جازان .. جيزان.. وبين الألف والياء تسكن كل حروف العربية. (من قصيدة جازان .. فصوص الفل والملح لكاتب المقال) *** لست أعرف كيف تمكن موقع صحيفة صوت الشعب الإلكتروني من اختراق اجتماع تحرير «عكاظ» الذي عقد في أعقاب نشر التقرير المشين الذي نال من جازان وأهلها وقبيل التغييرات التي طالت رئاسة التحرير فنقل ذلك الموقع تفاصيل ما دار في ذلك الاجتماع من خلاف واختلاف بين من رأى في نشر ذلك التقرير خطأ فادحا يستوجب اتخاذ إجراءات تضع حدا لتبعاته وتقدم ما يمكن أن يكون رد اعتبار لأهالي منطقة عزيزة على قلوبنا أساء لها ذلك التقرير أيما إساءة وبين من كان يصر على أن ليس في ذلك التقرير ما يسيء وما يستوجب الاعتذار. لست أعرف كيف تمكن موقع صحيفة صوت الشعب الإلكتروني من ذلك، وعلى الرغم من أنني شعرت بامتعاض تجاه ذلك الاختراق لما نعتبره جبهتنا الداخلية في «عكاظ» إلا أنني شعرت في الوقت نفسه بغير قليل من الغبطة أن كشف ذلك التقرير الذي نشره موقع صوت الشعب خلافا داخل البيت العكاظي ينم عن عدم الرضا عن ما تم نشره وكشف كذلك عن استشعار من في داخل «عكاظ» نفسها لحجم الخطأ الذي ارتكب تجاه جازان وأهلها جعل من حق هؤلاء المنكرين أن يتمثلوا بقول الشاعر العربي القديم: ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهود ولعل ما كشف عنه تقرير موقع صحيفة صوت الشعب الإلكتروني هو ما جعلني أهلا أن أتلقى اتصالات أصدقاء من جازان يشكرونني فيها على ما اعتبروه موقفا مني تجاه ما تم نشره في «عكاظ» وقد كنت أؤكد لهم أنه أمر لا يستوجب الشكر وإنما اقتضاه الواجب تجاه أناس ينزلون منزلة الأهل ولا يقبل المس بهم والإساءة إليهم إلا من يقبل المس بأهله والإساءة إلى ذويه. ولعل ما كشف عنه تقرير موقع صحيفة صوت الشعب الإلكتروني هو ما جعلني أهلا لأن أتلقى خبر التغيير الذي طال رئاسة تحرير «عكاظ» عبر رسالة على الجوال جاءت في صيغة تهنئة فعرفت في منتصف الليل من جازان ما لم يعرفه كثيرون من الزملاء في «عكاظ» إلا في صبيحة اليوم التالي. وإذا كان هذا التقديم قد يشي برغبة في البراءة من ذلك التقرير المشين الذي نشر في «عكاظ» فإن تلك الرغبة ليست مقصودة في حد ذاتها فقد استهدفت من هذا التقديم أمرا آخر يتمثل في التأكيد على أن ما نقله الموقع الإلكتروني من شأنه أن يوضح حالة عدم الرضا داخل «عكاظ» عما نشر فيها وأن ما نشر من تفاصيل ذلك الاجتماع الذي تم اختراقه ليس سوى قمة جبل الجليد من خلافات حادة لم تخرج «عكاظ» من دوامتها إلا التغييرات الأخيرة والتي لم تكن مجرد تغييرات في هرم المسؤولية في «عكاظ» فحسب بقدر ما كانت تصحيحا لمسار «عكاظ» وإعادة روح المسؤولية الاجتماعية إليها أو إعادتها إلى روح المسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن يتسم بها أي عمل ثقافي أو إعلامي. ولم يكن لذلك التقرير المشين أن يكون معبرا عن «عكاظ»، عقلا أو نقلا، وهي الصحيفة التي يشارك في حملها على أكتافهم ثلة من أبناء جازان منذ ما يقارب الثلاثين عاما هي ما عايشته من عمر هذه الصحيفة، ولم يكن لها أن تبلغ ما بلغته من مكانة لولا ما يبذلونه من جهد وما يتفانون في أدائه من عمل، لم يكن لذلك التقرير أن يكون معبرا عن «عكاظ» أو مقبولا ممن في «عكاظ» وهي الجريدة التي تضم بين جنباتها إبان نشر التقرير أحمد عائل فقيهي وعمر كاملي وعادل باصقر وإبراهيم عقيلي وعبد الرحمن ختارش ومحمد المسرحي وماجد زيدان ومحمد الهتار وعادل النجار وعلي كاملي وإبراهيم علوي وزملاء آخرين لا يقلون عنهم جهدا وتفانيا وإخلاصا في العمل ومعرفة بمعنى المسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن يتحلى بها الإعلام لكي ينهض بدوره المأمول منه. لم يكن ذلك التقرير المشين ممثلا ل«عكاظ» ونحن نراه يمس فيما يمس زملاء لنا نعرف أنهم بما يتسمون به من خلق إنما يمثلون ثقافة منطقتهم وما تتسم به أهلها من سمو ونبل في الأخلاق وكيف لذلك التقرير أن يكون ممثلا لرأي أو موقف «عكاظ» وهو ينال من كرامة وقيمة وخلق إخوة لنا نعرفهم كما نعرف أنفسنا ونعرف أن ما يلحق بهم وبالمنطقة التي يمثلونها يلحق بنا جميعا وينال من كرامتنا قبل أن ينال من كرامتهم. لم يكن لذلك التقرير أن يمثل «عكاظ» التي تعرف أن جازان هي منبع للثقافة والفن والإبداع وأن مشاركة مثقفي جازان في هذه الحقول المتعددة قد أثرت وأغنت ثقافتنا الوطنية وعززت مكانتها وحضورها في الأفق العربي. لم يكن لذلك التقرير المشين أن يكون ممثلا لرأي وموقف «عكاظ» وهي الصحيفة التي كانت وستبقى معتزة بما تلقاه من أهالي منطقة جازان من حفاوة ومتابعة واهتمام باتت تعد معه صحيفة جازان الأولى وخبز أهلها اليومي. وإذا كان ذلك كله كذلك فليس بمستغرب أن يشتد غضب أهل جازان عليها حين وجدوا فيها ما يمكن أن يكون نيلا من كرامتهم ورميا لهم بما هم منه براء، ولهم العذر كل العذر عندما اشتط بهم الغضب وبلغ بهم مداه فمن مأمنه أوتي الحذر وممن يثق فيه جاءته طعنة في الظهر. لقد كان غضب أهالي جازان مصدقا لما حذرت منه العرب حين قالت في حكمتها (اتق الحليم إذا غضب) وكانت غضبة أهالي جازان هي غضبة الحليم لا شفاعة تردها على السكينة غير إدراكهم أن ما جاء في ذلك التقرير لم يكن ممثلا بأي حال من الأحوال لجريدتهم «عكاظ» وأنها ستبقى كما عرفوها الصحيفة الأقرب لنفوسهم وسيبقون كما عرفتهم أهلا لا تقبل بهم مسا ولا عليهم ضيرا. وإذا كانت جولاتي الصحفية لمختلف بقاع وطننا الغالي قد كشفت لي كثيرا من طباع وثقافات أهلنا في مختلف المناطق فإن زياراتي المتكررة لجازان كشفت لي خاصية في أهلها تمثل حالة الرضا التي يعيشونها، وإذا كان كثير من المواطنين في مختلف بقاع المملكة لا يترددون في الحديث إلى الصحافة عما تحتاجه مناطقهم من خدمات فإن المدهش في جازان وأهلها أنك إن سألتهم عما يفتقدون حدثوك عما يملكون وإن سألتهم عما ينقصهم أشاروا إلى ما لا ينقصهم وكأنما يحول بينهم وما يملكونه من غنى الروح وثراء الإرث عن أن يكونوا بحاجة إلى شيء أو مفتقدين لشيء حتى كدت أتوهم أن تأخر التنمية لديهم إنما كان نتاج لهذا الغنى الذي جعلهم يترفعون عن أن يركضوا مطالبين بنصيبهم منها. فإذا كان أهالي جازان بهذا الغنى الروحي والثراء الذي لا يحسب بمعايير المادة أدركنا كيف يشتط بهم الغضب تجاه ما يمكن أن يكون مسا بكرامتهم وتعريضا بهم. وإذا كانت جازان لم تنفك عبر تاريخها تعلمنا كيف يكون الصبر فقد علمتنا التجربة الأخيرة معهم كيف يكون الغضب وكيف يتمكن العقلاء من إدارة غضبهم حين يستبد بهم الغضب. غداً.. هاشم الجحدلي جازان.. أولنا عذر وآخرنا عتبى