إشارة إلى التحقيق الذي نشرته «عكاظ» في عددها الصادر في 16/11/1432ه عن موضوع العشوائية في العمل الخيري فقد لامس التحقيق عددا من الجوانب المهمة التي تتسبب في تلك العشوائية، وقد أثرى التحقيق مشاركة نخبة متميزة من القائمين على العمل الخيري. ولعلي أطرح هنا وعبر هذا المقال مقترحين مهمين أزعم أن فيهما الحل الأمثل لكثير من إشكاليات العمل الخيري التي تقع العشوائية كواحدة منها وليست كلها. ولعل أولها: هو التخصص في العمل الخيري فلو أننا ألقينا نظرة سريعة على المنظمات الدولية المعنية بذات المجال لوجدنا أنها تخصصت تخصصا باهرا في مجال العمل الخيري فالمفوضيات المنبثقة عن الأممالمتحدة مثلا تخصصت كل مفوضية منها في مجال معين فأنشئت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNH CR). وأنشئت مفوضية اليونيسيف (UNICEF) المعنية بالطفولة، كما أنشئت منظمة اليونسكو (UNESCO) للتربية والعلوم والثقافة، هذا فضلا عن التخصصات الدقيقة التي تتبع كل مفوضية، وبالمقارنة مع وضع جمعياتنا الخيرية نرى أن الجمعية تسعى مشكورة إلى عدد من المجالات فتجد أن الجمعية الواحدة لديها مشاريع في كفالة الأيتام وتوزيع المواد الغذائية وصرف المعونات المادية أو العلاجية وتوزيع الحقيبة المدرسية والمساهمة في الكوارث الطبيعية بالإغاثة و ..... و ....، وكل تلك المشاريع هي مشاريع جليلة إلا أن عدم التخصص ينقصها من الجودة في الأداء ويوصلها إلى العشوائية غير المرغوب فيها وعليه، فإنني أدعو القائمين على الجمعيات إلى التأمل بشكل دقيق في تجربة جمعية الأطفال المعاقين ليلحظوا الفرق في جودة الخدمة المقدمة للمستفيدين.. ثانيا: في بلد معطاء يحب أهله الخير ويسعون إليه وفي ظل وجود عدد يفوق الستمائة جمعية خيرية فلا ريب أن تقع العشوائية التي تسبب الازدواجية على صعيدين، الأول على صعيد المستفيدين من خدمات تلك الجمعيات. وقد ركز التحقيق المنشور على هذه الجزئية ولم يلفت النظر إلى النوع الثاني الذي هو على صعيد الداعمين والمتبرعين إذ إنه قد تتقدم جمعية ما بمشروع معين لطلب الدعم بينما تتقدم جمعية أخرى بمشروع مماثل أو مشابه لنفس الفئة المستهدفة من الخدمة في الجمعية الأولى وحين يرى المتبرع تلك الازدواجية يتراجع عن الدعم، وعليه فإن وجود هيئة تنسيقية للجمعيات الخيرية أمر مهم وضروري لتفادي تلك العشوائية، وقد سبق إلى هذه التجربة العديد من الدول التي أنشئت فيها الجهات التنسيقية فأثمرت ثمرة يانعة وأسهمت في تطوير العمل الخيري. باسم العطاس