أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أنه «اليوم نحن بحاجة إلى حوار الأمة مع نفسها لنبذ الفرقة والجهل والغلو التي تشكل عقبات تهدد آمال المسلمين، كما أن الإرهاب الذي يهدد العالم وينسب للمسلمين وحدهم سببه أفعال المتطرفين الخارجين عن سماحة الإٍسلام، وهم بأفعالهم هذه لا يمثلون غير أنفسهم وإن لبسوا ثوب الإسلام، والإسلام منهم بريء». وقال الملك في كلمة إلى حجاج بيت الله الحرام لعام 1431ه: «ومن هذا المكان الطاهر أدعو إخواني قادة وشعوب الدول العربية والإسلامية إلى الاعتصام بحبل الله جميعا، ونبذ دواعي الفرقة والتحزب، لتفويت الفرص على أعداء الأمة المتربصين». وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين: «الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق» (27. الحج). والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد القائل «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». أيها الإخوة والأخوات حجاج بيت الله الحرام. أيها الإخوة والأخوات أبناء أمتنا الإسلامية في كل مكان. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من البقاع الطاهرة، من مشعر منى أهنئ جميع المسلمين في أنحاء المعمورة بعيد الأضحى المبارك، متمنيا لحجاج بيت الله الحرام حجا مبرورا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا، شاكرا وحامدا المولى جل وعلا على نعمته عليهم بقضاء نسكهم، في أجواء مفعمة بفيض الإيمان، وطاعة الرحمن، متجردين عن متع الدنيا، وأسأل المولى القدير أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال، ويصلح القلوب والأحوال، ويزكي النفوس ويحقق الآمال. كما أنني بهذه المناسبة أسأل الله أن يجعل هذا الجمع لأداء فريضة الحج فاتحة خير على المسلمين في كل عام، لتجديد صلاتهم الأخوية، وتوثيق عرى المودة والمحبة والتلاحم والتراحم بينهم، لما فيه عزتهم وتحقيق مصالحهم في معاشهم ومعادهم. في كل موسم حج، أتأمل بكل غبطة وسرور هذه المشاعر المقدسة التي يلتقي على صعيدها حجاج بيت الله الحرام، وقد أتوا من مشارق الأرض ومغاربها بمختلف ثقافاتهم وأعرافهم وتقاليدهم، تجمعهم عقيدة الإيمان، وتوحدهم ديانة الإسلام. أيها الإخوة والأخوات: إن الديانات السماوية تجتمع على مبادئ كبرى وتشترك في قيم عظمى، تشكل في مجموعها مفهوم الإنسانية، وتميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وما هذا التجمع الإسلامي الكبير في مشاعر الله، وهذا المشهد الإيماني إلا مظهر من مظاهر الإرادة الإلهية في توحد الأمة وتوحيدها لخالقها، وتجسيد لفكرة المساواة والعدل في ظل الشرع القويم الذي رسم للبشرية قواعد الحياة الآمنة السعيدة. لقد أراد الله جل وعلا أن تكون هذه الفريضة السنوية ملتقى لإخوة الإيمان، أبناء الدين الواحد، تتجلى فيها وحدة الزمان، والمكان، والمقصد، وتترسخ فيها مفاهيم جليلة في وجدان أبناء هذه الأمة تحافظ من خلالها على شعيرة الحج من مقاصد أخرى تصرفها عن مرادها وغايتها قال تعالى «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب» (197. الحج). في هذا المشهد العظيم ومع وحدة الزمان والمكان والمقصد تتجلى الوحدة الإسلامية وحدة متكاملة متجانسة تشمل المظهر والمخبر. أيها الإخوة والأخوات: منذ أن من الله على المملكة العربية السعودية، وشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، وهي تستشعر عظم الأمانة، وتقدر حجم المسؤولية، وأهمية الاضطلاع بها بما يرضي الله عز وجل، محتسبة عند الله سبحانه وتعالى خدمة الحجاج والعمار والزوار