انطلقت أمس في جامعة طيبة في المدينةالمنورة، الجلسات العلمية لمؤتمر «دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية بين الشباب العربي». المؤتمر يستمر أربعة أيام ويناقش ستة محاور عبر 11 جلسة علمية، فيما يصدر المشاركون في المؤتمر توصياتهم في اليوم الختامي، وتتركز في تعزيز سبل حماية الشباب من الانحراف الفكري وإبراز أهمية الوسطية والاعتدال منهجا وسلوكا. وناقشت الجلسة الأولى التي عقدت بمشاركة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي رئيسا، وعميد كلية الآداب والعلوم الدكتور سليمان بن ضفيدع الرحيلي مقررا للجلسة، بحثا قدمه الدكتور مصطفى بن صالح باجو من جامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلامية في الجزائر بعنوان (معالم الوسطية من منظور قرآني)، حيث يبرز الكتاب معالم الوسطية في القرآن الكريم، وخطر الخطأ في المفاهيم وأثره السلبي على سلوك الفرد وعلى العلاقات الإنسانية بصفة عامة، وكذلك مرتكزات الوسطية كما حددتها نصوص الوحي في الكتاب والسنة والتي تتلخص في خمسة مرتكزات تتمثل في الفهم الشمولي والسليم للإسلام، والتمييز بين معالم القطع والظن في الأحكام، وضبط قضية الولاء والبراء مفهوما وممارسة، وتنمية الوعي بدور المسلم الداعية، واتصافه بسمات الناصح الأمين، وتمييز حدود الفرد. وأبرز الدكتور صالح بن علي أبوعراد من جامعة الملك خالد في ورقته (المضامين التربوية للوسطية في الإسلام ودور الجامعة في تحقيقها) وتناول أبرز المضامين التربوية التي يمكن من خلالها تحقيق مبدأ الوسطية في الإسلام. أما الدكتورة أسماء عبدالمطلب بني يونس من جامعة اليرموك فأشارت من خلال ورقتها التي شاركت بها بعنوان (الأسباب الدافعة لبعد الشباب عن الوسطية) إلى أن المجتمعات الحديثة تعاني جملة من التحديات من أبرزها ظهور تيارات من الفكر المتطرف، تقابلها تيارات من الفكر المتحلل من جميع القيم الإنسانية، ما أدى بالمجتمعات التي ظهرت فيها موجات التطرف إلى فقدان الأمن الاجتماعي، وشيوع الجريمة المبنية على فكر مؤصل لها، وأدى بالمجتمعات التي غلبت عليها دعوات التحلل من القيم وتبني ثقافة الانحلال إلى انهيار في حياتها الاجتماعية المفتقرة إلى القيم وشيوع الأمراض. من جانبه، أوضح الأستاذ المشارك في جامعة قناة السويس الدكتور كرم حلمي فرحات في ورقته (سمات الأستاذ الجامعي المتسم بالوسطية) السمات الدينية للأستاذ الجامعي، ومنها: أن يكون ربانيا فيما بينه وبين ربه عز وجل، الاعتقاد الصحيح دون غلو أو تفريط، دوام مراقبة الله عز وجل، المحافظة على شعائر الإسلام والإخلاص في القول والعمل، التحرر من التعصب الديني، الإنصاف والعدل في الحكم بين النشء، والاعتزاز بالوطن والانتماء إليه. وقدمت الدكتورة هانم محمد عبده عوض من جامعة الملك خالد ورقة بعنوان (الوسطية في ضوء القرآن الكريم) بينت من خلالها أهمية إحياء معنى الوسطية وتطبيقها بالفهم الصحيح لكل مظاهرها، وبيان المنهج الشرعي للوسطية، والتأصيل الشرعي لذكر الوسطية في القرآن والسنة وبعض مظاهرها التي أكد عليها القرآن الكريم والوسطية في مراعاة التوازن بين الجسد والروح وأهمية مراعاة كل منهما، والوسطية في التوازن بين مطالب الدنيا والآخرة. واختتمت الجلسة بورقة للدكتور عطية مختار عطية حسين من جامعة طيبة بعنوان (الوسطية الفقهية: ملامحها وضوابطها) تناول فيها معنى الوسطية الفقهية وهي أن يأتي الحكم الشرعي وسطا بين الإفراط والتفريط، فالفقيه يجتهد في استنباط الحكم، ليأتي به على أفضل ما يكون، والممتثل يتحرى أن يكون امتثاله وسطا، فلا يميل إلى التشدد ولا ينحرف إلى التساهل والتهاون، لذا كان للوسطية الفقهية دور مهم وفعال في ترشيد الاجتهاد في النوازل والمستجدات الفقهية المعاصرة واستنباط الحكم الشرعي الملائم لها المعبر عن مقاصد الشريعة الإسلامية. وقال إن الوسطية الفقهية مؤصلة في الكتاب والسنة، فالإسلام دين الوسطية، وهي السمة الأصيلة البارزة في عقيدة الإسلام وعباداته ومعاملاته وأخلاقه. فيما ترأس الجلسة الثانية إمام وخطيب الحرم النبوي الشريف وعضو