لم يعد التداوي بالأعشاب يحظى بالاهتمام اللائق، بل بات موطنا لاتهام مزاوليه بالشعوذة، ما أفقده ثقة المتداوين، لتحل الأدوية الكيميائية والعقاقير مكانه، ولعل أهم أسباب انعدام الثقة سببها عدم حصول مزاول الأعشاب على شهادات ورخص معتمدة، ما جعلها أقرب إلى الاجتهاد غير المبني أسس علمية، كما أن التقدم الغربي في كافة مجالات الحياة كالطب ونحوه، ساهم في اكتساب هذه العقاقير الطبية مزيدا من الثقة، وقلل من حظوظ انتشار ظاهرة التداوي بالأعشاب باعتبارها أي الأعشاب تحضر وفق البعض بطرق بدائية بعيداً عن المختبرات العلمية ولا تخضع للتجارب قبل الاستخدام.. «عكاظ» ناقشت حقيقة التداوي بالأعشاب، أصوله ومنشأه.. فوائده وسبب لجوء المرضى إلى العقاقير الطبية، ودور المشعوذين في هذا الشأن، فكانت هذه بعض آراء المتخصصين في هذا الأمر: الطب البديل في البداية أكد أخصائي الطب البديل الدكتور عبدالله الفرحان قائلا: تفوق الطب البديل أحياناً على الطب الحديث، وقال: الأعشاب يمكنها علاج أمراض القولون العصبي في غضون أسبوع إذا توفر الطبيب المتمكن، وأضاف: للأعشاب دور كبير في علاج الصرع والوقاية من السرطان، مبيناً أن الاتهامات الموجهة لهذا الطب سببها المشعوذون الذين يفتقدون المعرفة الكافية بمكوناته وفوائده الكثيرة وقدرته في علاج الكثير من الأمراض، وزاد: «هناك فارق بين الطب البديل والشعوذة، فالطب البديل يستخدم لعلاج الأمراض العضوية عبر تناول الأدوية المستخلصة من الأعشاب، فيما يستخدم المشعوذون الطلاسم والأعشاب والشياطين، وأرجع أسباب التقليل من قيمة الأعشاب إلى عدم وجود أطباء أكفاء في هذا المجال أو مدارس لتعليمه. وبين الدكتور الفرحان، انتشار ظاهرة التداوي بالأعشاب في الفترة الأخيرة، وقال: بدأ الطب البديل في الانتشار منذ 10 أعوام تقريباً، وهناك مراكز في ألمانيا تهتم بالطب البديل وتستعين في ذلك بخبراء من اندونيسيا والهند، فضلا عن اهتمام مماثل في سويسرا والصين وبعض الدول العربية، مثل مصر، سورية، وقال: «الإقبال المتزايد على الحجامة دليل على تفشي الطب البديل»، مؤكداً وجود قسم في وزارة الصحة يعرف بالطب البديل ويحظى بإقبال ملموس. واختتم بالقول: «إن الطب الشعبي نشأ منذ أكثر من 2500 عام قبل الميلاد، على يد أبو قراط، واستمر تلامذته من بعده حتى جاءت الحضارة الإسلامية، وبلغت أوج ذروتها في العهدين الأموي والعباسي، فبرز في الطب ابن سينا ومثله الرازي والفارابي والزهراوي الذين كتبوا عن نبضات القلب والتشريح، حتى تحول طب الأعشاب بعد الحضارة الإسلامية إلى كبسولات، أستغني بموجبها عن 90 في المائة من استخدامات الأعشاب. آثار جانبية من جانبها، أكدت المتخصصة في الصيدلة الدكتورة فاطمة باأخضر، أن ابتعاد الأطباء عن الأدوية العشبية يعود لسهولة تحضير الأدوية الكيميائية بشكل كامل بعيداً عن مصدرها الطبيعي، حتى بات الطب العشبي من الخرافات والفلكلور الشعبي الموروث، مبينة قيام الثورة الكيميائية قبل قرن ونصف، ومنذ حينه انتشرت دراسة الأشكال الكيميائية للأدوية من مصادرها الطبيعية حتى استغنى الناس عن الطب البديل، منوهة إلى أن الطرق الكيميائية تسببت في مشكلات طبية، وآثار جانبية خطرة على المرضى، كسهولة التسمم عند تناول أقل جرعة خاطئة. وكشفت با أخضر عن عودة الدواء الطبيعي في السنوات الأخيرة، باعتباره غير مقلق على الجسد، ولا يسبب آثارا جانبية، بل يجدي نفعا إذا أخذ بالجرعات الموصى بها. وحذرت من التعامل مع العطارين الذين يعتمدون على الفلكلور الشعبي، والتجارب المفتقدة للبرهان، مشيرة إلى أن ألمانيا بدأت في العمل على افتتاح صيدليات عشبية على أحدث التقنيات، حيث تغلف الأعشاب وفق دساتير الأدوية المعتمدة، وتضع فيها طريقة الاستخدام ووقته شأنه مثل الأدوية الكيميائية. ورأت أن اعتماد الدول الغربية على الأعشاب كان تتبعا للتراث الإسلامي العريق القائم على الدراسات والتجارب، كالكتب الإسلامية لداود الأنطاكي، وابن ماسويه، وابن البيطار، وغيرهم، مشددة على أهمية دور الصيدلي في المجتمع، خاصة وأن الطبيب في الماضي كان يشخص المرض، ويتولى الصيدلي بعده تحديد الدواء. ووصفت اتهام الطب الشعبي بالشعوذة بنقص الفهم وجهل الحقيقة، خاصة وأن الطب النبوي في مجمله عشبي، داعية إلى إنشاء أقسام في الجامعات تمنح البكالوريوس للعلاج العشبي.