لعل هلال رمضان قد أشرق ليلة البارحة أو يشرق الليلة، بارك الله لكم في الشهر وتقبل صيامكم وقيامكم وأثابكم أجرا عظيما. هذا الهلال الجميل كم شغل الناس وشد أبصارهم وصار البحث عنه وترقب بزوغه شغلهم الشاغل. فتحري رؤية هلال رمضان هو من الأعمال المهمة في حياة المسلمين وبشروق هلال رمضان أو غيابه تتحدد أمور كثيرة في حياتهم، من أبرزها دخولهم في الصيام وامتناعهم عن المفطرات خلال النهار. شهر رمضان له قدسية في قلوب المسلمين وله هيبة ووقار، يراه المتقون منهم نعمة وفضلا من ربهم عليهم أن أمدهم بشهر للمغفرة والرحمة وجعل فيه ليلة من أحياها فاز بخير ما يرجو العبد من السعادة الدائمة، لكن هذا الترحيب والرضا والمسرة برؤية هلال رمضان مشاعر لا تظهر لدى كل الناس، هي محصورة في المتقين منهم، أما غيرهم فرؤية الهلال تبعث في نفوسهم مشاعر الضيق والنفور، وإن كانوا يتظاهرون بغيرها تقية وتمويها، كما هو حال ابن رشيق القيرواني: لاح لي حاجب الهلال عشيا، فتمنيت أنه من سحاب قلت أهلا، وليس أهلا لما قلت، ولكن أسمعتها أصحابي مظهرا حبه، وعندي بغض، لعدو الكؤوس والأكواب وإذا كان ابن رشيق يستحي من إظهار نفوره من رؤية هلال رمضان فيتظاهر بالترحيب به، فإن ابن الرومي عنده من الوقاحة ما يمده بشجاعة تكفيه للتصريح علنا بتذمره من رمضان، هو يتعلل بأن رمضان يجيء في الصيف وفيه ما فيه من الحر والعطش، وأنه لولا ذاك لما ضاق: شهر الصيام مبارك، ما لم يكن في شهر آب خفت العذاب فصمته، فوقعت في نفس العذاب بعض الشعراء المنافقين لم يفت عليهم أن يستغلوا بزوغ هلال رمضان في استعراض مهاراتهم في التزلف والنفاق وحبك الكذب، فابن سناء الملك يهنئ الخليفة بهلال رمضان فيقول له: تهنّ بهذا الصوم يا خير صائر،، إلى كل ما يهوى ويا خير صائم ومن صام عن كل الفواحش عمره،، فأهون شيء هجره للمطاعم وحين يقترب رمضان من نهايته يهنئ البحتري الخليفة المعتصم بهلال العيد، فيقول له بيته المشهور: بالبر صمت وأنت أفضل صائم،، وبسنة الله الرضية تفطر بدلا من أن يذكرهم هلال رمضان بتقوى الله والصدق معه، انصرفوا إلى دنياهم يصفون من الألفاظ والصور ما يرجون أن يثيبهم عليه الخليفة من متاع الدنيا. فاكس 4555382-1 !!Article.extended.picture_caption!!