هيئة التدريس في جامعة طيبة الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، وقررها عميد التعليم الموازي والمستمر في جامعة طيبة الدكتور منصور بن عبدالعزيز الحجيلي، وتحدث في مستهل الجلسة الدكتور الحسين آية سعيد في ورقته حول (الوسطية في القرآن والسنة، المصطلح والمفهوم)، موضحا أن الملة الإسلامية العادلة، والرسالة المحمدية الخاتمة، جاءت بأقوم المناهج في أحكامها، وأوسع الشمائل في أخلاقها، ومهدت السبل لاكتساب كل فضيلة، وتجنب كل رذيلة، وبنت ذلك على الوسطية، وحرس الشارع تلك الملائمة من أن يحرفها المحرفون عن فطرة السنن، وفطرة النفوس، وفطرة الشرع إلى ما يشاكسها من الانحراف الفكري، أو السلوكي، اللذين يتضمنان الاعوجاج عن الصراط المستقيم. وألقى الأستاذ المشارك في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الشارقة الدكتور عثمان جمعة ضميرية ورقة تناولت (وسطية الإسلام والأمة المسلمة) قال فيها إن من أهم خصائص الإسلام أنه وسط في الملل، وتظهر هذه الوسطية في كل المجالات أو النواحي التي يشملها هذا الدين الذي جعله الله تعالى وسطا بين الأديان في العقيدة، وفي العبادة، وفي التحليل والتحريم، وفي التشريع، وفي مجال السلوك والأخلاق، وفي منهج النظر والاستدلال، وفي أعمال الخير. من جانبه، أوضح الأستاذ المشارك في جامعة زايد الدكتور إلياس بلكا في ورقة عن (أهمية تدريس مادة الثقافة الإسلامية لمختلف الطلاب، ودورها في تعزيز قيم الوسطية بينهم) أهمية تدريس مادة الثقافة الإسلامية لجميع الطلاب في مختلف التخصصات، وذلك لأسباب غياب الوسطية لدى فئات واسعة من الشباب من خلال عدم توفر تربية دينية سليمة وثقافة إسلامية صحيحة. وفي سياق متصل، أفردت الدكتورة أحلام محمود علي من الجامعة الأردنية في ورقتها (علاقة الأستاذ الجامعي بالطالب وأثرها في تعزيز الوسطية) عددا من النقاط حول مفهوم الوسطية الذي لا يخرج عن الاعتدال والتوازن والخيرية والأفضلية، وأنه بمعنى التوسط المكاني بين رذيلتين أو نقيصتين أو شرين أو التوسط بين الجيد والرديء مفهوم بعيد عن المعنى الحقيقي لمفهوم الوسطية الذي يعني الأصح والأقوم والأفضل. وقدم الدكتور محمد جابر عباس من جامعة جنوبالوادي المصرية ورقة عنوانها (التطوع الطلابي لخدمة المجتمع ودوره في نشر ثقافة الوسطية بين طلاب الجامعات)، وهي دراسة مطبقة على طلاب جامعة جنوبالوادي في فرع أسوان تناول من خلالها دور التطوع الطلابي في نشر ثقافة الوسطية بين الطلاب في الجامعات. واختتمت الجلسة ببحث عن (جهود المدرسة الأصولية) في (تأصيل مبدأ الوسطية.. المصطلحات والمقاربات) للدكتورة عقيلة رابح حسين من جامعة الجزائر، وقد تناولت مباحث عدة منها العناية بمفهوم الوسطية، من الإمام الشافعي مؤسس هذه المدرسة إلى الشاطبي. ورأس الجلسة الثالثة والأخيرة لليوم الأول إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير وقررها عميد كلية العلوم في جامعة طيبة الدكتور شايع بن يحيى القحطاني، وقدم الدكتور محمد نصر عبدالرحمن جاد الأستاذ المشارك في كلية الآداب في جامعة عين شمس بحثا بعنوان (الوسطية في فكر الإمام ابن قيم الجوزية) تناول من خلاله الوسطية والاعتدال في فكر الإمام ابن قيم الجوزية، الذي اشتهر بوسطيته واعتداله في كثير من المواقف والآراء، كما ناقشت الدكتورة آمال السيد حسن علي أبو يوسف من جامعة قناة السويس في ورقتها (الوسطية في الإسلام .. دراسة في دلالة النص القرآني والحديث النبوي الشريف) وتناولت من خلالها ثلاثة مباحث شملت مفهوم الوسطية في اللغة والاصطلاح ودلالة الآيات القرآنية التي تدعو إلى الوسطية ودلالة الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى الوسطية. وبحث الدكتور محمد عبدالكريم علي عطية من جامعة الباحة (دور أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا العربية في تأصيل مبدأ الوسطية والاعتدال لدى الطلاب على ضوء مسؤولياتهم في الجامعة)، والذي أشار إلى أن المتتبع للكثير من الظواهر يلحظ أن الوسطية رؤية مطلوبة بوصفها مفهوما اعتداليا بين الأشياء.