لم يتوقع حسام، س. أن يترك عش الزوجية بعد 04 يوما من شهر العسل، إذ دخل دوامة الديون التي لم يحسب أنها ستكون سببا رئيسا لانفصاله عن عروسه التي ضاق بها الحال جراء عدم التخطيط المبكر الذي يفترض أن يوليه أي شاب أهمية في هذه المرحلة. ويعد الطلاق المبكر واحدا من أكبر المشكلات الاجتماعية وأكثرها انتشارا بين شبان وشابات هذا الجيل، حيث أفاد عدد من مأذوني الأنكحة في جدة بأنهم شهدوا حالات طلاق في مدة لا تتجاوز ال24 ساعة من تاريخ تسجيل وثيقة الزواج، وبينوا أن لهذه المشكلة أسبابا متعددة «أهمها عدم استشعار كل من الطرفين للمسؤولية المتوجبة عليهما»، وأكدوا ملاحظتهم أن أكثر حالات الطلاق تحدث بعد انقضاء شهر العسل، ما يدل على عدم نضج الطرفين وعدم إدراكهما أهمية هذا الرابط بينهما، وأن الزواج ليس شهر عسل فقط بل هناك الحلو والمر وعليهما الاستعداد وتقبل هذه الحقيقة. من جهتها، قالت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، أن أحد أبرز أسباب الطلاق المبكر يكمن في عدم سماح بعض الأهالي للخطيبين بالالتقاء تحت رقابة أولياء الأمور، خصوصا أن لقاءهما في فترة الخطبة له إيجابيات كثيرة، وأكدت «من الأفضل تمكين المخطوبين من اللقاء تحت رقابة أولياء الأمور، فأولا وأخيرا هذا الشاب وهذه الشابة سيكونان من المحارم في نهاية الأمر وأعضاء جددا في كلتا الأسرتين، وعليه لا بد من ترتيب لقاءات مشروطة بينهما ليتمكن كل طرف من دراسة الآخر وتحديد المسؤوليات ومشاركة الأفكار والتطلعات وخلق المودة والمحبة بينهما واكتشاف العيوب»، وبينت أن لهفة العروسين على الإقدام على الزواج هي «نقطة ضعف تعمي كلا الطرفين من رؤية عيوب الآخر، وهناك حالات كثيرة تستر فيها العريس وأهله أو العروس وأهلها على بعض العيوب كإدمان المخدرات أو الحالات النفسية أو حتى أمراض فيروسات الدم». وأشارت زين العابدين إلى أن تدخل الأهل أيضا «يعد من أهم الأسباب التي ينتج عنها الطلاق المبكر»، وطالبت العرسان الجدد بأن «يحفظوا أسرار بيتهم الصغير خصوصا أن هناك أمورا حساسة لا بد من مراعاتها وعدم السماح لأي كان بالتدخل في خصوصية عشهما الزوجي». كذلك نصح الشيخ سعيد القرني إمام وخطيب جامع الملك سعود في جدة والمأذون الشرعي العرسان بالانخراط في دورات اجتماعية مخصصة قبل الإقبال على الزواج، مشيرا الى ان «هذه الدورات التي تقدمها جمعية مودة ستفيد الشبان والشابات كثيرا، وستساعدهم على استمرار ارتباطهم إذ تشرح لهم المشكلات التي قد يتعرضون لها وكيفية معالجتها، كما توضح لهم آلية هذا الارتباط والهدف السامي الذي يتوجب على الطرفين معرفته عن الزواج»، مؤكدا أن على الطرفين التحلي بالمرونة وعلاج الأخطاء التي قد تصدر من أحدهما. ويشير المأذون الشرعي محمد الشهري إلى أنه ينبغي على الأهل تسهيل الأمور التي تساعد الزوجين على الاستمرار في حياتهما الزوجية، منتقدا بعض الأسر التي تهتم بالكماليات دون التطرق لأساسيات هذا البناء الذي يتم من خلاله تحديد مصير الارتباط. وروى قصة مفادها أنه دعي لكتابة عقد نكاح ويفترض أنه في هذه الحالة لا بد من الاتفاق بين أهل العريس و العروس «لكنني فوجئت أن أهل العروس طلبوا مبلغا إضافيا للمهر المتفق عليه بحجة غلاء تكلفة التجهيز للعرس، ما اثار حفيظة والد العريس الذي طلب فسخ هذا العقد قبل كتابته، ووجدت نفسي متفرجا وسط الأصوات التي تعالت بسبب الكماليات، وحاولت التدخل ولكن دون فائدة وكان العريس محبطا ملتزما الصمت كأن صاعقة حطت على رأسه». وأضاف: الأهل هم القدوة، ورسالتي للأهالي عدم المبالغة في الطلبات لإرضاء أحد، وعدم السماح للعريس بالتورط في الديون بسبب تجهيزات العرس «لأن هذا الأمر سيعجل بالطلاق بين العروسين، وينبغي اشتراط الأساس كالوازع الديني والأخلاقي، والتأكد من أن هذه الصفات متوفرة فعلا في الشاب المتقدم لابنتهم وليست الكماليات وتجهيزات الفرح التي لا تدوم طويلا».