لوجهه الكريم ومن فيض فضله العظيم. ولقد يسر الله لنا بعونه وتوفيقه القيام بتيسير السبل للحجيج والعمل على توفير راحتهم، ورعايتهم وتقديم جميع الخدمات لهم، ونحن بعون الله وتوفيقه ماضون في ذلك بما مكننا سبحانه من قدرة ومقدرة. ومن هذا المنطلق وفي سبيل توفير جو الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام لن نسمح لأحد بتعكير صفو هذه الشعيرة المباركة أو النيل من أمن وفود الرحمن، فأمن الحجيج مسؤولية لا تقبل التراخي واللين، ولن نتعامل معها إلا بكل حزم وحسم، وقد هيأنا لذلك بحمد الله كافة الإمكانات البشرية والمادية لهدف خدمة وراحة وأمن ضيوف الرحمن؛ ليعودوا بإذن الله إلى أهلهم سالمين غانمين بحج مبرور وسعي مشكور، وذنب مغفور بإذن الرحيم الغفور. أيها الإخوة والأخوات: لقد حدثتكم في موسم حج سابق عن أهمية الحوار بين أتباع الأديان، حيث دعت المملكة العربية السعودية إلى فكرة الحوار وقوبلت بالترحيب، وباركتها الأسرة الدولية بأكملها. إن هدف إخوانكم في المملكة من هذا المشروع هو عزة الإسلام وخدمة الإنسانية، ونحن متفائلون بنجاح مثل هذه الأفكار الرامية إلى نبذ العنف والإرهاب الذي يكتوي عالمنا المعاصر بناره. اليوم نحن بحاجة إلى حوار الأمة مع نفسها لنبذ الفرقة والجهل والغلو التي تشكل عقبات تهدد آمال المسلمين، كما أن الإرهاب الذي يهدد العالم وينسب للمسلمين وحدهم سببه أفعال المتطرفين الخارجين عن سماحة الإٍسلام، وهم بأفعالهم هذه لا يمثلون غير أنفسهم وإن لبسوا ثوب الإسلام، والإسلام منهم بريء. ومن هذا المكان الطاهر أدعو إخواني قادة وشعوب الدول العربية والإسلامية إلى الاعتصام بحبل الله جميعا، ونبذ دواعي الفرقة والتحزب، لتفويت الفرص على أعداء الأمة المتربصين. أيها الإخوة والأخوات: في هذه المناسبة الإنسانية العظيمة، أدعوكم، وأدعو كل من تصل إليه كلماتي هذه، أيا كان، أن نتذكر ما يجمع بين الأديان والمعتقدات والثقافات، وأن نؤكد على ما هو مشترك، فبهذا نتجاوز خلافاتنا، ونقرب المسافات بيننا، ونصنع عالما يسوده السلام والتفاهم، ويعمه التقدم والرخاء. والله أسأل أن يتقبل حجكم، ويبارك سعيكم، ويعيدكم إلى أهليكم وذويكم سالمين غانمين، وقد نلتم فضل الحج العظيم بالقبول، ومغفرة الذنوب، إنه ولي ذلك والقادر عليه. كما أسأل الله تعالى أن يعيد أعياده على الأمة الإسلامية وهي بأحسن حال وأنعم بال. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». الشعب للملك: نحن بخير ورفاه ما دمت ترفل في حُلّة العافية «عكاظ» المكاتب بكل حميمية النقاء خاطب الملك عبد الله بن عبد العزيز شعبه.. بكل الفرح افترت الثغور عن ابتسامات غسلت النفوس، وزرعت الأمنيات لوطن أخضر. وللقائد، تقاطرت العبارات من كل مواطن أولاه كل الولاء. وأتت التعبيرية جامعة فياضة من الكل مستجيبة للمشهد الذي كرس تجسير العلاقة بين القائد وإخوته، أبنائه، وبناته، في ثنايا حديث لصيق بالنفس وسماحتها. وفي بلاد هي أكبر من أن تختزل في جغرافيا، وجديرة بأن تضم أقدس مقدساتنا، وأشمل من أن تحدها حدود، مسكونة بالهاجس التنموي، تجلت أبلغ مظاهر الوطنية والمواطنة التي لا تحتاج إلى بيان أو نداء، لا تحتاج إلى من يمهرها بتوقيع لأنها في الحدقات والقلوب. ومن حضن وطن لا يعرف النفور من الآخر، ولا يستسيغ إنكار الحقائق، تحدث أبناؤه، قاطنوه، محبوه، عاشقوه. إنها هبة الله التي تجعل الحاكم والمحكوم يجمعهما من الوشائج ينزع عنها الاستئثار، وتطوقهم بالود واحترام أمسهم وحب حاضرهم، وعشق مستقبلهم. بهذا اللسان تحدث الجميع: (لمزيد من التفاصيل أضغط هنا)