أثار الحادث الإرهابي، الذي قام به (أندريس بيهرنج بريفيك) الأسبوع الماضي وقتل فيه قرابة التسعين شخصا في النرويج، فزع الكثيرين. فمن ناحية، تداعت بعض المحطات الإعلامية عند بداية إذاعة الخبر بأن المسؤول عن هذا الاعتداء الإجرامي ربما يكون مسلما، أو عضوا في تنظيم القاعدة. لكن الأخبار المتلاحقة في اليوم التالي أثبتت أن الفاعل يميني متطرف متعاطف مع الصهيونية، ويكره الإسلام والمسلمين. وبينما لم يعرف حتى الآن فيما إذا كان هذا المجرم قد قام بهذا العمل بمفرده، أو بمساعدة مجموعة متطرفة ينتمي إليها تسمى ب «فرسان تمبلر» وهم مجموعة من الفرسان المالطيين كان لهم دور كبير في الحروب الصليبية ضد المسلمين في القرون الوسطى. وبالرغم من كون هذا الشخص قد أعلن عبر موقعه قبل فترة من الزمن أنه يريد استخدام أسلحة بيولوجية (الأنثراكس) ضد تجمعات بشرية في بلده، إلا أن الشرطة النرويجية، لم تأخذ هذه التصريحات على محمل الجد، بل اعتبرتها نوعا من الهذيان السياسي، لا يعاقب عليه القانون في بلد ينعم بالسلام الاجتماعي والأمان، مثل النرويج. والحقيقة أن هذا الفعل من قبل هذا المجرم يثير الكثير من التساؤلات حول اليمين المتطرف في أوروبا، والذي استطاع أن يجذب الكثير من الأنصار في عدد من البلدان الأوروبية، التي كانت بلدانا ليبرالية منفتحة حتى وقت قريب. ففي بريطانيا، ظهر النجم الساطع لحركة الدفاع البريطانية، وهي حركة عنصرية بيضاء تهاجم المسلمين والملونين من الهنود والباكستانيين في أطراف المدن البريطانية، وتعتبر أنهم يهددون النقاء العنصري للبلدان الأوروبية. وفي فرنسا، لعب حزب الجبهة الوطنية دورا مهما وأصبح منذ عام 2002م يحظى بحضور في البرلمان، ووصل بعض أعضائه إلى البرلمان الأوروبي في (ستراسبورج). وفي النمسا، ظهر حزب الحرية اليميني المتطرف، وفي السويد حزب (ناي دي)، وفي حزب مماثل. وفي النرويج نفسها، يلعب حزب التقدم الوطني اليميني دورا مهما في البرلمان الوطني بمعارضته لسياسات الهجرة واللجوء السياسي في ذلك البلد النفطي الغني. ولعل بروز هذه الأحزاب يعود في المقام الأول كردة فعل ضد الهجرة المسلمة الكبيرة من البلدان الآسيوية ومن شرق أفريقيا، كما أن تجمع المسلمين في هذه المدن في مناطق فقيرة متكدسة يجذب إليهم عداوة هؤلاء العنصريين. وقد وصل الأمر بهؤلاء العنصريين إلى تأسيس ما سموه برابطة «الإخوان المسيحيين» كرد فعل ضد الوجود الإسلامي في بلادهم، التي هي أصلا بلاد علمانية تضمن دساتيرها حرية الأديان وحرية العبادة. وكل ذلك يهدف في النهاية إلى مضايقة الأجناس والأديان غير المسيحية وأتباعها الذين يقطنون البلدان الأوروبية، خاصة من المسلمين، والتي يعتبرونها خطرا يهدد الثقافة الأوروبية.