لا أحد يريد تدخلا عسكريا أجنبيا في سوريا، هذه أمنية أخلاقية نبيلة؛ لأن لا أحد يريد دمار سوريا أكثر مما وصلت إليه، ولا أحد يود أن يراها خرابا أكثر مما هي فيه، لكن في الوقت ذاته لا يمكن لأي إنسان أن يقبل ما يجري لشعبها من مجازر يومية ازدادت شراستها في الأيام الأخيرة بشكل همجي. كان الحل السلمي المتمثل في المبادرة العربية رغم كل الملاحظات عليها هو المطروح آنيا على الأقل للحد من نزيف الدم وإبعاد شبح أي شكل آخر من التدخل، لكن النظام السوري بالغ في تعنته واستخفافه بالمبادرة لتذهب إلى مجلس الأمن، وكانت الدلالات تشير إلى احتمال إجهاضها بالرفض الروسي، وبدرجة أقل الرفض الصيني، لكن أيضا كانت هناك توقعات بأن تتجاوز روسيا والصين حسابات المصالح ومقايضاتها إلى الاضطلاع بمسؤولية أخلاقية إنسانية تجاه شعب تحاصره آلة الموت، على الأقل بالتحفظ على أي من بنود المبادرة في أسوأ الأحوال، ولكن ليس باستخدام الفيتو. لكن أثبت الواقع أن من يرتجي أي أخلاق في لعبة السياسة مجرد شخص واهم وحالم. فعلتها روسيا والصين رغم كل استنكار شعوب العالم لما يواجهه الشعب السوري، ورغم ظنها بأن هذين القطبين ربما يسجلان موقفا إيجابيا قد يكون تاريخيا في سجلاتهما، لكنهما سجلتا موقفا سلبيا تحت مبررات لا يستسيغها أي منطق.. مساء السبت أشعلت روسيا والصين غضب الإنسان في كل مكان، وأجبرت المجتمع الدولي على الشعور بحالة من الاستياء الشديد، والبدء في البحث عن مخارج أخرى. أغلب الظن أن روسيا بالذات تعرف استحالة بقاء النظام السوري طويلا، أو أنها بموقفها هذا تستطيع حمايته من السقوط، فقط هي كمية الضمانات للمصالح والمقايضات بالمواقف من أجلها، لكن في النهاية سيجد العالم حلا لإنقاذ الشعب السوري الذي لن يتراجع عن مسيرته من أجل الخلاص من نظام «العبث» الذي يجثم على أنفاسه. وحتى لو لم يتوصل المجتمع الدولي إلى مخرج للأزمة فالشعب الذي يقاوم منذ قرابة عام رغم كل ما يعانيه سيعرف في النهاية كيف يتدبر أمره بنفسه مهما كان الثمن، ومهما طال الوقت.. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة