لا أحد يشك لحظة أن أحد الأسباب الرئيسية والمحورية لتحويل الأمة العربية بالجزيرة من رعاة الغنم لقادة الأمم هي التربية القرآنية التي جعلت عمر يحفظ سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة روى مالك عن نافع عن ابن عمر قال: «تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزورا» نزهة الفضلاء، تهذيب سير أعلام النبلاء وابنه عبد الله في تسع سنوات وبعض حفاظنا اليوم يحفظون القرآن كاملا في بضع أسابيع ما الفارق بين الحفظيين حفظ الصحابة كان حفظ تطبيق وأفعال بأرض الواقع فكان مع القرآن تطبيق وممارسة أما فيما بعد أصبح الاهتمام بالصوت الندي فقط والترتيل الجميل فقط حتى بمكاتب التحفيظ ودور الكتاب لا يربطون بين الفهم والحفظ أو بين القراءة والتطبيق. نحتاج بأن نعيد النظرة في تعاملنا مع القرآن نحتاج أن نتعلم فقه التربية القرآنية وفقه التغيير وفقه التطبيق من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كما فقه ابن مسعود فقد كان ابن مسعود يقول: أنزل عليكم القرآن لتعملوا به، فأخذتم درسه عملا، إن أحدكم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به. نحتاج بهذا الشهر الكريم أن ننتقل من ترتيل اللسان إلى ترتيل الأبدان من مجرد هز الرأس لحركة الحياة . وإجازة منتصف العام جاءت فرصة ذهبية للتعايش مع القرآن لننتقل بسلاسة من القراءة إلى الحب ومن الحب إلى المعايشة ومن المعايشة إلى الممارسة. هناك هوة كبيرة بين ما هو واجب وما هو واقع بين ما هو قول وما هو فعل «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»، فعن علي رضي الله عنه قال: (يا حملة العلم: اعملوا به، فإن العالم من علم ثم عمل، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم، لا يجاوز تراقيهم تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف علمهم عملهم، يقعدون حلقا، يباهي بعضهم بعضا؛ حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم إلى الله عز وجل). وقال الحسن البصري رحمه الله : (العالم الذي وافق علمه عمله، ومن خالف علمه عمله فذلك راوية سمع شيئا فقاله). وقال الثوري: (العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا..). وقال: (العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل) . * مستشار أسري [email protected]