«كنت فرحة بالعفو عن قاتلي ابني أكثر من ذويهما ومنهما شخصيا، وما إن زارنا صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله مع أكثر من 30 من مشايخ القبائل ومستشاره الخاص الشيخ علي المالكي، حاملين جاه ملك الإنسانية، علمت أن العفو حان، لما لمليكنا المحبوب من تقدير لدى كافة أبناء شعبه». هكذا بدأت والدة القتيل، أحمد بن عبدالعزيز الأيداء، حديثها ل «عكاظ»، بمناسبة العفو عن قاتلي ابنها رحمه الله ، وأضافت أن هناك من سعى جاهدا لثنيهم عن العفو، مؤكدة أنهم أصحاب أنفس مريضة محرومة من الخير، مشيرة إلى أنهم لن يحبوا ابنها أكثر منها، حاثة كل من بيده العفو عن أحد ألا يتأخر ليفوز بالأجر العظيم وتهدأ نفسه برحمة من الله. وقالت «بعد وفاة ابني بيومين وقبل دفنه رحمه الله بعد الظهر وأنا نائمة رأيته لابس الإحرام ويخاطبني، بعدها ناديت باسمه بأعلى صوتي، فرد والده وهو يوقظني من النوم أم سلطان استهدي بالرحمن ابنك رحل ادعي له بالرحمة». وزادت «لم أفق حتى دخلت في غيبوبة نقلت على إثرها للمستشفى، وصحوت بعد ست ساعات، عدت بعدها للبيت منهكة، وما إن دخلت في النوم حتى رأيته يطلب العفو ويكررها ثلاثا، وكان قبل وفاته بيومين جهز الإحرام وعقد نية العمرة إلا أن أجله كان أسبق». وتضيف «أثناء أدائي لمناسك الحج هذا العام رأيت ابني أحمد في منامي وأنا في منى، وأبلغي فلانا من أقاربنا بأنه سيرزق بولد ولا بد أن يسميه ريان وهو بار بوالده، واستيقظت من حلمي متشوقة للعفو عن القاتل». ولم تخف أم أحمد بقلب ملؤه الإيمان والصبر، أن ما حدث أتعبها لفترة زادت على ثلاث سنوات، ولم يفارقها خيال فلذة كبدها، خاصة أنه كان يتمتع بالخلق والبر والهدوء، ولا ينام إلا يقبل جبينها، وكانت تحتفظ بملابسه وتضعها تحت رأسها ولا تنام إلا تستنشقها مع صوره، وكانت تراه في كل زاوية من زوايا المنزل، وواصلت البكاء ليلا ونهارا لستة أشهر متواصلة، حتى نحل جسدها ومع ذلك كانت لا تكف عن الدعاء أن يلهمها الله الصبر والسلوان. وقال والد المغدور عبدالعزيز هزاع الأيداء، إن لحظات العفو رسمت ملامح الإيمان الحقيقي والأصالة والترابط بين ولاة الأمر والشعب، وإنهم في أول أيام العزاء استقبلوا ذوي القتلة كي لا يحرموهم حقهم في الأجر، ووجه النداء العاجل لكل من بيده إمكانية العفو، أن يسارع إلى الله بالعفو دون تردد. خال المغدور الزميل الإعلامي محمد مشهور الأيداء، مراسل الإخبارية في تبوك ومحرر «عكاظ»، قال «كنت ألمس من والد أحمد رغبته بالعفو والصفح، وكانت لحظات العفو جسدت التقوى والشهامة والأصالة والتقدير والترابط بين ولاة الأمر والشعب، وأدخلت السرور في كل قلب سليم تقي نقي». وأضاف «لنكن جميعا لجنة إصلاح ذات البين، ونبعد عن النفق المظلم، ولنكن دعاة سلام ومحبة ونطوي صفحات الجهل والتخلف، رأفة بأنفسنا قبل أن نغادر هذه الدنيا، وبعدها لا ينفع إلا ما قدمناه لأنفسنا». القاتلان : سنعتمر عن القتيل أما المعفو عنه ماهر البلوي فأكد أن أول ما سيفعله بعد خروجه من السجن أداء عمرة بنية القتيل لعل الله يغفر له ذنبه ويرحم القتيل بواسع رحمته، وقال «لو عاد الزمن لما فعلت تلك الفعلة، ولكن أسأل الله أن يرحمني وشقيقي». وبين أنه تلقى خبر العفو من والدته يوم الأربعاء الماضي، فخر ساجدا شكرا لله. أما شقيقه صالح فيقول ما فعله ذوو المرحوم هو من شيم الرجال، وهو ما يؤكد عمق العلاقة بين الأهالي في المملكة، معبرا عن ندمه على فعلته هو وشقيقه، مضيفا «حمدا لله على هذا العفو بعد أن عشنا أياما عصيبة داخل السجن، وصورة القتيل لا تفارقنا، ونحن نادمان على هذا الفعل ونسأل الله أن يغفر لنا».