لم يقتصر نجاح مسابقة «شاعر الملك» على تقديم شعراء شباب استطاعوا خطف الأنظار من خلال قصائدهم الوطنية، بل فتحت الآفاق للفلكلور السعودي الشعبي وبشكل أسبوعي جنبا إلى جنب مع تقديم أغان وطنية لأشهر الفنانيين. قدمت المسابقة عددا من ألوان الموروث الشعبي واتحفت جمهور كل حلقة بث مباشر بفلكلور من إحدى مناطق المملكة. ولاشك بأن ذلك أحد الأهداف التي انبثقت منها مسابقة «شاعر الملك» التي حرصت في تنوعها الثقافي والفني على اللحمة الوطنية وتجسيد مختلف أبناء الوطن لروح الأرض والمكان على مسرح المسابقة. العرضة النجدية كانت البداية مع العرضة السعودية التي قدمتها فرقة الرياض في الحلقة الأولى واستمتع فيها الجمهور بقرع الطبول المتناغم مع لمعان السيوف وأبيات الشعر. وهذه العرضة الحماسية هي (لون حرب)، لما تبثه من حماسة في النفوس. وأخذت بعدا رمزيا كونها العرضة الرسمية لقادة البلاد التي يحرصون على أدائها مع الشعب في المناسبات الوطنية التي تمر بها المملكة. وتعتبر السيوف والراية إضافة إلى البنادق في بعض الأحيان أركانا أساسية في لون العرضة التي يقف فيها العارضون في صف واحد يرتدون الثياب البيضاء المؤطرة بحزام جلدي يعبر عن مكان السلاح. وتفاعل جمهور المسابقة معها كثيرا لاسيما أن قرع الطبول أعطى جوا كرنفاليا احتفائيا منذ اللحظات الأولى للمسابقة. ومن أشهر الأبيات التي يرددها شعراء العرضة: نحمدالله جت على ما تمنى من ولي العرش جزل الوهايب فلكلور جازان محبو الفلكلور الجازاني كانوا على موعد مع فرقة جازان الشعبية على مدى حلقتين، وذلك لغنى وتنوع الألوان لهذه المنطقة التي تتوزع جغرافيتها بين الجبل والبحر والسهول، حيث تفاعل الجمهور مع الرقصات الخفيفة التي يؤديها أعضاء الفرقة على إيقاع (الزير) ومن الألوان التي شدت الأنظار (العزاوي) و(السيف) و(المعشى) التي يتناغم فيها جسد المؤدي مع روح الإيقاع الحماسي القادم من ضاربي الزير الذين عادة مايأخذون مكانا في الخلف، وتتحرك الفرقة بنشوة جماعية تعكس الانتماء إلى الأرض بحماس يبث في عروقهم طاقة تتنازعها الجاذبية بين القفز علوا ثم النزول المتبوع بحركة هندسية تنبع من أصالة التراث جعلت من رجال العرضة محط أنظار الجمهور الكبير الحاضر إلى مسرح المسابقة وفي لون (المعشى) ردد الشاعر: سلام ياهل الجود والموجود وافي نسأل الرحمن يجعلها عوافي ربي تحفظنا جميع خادمك البيتين بالخيرات قايم الوفا والمكرمة والحق قايم ربي تحفظ هيبته رايح بيشة وضعت فرقة (الرايح) التي قدمتها إحدى الفرق الشعبية القادمة من محافظة بيشة بصمة واضحة أثناء مشاركتها في مسابقة (شاعر الملك) وتؤدى هذه العرضة التي تلقى اهتماما واسعا في بعض مناطق المملكة عن طريق مجموعة من الرجال الذين يقفون صفا واحدا ويتحركون بطريقة متموجة بتفاعل مع الإيقاع الحر مع وقوف شخصين أمام الصفوف من أجل استنهاض همم من يقفون في الصف، ويختلف لون (الرايح) عن غيره من الألوان أن (المزلفين) كما يسمون في المنطقة عادة ما يجلسون أمام الصفوف، وهذا اللون يعتبر لونا طربيا وجاذبا لأذن من يستمع إليه من مسافة بعيدة، كما قدمت الفرقة على مسرح المسابقة لونا آخر هو لون (المسيرة) وتخلله بعض الأبيات الشعرية التي جاءت معبرة عن المناسبة الوطنية، وشاركت الفرقة ب 25 فردا مع الشاعر الذي نظم الأبيات الوطنية. المزمار الحجازي زوار منطقة الحجاز في المملكة يعرفون هذا اللون الفرائحي جيدا، الذي يضرب بجذوره في عمق التاريخ في المنطقة الغربية ويؤدى على نطاق واسع في مختلف المناسبات، حيث ساهمت المسابقة في إحدى حلقاتها في تقديم هذا اللون للجمهور الذي صفق للفرقة المؤدية كثيرا، ويعتبر المزمار لونا يعبر عن مختلف المناسبات الاجتماعية وتكون طريقة الرقصة على شكل صفين متقابلين وقوفا، وبأيديهم العصا صاحب لعب المزمار ايقاعات لآلات شعبية حجازية مثل، (العلبة) وهي من الجلد المحاط بإطار خشبي كبير دائري يوقع عليه العازف بكلتا يديه وهو جالس، والمرد وهو دف كبير إضافة إلى (النكرزان)، وهي طبلة مجوفة من الصفيح تضرب بعصاتين رشيقتين، كما يصاحب المزمار غناء معروف بالزومال، ويكون غالبا مصحوبا بأهزوجة: حبا حبا باللي جا ** ويامرحبا باللي جا وحضرت الفرقة من محافظة جدة من أجل المشاركة في الحلقة الخامسة من المسابقة بعدد مكون من 15 فردا، إضافة إلى قائد الفرقة. خبيتي الغربية لم تقتصر مشاركة الفرق الحجازية في مسابقة (شاعر الملك) على لون المزمار بل كان الخبيتي حاضرا بنشوته التي يعطيها لمحبيه على طرق الطبول والزير وما يسمى ب(المصقاع)، وربمالا يعرف الكثيرون أن هذا اللون انطلق من الحجاز وامتد إلى نجد والمنطقة الشرقية لقربه إلى النفس وسهولة الانسجام معه، وهذا اللون كان ملفتا في حضوره في الحلقة السادسة التي ركز فيها الشبان المؤدون على قرع الدفوف والرقص بالأزياء الواسعة الخاصة بهذا اللون.