دبلوماسية، فلبينا كل ما طلبوه منا، لكنهم أشهروا أسلحتهم في وجهينا، وقالوا «أنتما متهمان بتهريب السلاح، فهذه المنطقة لا يمر منها إلا المهربون»، وكنا إلى تلك اللحظة نعتقد أنهم رجال أمن فعلا، حتى بدأت مرحلة الابتزاز والمساومة «إما أن ندفع مبلغ 7500 دولار أمريكي، أو تسليمنا للأمن والحكم علينا بالسجن 20 عاما». عندها اتخذ الدبلوماسيان قرارا حازما لثقتهما بسلامة وصحة تصرفاتهما وقالا لهم «نريد إحالتنا إلى الأمن»، لكن المسلحين رفضوا ذلك، وصوبوا فوهات الرشاشات إلى رأسيهما وهددوهما بالقول«ادفعوا الآن المبلغ»، فرفضنا ذلك لأننا لا نحمل مبلغا بهذا الحجم ونحن في نزهة برية، فأجبرتهما العصابة على الاتصال برفاقهما الدبلوماسيين الآخرين لشحذ المبلغ وجلبه إليهما في الحال. فكر أحد الدبلوماسيين سريعا بحيلة ذكية، قادت الشرطة للقبض على مطلوب من بين أفراد العصابة التي كانت تحاول القبض عليه منذ سنة 1997م، لأعمال جنائية متعددة ارتكبها منذ 15عاما.. تكمن الفكرة في الاتصال بأعضاء البعثة السعودية في الخرطوم، وطلب المبلغ دون الإشارة إلى أنهما رهينان لدى مسلحين مع إبداء الربكة والخوف عند الحديث عبر الهاتف، وأجرى الدبلوماسي عدة اتصالات لاقت إجابات تتراوح، ما بين العجز عن تلبية طلبه، أو الانتظار لليوم التالي، إلى أن اشتبه أحدهم بفحوى الاتصال، وأبدى استعداده التام لتسليف زميله مبلغ 7.5 ألف دولار، وأبلغ المحتجز العصابة يطلب بأن يمضوا إلى الخرطوم لاستلام المبلغ، فوافق المسلحون على ذلك. وفي هذه الأثناء أبلغ الدبلوماسي الذي وعد بتوفير المبلغ الشرطة عن الحادث، فهيأوا كمينا بحجة أنه يريد مقابلة صديقه وتسليمه المبلغ، وكانوا يراقبون الحالة عن كثب، وعند وصوله للموقع فوجئ بمسلحين خمسة يطلبون منه دفع المبلغ مقابل تسليم صديقيه، وعندها ألقى رجال الأمن القبض على أربعة بعد هروب الخامس، وتبين حينها أنهم ليسوا رجال أمن، وأن بطاقاتهم التي تحمل شعار الشرطة كانت مزورة. وأكد الدبلوماسيان في حديثهما ل«عكاظ» أنهما لم يصابا بأذى، وقد واصلا عملهما في السفارة في اليوم التالي للحادثة. الملحق الثقافي في الخرطوم ل «عكاظ»: الحادثة لم تعق اجتماعنا بوفد جامعة أم القرى محمد طالب الأحمدي (الخرطوم) «هاتفيا» فيما تزامن وقوع حادثة اختطاف الدبلوماسيين السعوديين بمراسم استقبال وفد جامعة أم القرى في مبنى السفارة السعودية في الخرطوم والتي تحضن مبنى الملحقية الثقافية في حرمها؛ أوضح ل«عكاظ» الملحق الثقافي الدكتور هزاع الغامدي، أن حادثة احتجاز الدبلوماسيين لم تتسبب في إعاقة اجتماعنا بوفد جامعة أم القرى، كون جهات معنية كانت تتابع الحدث، ولم نبلغ به إلا بعد أن جرى تحريرهما من المسلحين. مشيرا إلى أن الاجتماع بالوفد تسلسل على مدى أسبوع، ما بين الملحقية والجامعات السودانية، بغرض التعاقد مع أساتذة لدعم هيئة التدريس في جامعة أم القرى.