أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل للدراسات الإسلامية بأن العمل الجهادي الذي كان يقوم به الشعب الأفغاني ضد الاحتلال السوفيتي كان عملا جهادياً لدفع مغتصب احتل أرضا مسلمة دون مبرر، وقال الفيصل خلال حديثه عن الجهود السعودية في حل القضية الأفغانية ضمن فعاليات المؤتمر «كثر الحديث عن شرعية الجهاد الأفغاني وما تلاه من تداعيات، وأقول بملء فمي: إن وصم الجهاد لما تقوم به فلول الإرهاب هو اتهام باطل ومجحف، فتحرير أفغانستان من نير الاحتلال السوفيتي هو عمل شريف لا تشوبه شائبة، أما الإرهاب فهو عمل إجرامي أسس له من خارج الجهاد، وهو من مخلفات فكر تكفيري غزا أفغانستان، واستغل سوء أوضاعها كي يزحف منها إلينا، ويناصب الدنيا العداوة والبغضاء، ويسعدني أن أرى في هذا المحفل وجوهاً شاركت في ذلك العمل، ثم عادت إلى بلدانها بعد أن أدت الدور المطلوب منها في تحقيق البنيان المرصوص». حضر الحوار صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة، وأداره رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد. وردد الأمير تركي الفيصل لفظ «ولكن ..» خلال حديثه عن الدور السعودي في حل القضية الأفغانية خلال السنوات التي أعقبت تحرير أفغانستان من الاحتلال السوفيتي، وقال إن هذه الكلمة ارتبطت بكل اتفاق يبرمه أطراف ومجموعات أفغانية من بينها لقاء دعت إليه المملكة في بيت الله الحرام اتفق فيه المتنازعون داخل أفغانستان على حل الصراعات بينهم وإلقاء السلاح ووضع حد للفتنة بينهم وبعد عودتهم لبلادهم أشعلوا نار الحرب من جديد، ولكن تلك النزاعات لم تقوض دور المملكة ولم تحبط من عزيمة قادتها في تجديد ومواصلة دورها في توحيد الصف بين كافة الأطياف والتيارات داخل أفغانستان دون أن تتورط في دعم أي طرف واكتفت بدور الوسيط بهدف لم الشمل ووقف اقتتال الإخوة في العرق والدين. وأسهب الأمير تركي الفيصل في سرد طبيعة الدور السعودي الذي قاده ملوك المملكة منذ أكثر من ثلاثين عاماً دون كلل أو ملل، وقال «بكل أسف قابلت دول عربية شقيقة إدانة المملكة للغزو السوفيتي ودعمها لاستعادة الأفغان أرضهم، بتغليب تلك الدول لمصالحها الاقتصادية على الأخوة الإسلامية المشتركة». واعترف الأمير تركي الفيصل بتجاهل الإعلام الغربي للقضايا العربية والإسلامية مشيراً إلى أن وسائل الإعلام الغربية تحاشت الخوض في أية أخبار سارة وتركز على السيئة، وقال المملكة دائماً ترد ببيانات صادرة من مجلس الوزراء ومسؤولين سعوديين عن أي انتقاد يوجه لها، ولكن هناك دور ينبغي أن يضطلع به الطلاب السعوديون في الخارج باعتبارهم سفراء للبلد في تلك الدول، إذ عليهم بيان الدور الذي تقوم به المملكة تجاه السلام والحوار بين الحضارات والتقارب بين الشعوب والدول ونبذ الفرقة والنزاعات المسلحة، وقال: حقيقة هناك عجز كبير في هذا الجانب وبخاصة تواصلنا مع الشعوب بلغاتهم غير العربية فنحن لدينا دقة وكثرة في الحديث عن قضايانا بلغاتنا لكن ذلك مشاركتنا تتقلص في داخل الإعلام الغربي بمختلف اللغات. ورداً على اقتراح إحدى الحاضرات من القاعة النسائية بأن يكتب الأمير تركي الفيصل مذكراته عن القضية الأفغانية ويجمعها في كتاب منفرد أجاب بأن ذلك أمر محمود، إلا أنه استذكر إلحاحه وأخوته وأخواته على والدهم الملك فيصل بأن يكتب مذكراته حتى سألهم رحمه الله ذات يوم قائلا «إذا كنت صادقاً فيما سأكتب من مذكرات فإن ذلك لن يبقي لي أصدقاء». وعن وجود أيد خفية تحاول زعزعة الجهود السعودية في حل الأزمات والخلافات الإسلامية داخل الدول أجاب الفيصل بأننا لن نلوم الآخرين على قصورنا وأخطائنا ولن نستجيب ونسمح للأيادي الخفية بأن تعبث بنا، فاللوم يجب أن يكون علينا إذا سمحنا بذلك».