افتتح في معرض بيروت للكتاب البارحة الأولى البرنامج الثقافي لجناح المملكة في المعرض بمحاضرة للأديب عبدالله الناصر بعنوان «ثقافة الجزيرة العربية بعد المدينة إلى قيام الدولة السعودية»، حضرها سفير خادم الحرمين الشريفين في لنبان علي عسيري والمستشار العام على الإدارة العامة للتعاون الدولي في وزارة التعليم العالي الدكتور سالم المالك، قدمها الناقد اللبناني غازي قهوجي. وسرد الناصر الوقائع التاريخية التي شهدتها منطقة شبة الجزيرة العربية بعد انتهاء الخلافة في المدنية المنورة وانتقال الكثير إلى بلدان العواصم الإسلامية حتى خلت الجزيرة بشكل شبه تام من الحركة الاجتماعية والثقافية. وعدد الناصر أسبابا مفصلية كانت وراء إهمال شبه الجزيرة العربية في تلك الحقبة من تاريخ المنطقة، معرجا على ذكر اليمامة الواقعة في وسط الجزيرة العربية، والتي كانت ملتقى الشعراء الكبار أمثال جرير والفرزدق وعنترة وسواهم، وتوقف في مسار محاضرته عند نشوء قبائل جديدة وعناصر ومكونات هجينة مختلفة عما كانت عليه في العصر الجاهلي، وذلك بعد فراغ شبه الجزيرة العربية، إذ كثرت الحروب فيها والنزاعات المتكررة، لنجد في حصيلتها التاريخية فراغا كبيرا وغامضا في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، مع إغفال الدولة العباسية والدولة الأموية لما يحدث في جزيرة العرب. وأوضح أنه في كل تلك الفترة ومنذ أن غادرت الخلافة الإسلامية المدينةالمنورة حتى قيام الدولة السعودية «أصبحت غامضة وغير معروفة، خصوصا أن المعرفة والعلم كانا منقطعين، فتحولت البلد إلى كائن مشتت متقطع الأوصال، متعدد الإمارات، والغلبة فيه للأقوى، وشاع الشعر الهلالي الشعبي الضعيف، واندثرت المعايير الثقافية الأصيلة، حيث ظلت تلك الفترة منسية ومعتمة إلى أن جاء آل سعود من دروع في القرن التاسع وأنزلهم ابن عمهم درع في الدرعية في وادي حنيفة، فبدأت الدرعية تستقطب الناس وتحولت هذه البقعة إلى عاصمة أكبر دولة عربية للجزيرة العربية وانتشرت لغة الفكر والعلم والنهضة الحضارية إلى حد أثار حفيظة الدولة العثمانية وأثار أيضا العديد من الحروب التي شهدتها الدولة السعودية في ذلك التاريخ».