تتباين وجهات نظر أهالي المدينةالمنورة حول الأعضاء المنتخبين في المجلس البلدي، فهناك من يمتدح أداءهم في الدورة الأولى وهناك من لم يخف ندمه على صوته المهدر في صالح عضو لم يكن جديرا بحمل هموم وأحلام وتطلعات الناس. بين هذا وذاك، يكاد غالبية سكان المدينةالمنورة يتفقون على أن «ملفات شائكة» ستظل عالقة بعد رحيل 14 عضوا في المجلس البلدي في المدينةالمنورة بانتهاء الدورة الأولى، فبعد مضي ستة أعوام على بدء أولى جلسات المجلس الحالي محملا بسيل من المطالبات الشعبية والوعود التي بشر بها الأعضاء في سبيل الوصول إلى قاعة المجلس فما زال السؤال قائما.. ماذا تحقق بعد 91 جلسة عقدها المجلس على مدى 80 شهرا ؟. بعد مضي ستة أعوام على تجربة المجالس البلدية، وقبل أسابيع من بدء الدورة الثانية، أقر رئيس المجلس البلدي في المدينةالمنورة الدكتور صلاح سليمان الردادي، أن ما حققه المجلس خلال السنوات الماضية دون الطموحات التي رسمها الأعضاء المنتخبون. وأكد ل «عكاظ» وجود عقبات حالت دون تحقيق ما يوازي 30 في المائة من أهداف المجلس, إلا أنه عاد وقال إن التجربة الأولى حملت العديد من الجوانب الإيجابية، وخرجت بإنجازات على صعيد تعزيز وتطوير العديد من الجوانب الخدمية لسكان المنطقة. وأجمع رئيس المجلس البلدي للمدينة المنورة الدكتور صلاح الردادي، ونائبه السابق، العضو حاليا، الدكتور محمد أنور البكري على عدم نيتهما الترشح أو التقدم بطلب الترشح لعضوية المجلس لفترة ثانية، رغم عدم ممانعة نظام ولائحة المجالس البلدية لترشحهما، وأبدى الردادي والبكري قناعتهما على ضرورة أن تتاح الفرصة لأعضاء جدد ليقدموا ما لديهم من أفكار ورؤى لخدمة المجتمع عبر بوابة التجربة الثانية للمجالس البلدية. هجوم ودفاع ومبررات ردا على انتقادات وجهها سكان بعض الأحياء للمجلس وبعض أعضائه بعدم تدخلهم في حل المشكلات لا سيما ما يتعلق بتنفيذ مشاريع خدمية في الأحياء، ومحدودية دور الأعضاء ولجان المجلس في فرض المشاريع في ميزانيات الأمانة، وفي مقابل هذه الاتهامات يرد رئيس بلدي المدينة، الدكتور صلاح الردادي، عن دور المجلس خلال السنوات الماضية مستشهدا بتقارير إدارة المجالس البلدية في وزارة الشؤون البلدية والقروية، مشيرا إلى أن مجلس المدينة في قائمة الأفضل في تنفيذ القرارات، ويستثنى من ذلك القرارات المرفوعة لوزير الشؤون البلدية والقروية، كما كان للمجلس دور كبير في تلمس احتياجات المواطنين باعتباره أبرز الأهداف من إنشاء المجالس. ويشير الردادي أن المجلس تدخل في إقرار العديد من الموضوعات، منها السفلتة والحدائق وتحقيق رغبة كثير من المواطنين في زيادة نسبة الملاحق العلوية في البنايات السكنية، كما يسعى حاليا لزيادة التغيير في نظام البناء والارتفاعات، وكان آخرها الاجتماع الذي عقد مع وزير الشؤون البلدية والقروية لبحث هذا الأمر. ضبابية في البرامج يستطرد رئيس مجلس بلدي المدينةالمنورة متحدثا: «حينما نتطرق عن الأعضاء المنتخبين فمن المعلوم أن لكل عضو وعودا انتخابية وبرنامجا انتخابيا، وحرص المجلس في اجتماعاته الأولى على دمج تلك البرامج الانتخابية للأعضاء بهدف تحقيقها على أرض الواقع، وحالت بعض العقبات دون تحقيق ما ورد في البرامج، ومن المعوقات مثلا عدم وضوح بعض البرامج الانتخابية وضبابيتها، كما أن اللائحة احتوت على قصور في شأن المتابعة، ومع أنه تم منح أعضاء المجالس صلاحيات متابعة المشاريع والوقوف على الطبيعة على المشاريع والمرافق وصلاحية متابعة الأراضي والاستثمارات البلدية، وكان لذلك دور ونقلة في عمل المجالس البلدية، وبشكل عام فإن المجالس البلدية نجحت في صنع حراك ثقافي في قالب العمل البلدي بعد أن كان مقتصرا على الأمانات والبلديات، فأصبحت المجالس تراقب عمل البلديات، وأصبح للمجلس دور كبير في تغيير بعض السياسات في الأمانات والبلديات، وكان هناك توافق واختلاف في وجهات النظر بين المجلس البلدي والأمانة، وإن كان الاختلاف والتوافق مع البلديات والأمانات تصب كلها في مصلحة المواطن. البلدي واستجواب الأمانة يضيف الردادي، «المجلس تبنى العديد من الأفكار التي وردته عن طريق موقعه الإلكتروني، أو عن طريق لجان التواصل حيث عقدنا أكثر من 40 لقاء تواصل مع المواطنين، وسجلنا أكثر من 80 زيارة بادر بها أعضاء ولجان المجالس للبلدية لتبادل الخبرة والحوار الجاد، وتم تحويل العديد من الأفكار المكتوبة إلى أوراق عمل ومشاريع أرض الواقع». وفي رد على اتهام بلدي المدينة بالتقصير في مواجهة تعثر بعض المشاريع، أجاب الردادي بأن مشكلة تعثر المشاريع الخدمية ليست حكرا على المدينةالمنورة، ولكنها تحدث على مستوى المملكة، وتمت مناقشة ذلك مع وزير الشؤون البلدية والقروية، والمجلس يتابع مع أمانة المدينة آلية تنفيذ عدد من المشاريع وتم تصنيفها وفقا لذلك، من بينها مشاريع متأخرة وأخرى متأخرة للغاية، ومشاريع لم تنفذ. وأضاف: لدينا لجنة مختصة في المشاريع تقف دائما على المتعثرة وتزودنا بتقارير مفصلة عن سير العمل، وسبق أن ناقشنا أمانة المدينة عن أبرز الإجراءات التي اتخذتها حيال المشاريع المتعثرة. ملفات العشوائيات والمنح وعن ملف العشوائيات ووجود أحياء تعرقل الدفع بعجلة التنمية في المدينةالمنورة لا سيما الأحياء العشوائية المتاخمة للمناطق الحضرية والمحاذية للمنطقة المركزية ووسط المدينةالمنورة، قال رئيس بلدي المدينة، «في ما يتعلق بالعشوائيات رفعنا توصيات لمعالجة الملف، ومن أبرزها اقتراح للاستعانة بشركات التطوير العقاري، خصوصا في المناطق القريبة من المسجد النبوي والمنطقة المركزية والأحياء المجاورة لها، وكان هناك مشروع قدمته أمانة المدينة يهدف إلى وضع خطة تطويرية للمناطق العشوائية، واتضح أن تلك الخطة تحتاج إلى وقت طويل لاعتمادها». وعن أبرز حلول مشاكل الفوضى في المنح وقلق العديد من سكان المدينةالمنورة والمحافظات التابعة من آلية نظام المنح وبعد الأراضي الممنوحة وعدم أهليتها للسكن وافتقادها للخدمات الأساسية والضرورية، قال الردادي: «عقد المجلس جلسة خاصة حول ملف المنح، وأصدر بعض التعليمات والتوصيات نفذت بعضها أمانة المدينة ولم تنفذ بعضها، وطالب المجلس أن تكون هناك مدن تابعة مكتملة الخدمات، وأن لا يمنح المواطنون أراضي في مواقع بعيدة لمجرد إيجاد تجمع سكاني يتبع المدينةالمنورة، لكن لا يزال هناك أراض تنقصها الخدمات، وبعد صدور قرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء نصف مليون وحدة سكنية نعمل على إيجاد مواقع قريبة من المدينةالمنورة لإنشاء وتنفيذ التوجيه الكريم». الملفات العالقة .. الحوافز عن المقابل المادي الذي يتقاضاه عضو المجلس البلدي، وما إذا كان محفزا لعضو المجلس لتقديم عمل متميز من متابعة وأفكار، قال الدكتور صلاح الردادي إن «العضو لا يتقاضى أي حوافز غير مكافأة تبلغ ستة آلاف ريال، ويطلب من المجلس عقد جلسة واحدة كل شهر، وحرصا منا على تقديم عمل أفضل وتكثيف عمل المجلس فإننا نعقد جلستين كل شهر، فضلا عن الجلسات الطارئة»، وفي ما يتعلق بالتصادمات والملفات العالقة بين أمانة المدينة والمجلس البلدي وتداخل المهمات بين الجهتين، ومن بينها قضية نقل المجمعات الصناعية من جوف الأحياء، قال «كان لأمانة المدينة وجهة نظر بشأن مقترح لنقل المجمعات الصناعية وكان لأمانة المدينة وجهة نظر مغايرة، ورفعنا الأمر إلى سمو وزير الشؤون البلدية والقروية لاتخاذ القرار المناسب سواء بنقلها أو بالإبقاء عليها. الأمانة تغير النظرة من جانبه، أقر النائب السابق لرئيس المجلس البلدي في المدينةالمنورة العضو الحالي، الدكتور محمد أنور البكري، أن الفترة الماضية لم تحقق كل ما كان يتطلع له أعضاء المجلس، فطموحاتنا كانت واسعة لكن العقبات تمثلت في أن بعض الجهات التنفيذية لم تتعود على وجود جهة رقابية كالمجلس البلدي يتولى المراقبة، وتناقش الأمانة مثلا في الميزانية، المشاريع، المصروفات، المشتريات، التأمينات، وتطوير الهيكل الإداري وإضافة مهندسين وموظفين كان هذا الأمر مسارا جديدا، ولكنه وإن لم يحقق كل ما كنا نصبو إليه إلا أنه كان يمثل نقلة جيدة في سبيل تقديم الخدمات المتميزة للمواطن. وزاد البكري: «اقترابنا من المواطنين كشف لنا تباين الآراء، فهناك من يرى أن المجلس حقق نتائج طيبة، ومنهم من يقول إنه لم يحدث تأثيرا، لكن بعض المثقفين يؤكدون أن المجلس ساهم في صنع حراك بين الناس والمجلس كتجربة أولى أرى أنها ناجحة بكل المقاييس، واختلاف وجهات النظر حدث بسبب أن الأمانة هي صاحبة الثقل والقول الفصل وصاحبة القرار والآن اختلفت النظرة، حتى عقلية كثير من مسؤولي الأمانة تغيرت، وأصبحوا ينظرون للمجلس البلدي باهتمام بالغ ويعمدون على الرد على مساءلاتنا عن المشاريع وموافاتنا بالتقارير». تعديلات في اللوائح وأضاف الدكتور محمد بكري، الذي ينادي أعضاء المجالس البلدية بعدم الترشح لفترة ثانية ومنح الفرصة للآخرين، أن أمانة المدينة عارضت المجلس البلدي في كثير من الملفات، من أبرزها موضوع ارتفاعات المباني إضافة إلى مقترح نقل مرمى النفايات إلى مكان أبعد من موقعه الحالي، واعترضت أمانة المدينة على ذلك واتخذت ذات الموقف مع مقترحنا بنقل ورش السيارات، ونحن الآن نعكف على إعداد إحصائية بقرارات المجلس وما تم تنفيذه من قبل أمانة المدينة وما تم تحويله إلى أدراجها وعرقلة تنفيذه. وأضاف البكري، الذي شارك ضمن لجان تعديل بنود نظام المجالس البلدية الجديد الذي سيصدر لاحقا، أن أبرز ما تم اقتراحه في نظام المجالس البلدية الجديد أن لا ينصب رئيس الأمانة أو البلدية رئيسا للمجلس البلدي، كي لا يكون الخصم حكما، وهذا ما اتخذناه في المجلس البلدي في المدينةالمنورة حينما قررنا أن أمين أمانة المدينة لن يكون رئيسا للمجلس، كما يحوي نظام البلديات الجديد اقتراحا بتفرغ أعضاء المجلس، إضافة إلى زيادة أعضاء المجلس إلى 22 عضوا، ومنحهم صلاحيات. واستطرد البكري «طالبنا أن يتاح للمرأة في الدورة المقبلة التصويت، ويبدو أن الظروف لا زالت غير مواتية لعوامل مختلفة، ومن الضروري جعل التصويت آليا وفق نظام دقيق، وهذا المقترح يمكن أن يرى النور في الدورة الثالثة».